ما علاقة أسعار النفط بطلب سلطنة عمان الحصول على قرض تمويل جديد؟
تعمل سلطنة عمان خلال الأيام الجارية على إنهاء الإجراءات الخاصة للحصول على قرض إعادة تمويل، مع رفع حجم التمويل إلى أربعة مليارات دولار، بحسب خبراء اقتصاد من السلطنة. وقال الخبراء في حديثهم"، إن الوقت الراهن هو الأنسب من أجل الحصول على القرض، خاصة في ظل ارتفاع أسعار النفط الي ترتب عليها نسبة فائض تسمح بتسديد الدفعات بشكل أمن. يشارك في ترتيب القرض 23 مصرفا خليجيا وأجنبيا، كما رفعت وكالة "ستاندرد آند بورز" للمرة الأولى منذ سبعة أعوام تصنيفها الائتماني للسلطنة من"+B" إلى "-BB". وبحسب تقرير "الآفاق الاقتصادية العالمية" للبنك الدولي، الذي نشره على موقعه الإلكتروني مؤخرا، سجلت السلطنة نموا للناتج المحلي الإجمالي بلغ 3% عام 2021، متوقعا ارتفاع المعدل إلى 3.4% خلال عام 2022، و4.1% العام المقبل.
في يناير/ كانون الثاني أعلنت وزارة المالية العمانية، أنها خفضت عددا من الموازنات الحكومية للدولة، والمصروفات التشغيلية والإدارية لبعض القطاعات، وقامت بزيادة الوعاء الضريبي؛ وذلك بسبب تداعيات جائحة كورونا وانخفاض أسعار النفط. من ناحيته قال الباحث والأكاديمي، أنور الرواس، إن سلطنة عمان لم تكن لتقدم على طلب المزيد من القروض لولا وجود فائض من بيع أسعار النفط والغاز، حيث أعطى الفائض سلطنة عمان مساحة للتحرك مع الدائنين، وكذلك البنوك المحلية والإقليمية والعالمية. ولفت إلى ضرورة الأخذ في الاعتبار أن وكالة "ستاندرد آند بورز" رفعت تصنيفها الائتماني لسلطنة عمان مع نظرة مستقبلية لأول مرة منذ عام 2015 نتيجة مؤشرات المالية العامة للدولة وانخفاض مخاطر الدين العام. وأضاف في حديثه، أن القراءات تشير إلى أن سلطنة عمان تمضي بخطى مدروسة لتجاوز الأزمة المالية، وانطلاقها في ذلك للتقليل من مخاطر الدين العام. تتزامن الخطوات مع توجيهات السلطان هيثم بن طارق للحكومة بتنفيذ مشروعات تنموية ذات أولوية قصوى، خاصة في ظل وجود فائض مالي يتم استخدامه بتوجيهات السلطان، لما فيه المصلحة العامة. ويرى الأكاديمي العماني أن بعض الدروس تتم الاستفادة منها، خاصة أن السلطنة واجهت وضعا صعبا منذ عام 2020 بهبوط حاد في أسعار النفط وجائحة كورونا. دفعت الأوضاع حينها إلى خروج شركات من السوق وإفلاس البعض وتقليص الموظفين والرواتب في بعض الشركات.
واضطرت الحكومة بسلطنة عمان إلى فرض التقاعد الإجباري في الحكومة، بتوجيهات السلطان هيثم بن طارق، ليتسنى له الموازنة بين الإيرادات والمصروفات. كما اضطرت إلى تطبيق ضريبة القيمة المضافة ورفع الدعم عن الكهرباء والمياه، ورفع رسوم القوى العاملة الوافدة، مما اضطر البعض إلى إغلاق أعمالهم وتحمل الخسائر المالية ومواجهة المحاكم، بحسب الرواس. وأشار إلى أن التركيز في البداية اتجه نحو إنقاذ الدولة من أزمتها المالية، حيث سعى السلطان هيثم بن طارق بنفسه للمتابعة اليومية لإنجاح توجه خطة التوازن المالي. ويرى أن ارتفاع أسعار النفط والغاز يدفع بالسلطنة للتخفيف على المواطنين، وكذلك العودة التدريجية لما كان عليه في السابق، وفق ضوابط تشريعية وقانونية تلتزم بها الأطراف الرسمية والخاصة والمجتمعية كافة. في الإطار قال الاقتصادي العماني خلفان الطوقي، إن السلطنة رأت أن الوقت الحالي مناسب لرفع حجم التمويل إلى 4 مليارات، خاصة بعد ارتفاع تصنيفها الائتماني، وهو ما يجعل نسب الفائدة هي الأفضل بالنسبة للسلطنة. وأضاف في حديثه"، أن السلطنة مطالبة بضخ المزيد من المبالغ المالية لتنفيذ خططها التنموية، حيث أن الخطة تتضمن وقف الهدر في الهيئات والوزرات الحكومية، وهو ما يسمى ببرنامج التوازن المالي، ومن الناحية الأخرى التوازن الاقتصادي عبر تحفيزه بضخ الأموال، خاصة فيما يتعلق بالخطة الخمسية العاشرة.
ويرى أن القرض الحالي لا يشكل أي خطر على وضع السلطنة، مع ارتفاع أسعار النفط والغاز، الأمر الذي أتاح للسلطنة دفع الدفعات المستحقة من الفائض من أسعار النفط. ولفت إلى أن فارق أسعار النفط يصل إلى نحو 20 دولارا يمكن استثمارها في دفع الدفعات المستحقة، ويجعل الوضع في حالة آمنة. رغم التفاؤل والخطوات الإيجابية يشير الاقتصادي إلى أن السلطنة يمكن أن تواجه تحديات في المستقبل إذا هبط سعر النفط لأقل من 70 دولار، حيث أن الوضع الجيد لها يتمثل في بقاء الأسعار عند 85- 90 دولارا. وبلغت جملة الإيرادات المقدرة للميزانية العامة للدولة للعام 2021، والتي تم احتسابها على أساس سعر النفط 45 دولار للبرميل، نحو 8.64 ريال عماني (22.464 مليار دولار). وانخفضت قيمة الإيرادات بنحو 19% عن الإيرادات المقدرة للعام الماضي؛ كما انخفضت قيمة المصروفات بحوالي 14% عن الإنفاق المقدر لـ 2020. وبلغت نسبة العجز في الميزانية نحو 8% من الناتج المحلي حينها؛ على أن يتم تمويل ما نسبته 73% من العجز (1.6 مليار ريال عماني)، من خلال الاقتراض الخارجي والمحلي، مع تمويل باقي العجز والمقدر بنحو 600 مليون ريال، عبر السحب من الاحتياطيات.