النفط لعبة محفوفة بالمخاطر للسعودية
يمارس الرئيس الأميركي دونالد ترامب وولي العهد السعودي محمد بن سلمان لعبة خطرة، قد تكون عواقبها وخيمة على صناعة النفط الأميركي، وعلى العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة والمملكة. وتقول الكاتبة كارين إليوت هاوس في مقال نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية؛ إن ترامب وقف إلى جانب ولي العهد السعودي بقوة عندما تورّط في عملية اغتيال الصحفي جمال خاشقجي، لكن ذلك لم يمنع محمد بن سلمان من تهديد صناعة النفط الأميركي ومصالح الولايات المتحدة، وحتى مصالح حليفه دونالد ترامب الذي يستعد لسباق البقاء في العهدة الرئاسية الثانية. وأشارت إلى أن محمد بن سلمان قرر في مارس/ آذار الماضي إغراق السوق العالمي بالنفط؛ من أجل الضغط على روسيا، وتزامن ذلك مع جائحة كورونا التي ضربت العالم، وهو ما أدى إلى هبوط تاريخي في أسعار النفط. وتدخّل ترامب لاحقا وأقنع السعودية وروسيا وكبار منتجي النفط بخفض الإنتاج، لكن الخطوة التي اتخذتها "أوبك بلس" لم تغيّر المشهد كثيرا، حيث بقيت الأسعار في أدنى المستويات مع انخفاض الطلب على النفط في جميع أنحاء العالم. وأكدت الكاتبة أن المخاطر تزداد يوما بعد يوم على الرئيس ترامب وحليفه ولي العهد السعودي، فمكانة الولايات المتحدة كأكبر منتج للنفط في العالم تتآكل، ويتآكل معها اكتفاؤها الذاتي، في حين تواجه السعودية أسوأ كارثة مالية لها منذ سنوات عديدة، في ظل استقرار أسعار النفط عند ثلاثين دولارًا للبرميل، والأسوأ من ذلك أنها قد لا تجد الدعم الكافي في الظرف الحالي من حليفها الأميركي. لكن الكاتبة ترى أن هناك إمكانية لتصحيح الأوضاع، سواء في ما يتعلق بإعادة أسعار النفط إلى سابق عهدها، أو تخفيف التوتر في العلاقات الثنائية، ويتطلب ذلك -من وجهة نظرها- إجراءات سريعة من ولي العهد السعودي، وتجاوبا من الرئيس الأميركي قبل قمة "أوبك بلس" في 10 يونيو/ حزيران القادم. واعتبرت أن بن سلمان وترامب يمكنهما العمل سويا لإعادة الاستقرار إلى سوق النفط العالمي، أما إذا استمرا في "لعبة البوكر" الخطرة -على حد تعبيرها- فإنهما سيخسران كثيرا.
لعب ترامب بورقة قوية الأسبوع الماضي عندما أعلنت إدارته سحب بطاريات صواريخ باتريوت التي تم إرسالها في وقت سابق لحراسة منشآت النفط السعودية التي تعرضت لهجوم إيراني بطائرة مسيرة. وفي غضون يوم واحد، تعهد ولي العهد بتخفيض الإنتاج، ولكن ليس بالقدر الكافي لإعادة التوازن بين العرض والطلب على مستوى عالمي. ويرى المحللون أن الأزمة الأخيرة وحالات الإفلاس ستؤديان إلى تقليص إنتاج النفط الصخري الأميركي إلى نحو 20% بحلول ديسمبر/ كانون الأول المقبل. لكن المخاطر بالنسبة للسعوديين ستكون أكبر من ذلك -حسب المقال- إذ يواجه ولي العهد عجزا ماليا هائلا، في حين أنه يحتاج إلى أن يكون سعر برميل النفط في حدود ثمانين دولارا حتى يتمكن من تمويل الإنفاق الحكومي بمستوياته العادية. ومن المتوقع -حسب الكاتبة- أن تضع الأزمة المالية حدا لخطته الطموحة "رؤية 2030" التي تهدف إلى الحد من اعتماد الاقتصاد السعودي على النفط. وأعلنت السعودية مؤخرا عن تدابير تقشف "مؤلمة"، إذ ألغت بدل غلاء المعيشة عن الموظفين الحكوميين، وضاعفت ضريبة القيمة المضافة ثلاث مرات، لتصل إلى 15%.
لا يزال ترامب يمارس اللعبة ببراعة، حيث إن سحب بطاريات صواريخ باتريوت من السعودية لا يعني أن التهديد الإيراني قد تضاءل، بل تضاءل الدعم السياسي للسعودية من النواب الجمهوريين عن الولايات المنتجة للنفط. وفي تحذير للرياض، قال تيد كروز النائب عن ولاية تكساس "إذا كنتم تريدون التصرف مثل أعدائنا، فسنعاملكم كأعداء". وتختم الكاتبة بالقول إنه يجب على السعوديين تقليص إنتاج النفط لثلاثة أسباب رئيسية: أولها أن وفرة العرض في السوق ستجبرهم على تخفيض الإنتاج لأنه لا مجال لبيعه. ثانيا أن تراجع الدعم الأميركي سيزيد تعنت إيران، ويضع السعودية أمام خطر محدق. ثالثا أن تراجع حظوظ ترامب في الفوز بعهدة جديدة يعني ببساطة فوز الديمقراطيين الذين يتوقون إلى معاقبة السعودية بسبب انتهاكات حقوق الإنسان، ويتطلعون إلى تحسين العلاقات مع طهران.