سيريا ستار تايمز - وكالة إخبارية عالمية


بايدن يخطط لتوقيع نحو 10 أوامر تنفيذية في أولى أيام توليه الرئاسة وما حجم ارتباط القرار الأوروبي بالسياسات الأميركية؟


سيكون اليوم الأول لبايدن في المنصب يوماً مزدحماً، حيث يخطط آنذاك للتوقيع على ما يقرب من عشرة أوامر تنفيذية، إما بإلغاء التحركات التي اتخذتها إدارة ترامب أو دفع السياسة بطريقة كانت مستحيلة مع ترامب في البيت الأبيض. 


يخطط الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن لبدء فترة ولايته الأولى بسلسلة من الإجراءات، حيث يوقع عشرات من الأوامر التنفيذية في أول بضعة أيام له في المنصب كجزء من حملة مُصممة لتصوير إدارة لديها فيض من القضايا التي يجب معالجتها بعد أربع سنوات من فترة الرئيس دونالد ترامب. سيكون اليوم الأول لبايدن في المنصب يوماً مزدحماً، حيث يخطط آنذاك للتوقيع على ما يقرب من عشرة أوامر تنفيذية، إما بإلغاء التحركات التي اتخذتها إدارة ترامب أو دفع السياسة بطريقة كانت مستحيلة مع ترامب في البيت الأبيض. وتشمل الأوامر، وفقاً لمذكرة من رئيس موظفي البيت الأبيض الجديد رون كلاين، إعادة الانضمام إلى اتفاقية باريس للمناخ، وإنهاء حظر السفر المفروض على الدول ذات الأغلبية المسلمة، ووقف عمليات الإخلاء ومدفوعات قروض الطلاب أثناء تفشي فيروس كورونا وإلزام ارتداء القناع في جميع الممتلكات الفيدرالية. كان أحد وعود بايدن الأكثر شيوعاً خلال الحملة الانتخابية هو معالجة مشكلة في أول يوم له في منصبه، وهو أمر كان يفعله عادةً إما لمقارنة نفسه مع الرئيس الجمهوري أو إبراز مدى أهمية اعتقاده بوجود مشكلة. وتم تقديم هذه الوعود في كل شيء من تغير المناخ إلى الهجرة إلى السياسة الخارجية، وهو ما تعكسه مذكرة كلاين. وكتب كلاين، في المذكرة: "خلال الحملة، تعهد الرئيس المنتخب بايدن باتخاذ إجراءات فورية لبدء معالجة هذه الأزمات وإعادة البناء بشكل أفضل. كرئيس، سيحافظ على تلك الوعود ويوقع العشرات من الأوامر التنفيذية والمذكرات الرئاسية والتوجيهات لأجهزة مجلس الوزراء وفاءً بالوعود التي قطعها". إلى جانب الإجراءات التنفيذية في أيامه الأولى في المنصب، توضح المذكرة أن بايدن يخطط لإرسال خطة هجرة واسعة النطاق إلى الكونغرس خلال أول 100 يوم له في منصبه. كما ستوفر الخطة طريقاً للحصول على الجنسية لملايين المهاجرين غير الشرعيين الموجودين حالياً في الولايات المتحدة. هذا وطرح بايدن أولوياته التشريعية الأولى هذا الأسبوع، حيث أعلن عن حزمة إغاثة بقيمة 1.9 تريليون دولار من فيروس كورونا شملت مدفوعات مباشرة للأميركيين، موضحاً خلال خطاب حول الخطة أنه يريد أن تكون القضية الأولى التي يتناولها الكونغرس بعد تنصيبه. في اليوم التالي لتنصيب بايدن، وفقاً لكلاين، سوف "يوقع الرئيس على عدد من الإجراءات التنفيذية للتحرك بقوة لتغيير مسار أزمة كوفيد – 19 وإعادة فتح المدارس والشركات بأمان، بما في ذلك من خلال اتخاذ إجراءات للتخفيف من انتشار المرض. من خلال توسيع نطاق الاختبار وحماية العمال ووضع معايير واضحة للصحة العامة ". وفي 22 كانون الثاني/يناير، سيوجه بايدن وكالات حكومته إلى "اتخاذ إجراءات فورية لتقديم الإغاثة الاقتصادية للأسر العاملة التي تتحمل وطأة هذه الأزمة"، حسب مذكرة كلاين. ويواجه بايدن مخاوف أمنية قبيل تنصيبه، بسبب التهديدات الأخيرة التي يواجهها، إلا أنه قال إنه يشعر بالأمان قبيل مراسم تنصيبه رئيساً الأسبوع المقبل. غير أن مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي "إف بي آي" حذر من احتمالية استخدام عبوات ناسفة خلال التظاهرات المعارضة لتنصيب جو بايدن. وتحذير "إف بي آي" تلاه اعتقال شرطة الكابيتول رجلاً من ولاية فيرجينيا أثناء محاولة المرور عبر نقطة تفتيش للشرطة وسط واشنطن، يحمل أوراق اعتماد مزيفة لحفل تنصيب بايدن ومسدساً وأكثر من 500 طلقة. وينتشر الآن آلاف من أفراد الحرس الوطني المسلحين في شوارع واشنطن وفي مبنى الكابيتول، في استعراض للقوّة لم يسبق له مثيل في العاصمة الأميركيّة، كما سيتمّ خلال الأيام المقبلة منع الزيارات إلى عدد من المعالم الشهيرة بأنحاء البلاد. يذكر أن الولايات المتحدة تعيش حالة من التوتر والاستنفار منذ تاريخ 6 كانون الثاني/يناير الجاري، مع هجوم أنصار ترامب على مبنى الكابيتول خلال جلسة المصادقة على فوز بايدن.


