سيريا ستار تايمز - وكالة إخبارية عالمية


حشود عسكرية في منطقة نزاع بين الهند والصين.. هل يؤشر ذلك إلى مواجهة محتملة؟


حشود عسكرية على الحدود الصينية ــ الهندية المتنازع عليها تشير إلى إطالة أمد الأزمة المستمرة بين البلدين منذ عقود وتبدد فرص الحوار بين الجانبين المتنازعين بعد اشتباكات دامية شهدتها الحدود العام الماضي فهل يؤشر ذلك إلى مواجهة محتملة؟

اشتعال الاشتباكات على الحدود الصينية الهندية العام الماضي، لا تزال تداعياته موجودة بين البلدين المتنازعين ولاسيما بعد سقوط قتلى من جيشي الطرفين، ولا أفق واضح للتوتر الصيني الهندي المستمر منذ عقود، مع غياب أي مؤشر لبدء المحادثات بين البلدين. منطقة "لاداخ" الهندية الحدودية والتي تقع في جبال الهيمالايا، شهدت توتراً مع القوات الصينية، منتصف عام 2020، تطور إلى اشتباكات مسلحة أدت إلى مقتل العشرات على طرفي الحدود، في ظل هذا التوتر. وقالت صحيفة "ذا ديلي ميل"، أمس نقلاً عن صورة نشرتها وسائل إعلام صينية، إن دبابات صينية وهندية اصطفت على بُعد أمتار فقط، بعضها في مواجهة بعض، عند حدود البلدين المتنازع عليها في منطقة الهيمالايا. وتُظهر الصورة عربات مدرعة مصطفةً بعضها في مواجهة بعض، إلى جانب معدات تخييم وقوات مرافقة على طول 3200 كيلومتر، في المنطقة ذاتها التي أسفر قتال يدوي بين قوات من البلدين فيها العام الماضي عن مقتل 20 جندياً هندياً. الصحيفة البريطانية تقول إن الصورة نشرها "مدوّن عسكري" للمرة الأولى على موقع التواصل الاجتماعي الصيني "ويبو" Weibo، ثم نقلتها عنه بعض المواقع الإخبارية الموالية لبكين وهي تتباهى ببراعة دباباتها "تايب 15" المطورة حديثاً. ما كشفته الصحفية يصب في ما كشفته سابقاً صحيفة "تايمز أوف انديا" أيضاً عن نقل الصين نحو 10 آلاف جندي من قوات الاحتياط للتمركز عند خط السيطرة الفعلية وهو الخط الذي رسمه طرفا النزاع بعد حرب عام 1962. تصاعد حدة التوتر بدت واضحة أيضاً في تصريحات قائد الجيش الهندي الجنرال مانوج موكوند نارافان، الذي حذّر في خطاب أمام الجيش بالعاصمة نيودلهي من اختبار صبر بلاده في رسالة إلى خصومها، وفي مقدمتهم الصين. وقال نارافان، في خطابٍ له أمام الجيش بالعاصمة نيودلهي بمناسبة عيد "يوم الجيش": "لا ننصح أحداً باختبار صبرنا، فمعنويات قواتنا في لاداخ أعلى من قمم الجبال التي تدافع عنها"، مشيداً بما وصفها بـ"التضحيات الكبرى" للجنود "الشجعان" في وادي جالوان. وأكد أن بلاده "قادرة على الصمود على جبهة شرق لاداخ، لتحقيق الأهداف القومية مهما طال الزمن، في حال طال أمد المفاوضات مع بكين بهذا الشأن"، لكنه استدرك بالقول إن "نيودلهي ملتزمة بالبحث عن حل للأزمة الحدودية الهندية الصينية عبر الحوار الدبلوماسي والعسكري، من خلال المناقشات والجهود السياسية"، مؤكداً أن الجيش الهندي "اتخذ إجراءات سريعة عند خط السيطرة الفعلية" لتأمين الحدود، وقدّم "رداً مناسباً" على "مؤامرة" بكين لتغيير الحدود، وفق قوله.

ما تقوم به الهند هو تحرك غير مفهوم خاصة وأن التحرك الصيني كان معلوم من طرف الجانب الهندي، الصين قامت بهذا التحرك لأن خط التجارة الصيني الباكستاني، وأيضاً خط الحرير الذي تقوم الصين لإنشاءه، تعتبر منطقة "لاداخ" هي منطقة أساسية ومنطلق هذا الخط التجاري الصيني الذي يعتبر أكبر استثمار تجاري للصين خارج أراضيها، ولذلك تقوم الصين بحشد الجنود في "لاداخ" لحماية هذا الخط في منطقته الأساسية والتي يوجد بها الكثير من مهندسي الصينالذين كانوا قبل ذلك استهدفوا من قِبل المسلحين وكان هناك عمليات اغتيال متواصلة تحذ لهم، لذلك انتشر الجيش الصيني في المنطقة بعلم من الجانب الهندي وأيضاً بعلم من الطرف الباكستاني، حيث أن "لاداخ" هي منطقة ثلاثية الحدود. الآن تقوم الهند بهذا التصرفات استماعاً للتوجيهات الأميركية لأن واشنطن والإدارة الأميركية ترى أن قيام الصين بتوسيع نفوذها الاقتصادية وبسط سيطرتها على هذه المنطقة يعتبر أمر مخالف للاستراتيجيات الأميركية في المنطقة، وتجد الولايات المتحدة نفسها الآن تضعف بسبب خروجها من أفغانستان وتراجع القوات الأميركية في المنطقة، وهذا ما تستغله الصين، لذلك ترى واشنطن أن الحل الوحيد هي دعم الهند وجعلها المعطل الأول للتمدد الصيني. من جهتها، باكستان تدعم بشكل كبير وواضح التحرك الصيني، وتريد للصين أن تنفذ مشروعها التجاري "خط الحرير" حتى يكون لباكستان دور أساسي في هذا المشروع، خاصة وأن موانئ الباكستان سيكون لها الدور الأبزر كمنافذ لمشروع "طريق الحرير"، لذلك فكل من الصين والباكستان تسعيان لإيجاد مناخ من الاستقرار في المنطقة، لكن الهند والتوجيهات الأميركية ترفض أن يكون هذا الاستقرار موجود. ورغم أن وقوع اشتباكات بين الصين والهند هو أمر متوقع، إلا أن الصين تحاول للآن كبح جماحها، وألا يكون هناك مواجهات عسكرية بينها وبين الهند، في حين أن الأخيرة تسعى لدفع الصين نحو حرب حتى لو كانت حرباً محدودة. يجدر الذكر، أن الجانب الإسرائيلي أيضاً ليس بمنأى عن هذا التوتر، وتؤكد تقارير وجود خبراء استاتيجيين إسرائيليين في منطقة "لاداخ" مما يزيد من المخاوف الصينية والباكستانية. يُذكر أنه منذ اشتباك حزيران/ يونيو 2020، الذي يُعد أول قتال يسفر عن قتلى من البلدين منذ 45 عاماً، عملت الصين والهند على تعزيز مواقعهما بشدة على جانبي منطقة لاداخ الهندية، ونشرتا آلاف الجنود في المنطقة.

سيريا ستار تايمز - syriastartimes,