جلياً يظهر قبول الاتحاد الأوروبي بالانزواء تحت عباءة واشنطن من خلال تقنينه العلاقات مع كل من الصين وروسيا وطريقة تعامله مع الملف النووي الإيراني، فهل سيشهد العالم أوروبا جديدة بعد انتهاء ولاية ترامب؟


يمكن النظر إلى قراري الساعات الأخيرة بشأن فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على وزير الخارجية السورية فيصل المقداد، والقرار الآخر بانسحاب موسكو من اتفاقية الأجواء المفتوحة، من خلفية مشتركة واحدة وهذه الخلفية تتعلق بتبعية الاتحاد الأوروبي للولايات المتحدة وإلحاق قراره بها. لا حاجة للتبحّر في علم الفراسة لمعرفة بواطن النظرة الأميركية للنظير الأوروبي، فالأمر لا يتعلق بالرئيس الأميركي دونالد ترامب وإن بدا كذلك، لعل ما فعله الأخير أنه فقط تخلى عن اللباقة الدبلوماسية لإخفاء التبعية الأوروبية لاغير، لقد كشف خلال سنوات حكمه ما كان يترفّع الأوربيون عنه، هل هم حقا أسياد قرارهم؟ في ساعات متقاربة يمكن رصد قرارين أوروبيين يعكسان الإخفاق الأوروبي في الخروج من العباءة الأميركية. في القرار الأول، ينضم الاتحاد الأوروبي إلى سياسة الضغط الأميركية ضد سوريا ليصدر عقوبات ضد وزير الخارجية السوري الجديد فيصل المقداد، في خطوة لا تبدو منسجمة مع تراجع صوت المعارك العسكرية في سوريا ولا فائدة مرجوة منها إلا زيادة التعقيد تعقيداً ومساعدة أميركا في وضع العراقيل في مسار الحل. أما القرار الثاني، فقد صدر من موسكو مع إعلانها بدء اجراءات الانسحاب من معاهدة الأجواء المفتوحة لأن الاتحاد الأوروبي ظل يسلم المعلومات التي يحصل عليها من موسكو إلى واشنطن، على الرغم من انسحاب الأخيرة من الاتفاقية. إذاً الاتحاد الأوروبي على اختلاف دوله وعمق مصالح الاستراتيجية مع روسيا وشدة تمسكه بمعاهدة أمنية عالية الأهمية لأمنه الاستراتيجي، لم يستطع إغضاب أميركا المنسحبة أساساً من الاتفاق، فسارع لتقديم ما تريده من معلومات مخاطراً بالوصول إلى نقطة توتر عالية يدفع بنفسه ثمنها. إعلان موسكو الانسحاب من معاهدة الأجواء المفتوحة رداً على الخطوة الأميركية ذاتها، يظهر أن قيمة الاتفاق كانت بالتوقيع الروسي والأميركي فيما الآخرون مجرد ملحقين بواشنطن. هكذا ارتأت أوروبا أن تؤدي دور التابع للسياسات الأميركية، مع العلم أن دولاً بقدرات أقل واقتصاد أضعف استقلت بقرارها وحفظت سيادتها أمام محاولات الهيمنة الأميركية، والأمثلة على الانصياع الأوروبي للقرارات الأميركية كثيرة، لكن يبقى السؤال لماذا؟ ما الذي يجعل أوروبا الجارة لروسيا تنحاز للمصالح الأميركية فيما مصالحها الحيوية السياسية والاقتصادية تقتضي التفاهم مع موسكو، رغم أن ترامب أهان خلال ولايته الأوروبيين بكل معنى الكلمة، وفرض على تجارتهم رسوما إضافية، كما خرج من اتفاقيات وقعها أسلافه، ومع ذلك يساندونه في حروبه العبثية حول العالم. لا يبدو أن الأوروبيين يسعون لاستعادة أمجادهم عندما كانوا يقودون العالم، من يراقب سياساتهم في السنوات الأخيرة يخرج بخلاصة أن الاتحاد الاوروبي ارتضى أن ينزوي تحت العباءة الأميركية رغم كمّ الإهانات التي صدرت عن ترامب تجاهه على مدى سنوات رئاسته، تلك الإهانات التي استدعت ردوداً أوروبية خجولة لعل أبرزها كان لرئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك عندما دعا ترامب وواشنطن إلى احترام حلفائهما. لكن الغضب الأوروبي لم يخرج عن هذا الإطار لا بل اتضح أن ترامب نجح في ترويض سياسات الاتحاد الأوروبي لتصبح انعكاساً للقرارات الأميركية، وهذا بدا جلياً من خلال التقنين الأوروبي في العلاقات مع الصين وروسيا لكنها بدت مكشوفة أكثر في تعاملها مع الملف النووي الإيراني. الكاتب والمحلل السياسي كامل حواش أكد أنه "في العلاقة بين ترامب وأوروبا كانت 4 سنوات صعبة نتمنى أن تنتهي"، مشيراً إلى أن "خروج روسيا من معاهدة الأجواء المفتوحة قد يكون بسبب تسريب المعلومات لواشنطن". حواش قال، إن "ما يوحد التوجه الأميركي والأوروبي ضد إيران هو رفض حصولها على السلاح النووي"، موضحاً أن "ترامب كان دائماً يعطل كل شيء ولا يؤمن بالاتفاقات متعددة الأطراف".

في الملف النووي، تضغط أوروبا مجدداً على إيران، وفي أحدث المواقف الاوروبية تجاه الملف، اعتبرت كل من فرنسا وألمانيا وبريطانيا أن إنتاج طهران معدن اليورانيوم لا يتمتع بمصداقية مدنية وله آثار عسكرية خطيرة. البيان يأتي رداً على إبلاغ إيران الوكالة الدولية للطاقة الذرية أنها تتقدم في إنتاج معدن اليورانيوم ليشكل وقوداً لأحد المفاعلات، وأشارت الدول الثلاث إلى أنه بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة يجب التزام الجانب الإيراني بعدم إنتاج معدن اليورانيوم وعدم إجراء البحوث والتطوير في مجال تعدين اليورانيوم لفترة 15 سنة ودعا البيان طهران إلى العودة للامتثال الكامل بالتزاماتها بموجب الاتفاق النووي "إذا كانت جادة في الحفاظ على الاتفاقية". مدير المركز العربي للدراسات السياسية والاجتماعية رياض الصيداوي لفت إلى أن "أميركا تمنن أوروبا لتحريرها من هتلر"، معتبراً أن "أوروبا مستعمرة أميركية منذ الحرب العالمية الثانية". الصيداوي قال ، إن "فرنسا هي الدولة الاكثر حماسة وعدوانية ضد سوريا ربما لأسباب استعمارية"، منوهاً إلى أنه "لدى فرنسا رغبة عميقة في إزالة النظام في سوريا". وأشار إلى أن "بيان الثلاثي الأوروبي حول انتاج إيران لمعدن اليورانيوم سياسي أكثر منه تقني"، مشدداً على أن "أوروبا وجدت أن مصلحتها بالتحالف مع الأميركيين خوفاً من النمو والازدهار الصيني".

إذاً، يكاد التمايز الأوروبي الأميركي في المواقف السياسية لا يتجاوز حد الاختلافات الهامشية، فللأمر أبعاد سياسية تتعلق بالمصالح المشتركة وأبعاد فكرية تتعلق بجذور الفكر الاستعماري المشترك بين الطرفين، وأبعاد اقتصادية تتعلق بهيمنة الدولار الأميركي وقوته.

سيريا ستار تايمز - syriastartimes,