يستذكر أبناء الشعب الياباني والعالم اليوم الذكرى 78 لإلقاء القنبلة النووية من قبل الولايات المتحدة على مدينة هيروشيما اليابانية، والتي تسببت بأكبر كارثة إنسانية عبر التاريخ، خلفت وراءها عشرات الآلاف من الضحايا ودمرت المدن فضلاً عن الأضرار البيئية والصحية الخطيرة التي ما زالت ماثلة حتى يومنا هذا.
القصف الأمريكي الأول في تاريخ البشرية بالقنبلة الذرية على مدينة هيروشيما تم في السادس من آب من عام 1945 في أواخر الحرب العالمية الثانية، وبعد نحو ستة أشهر من حملة قصف موسعة قامت بها واشنطن مستهدفة 67 مدينة يابانية كانت من بينها العاصمة طوكيو التي استُهدفت بالقنابل الحارقة.
الهجوم النووي الأمريكي جاء بعد التحذير الأخير الذي طلب فيه الرئيس الأمريكي آنذاك هاري ترومان من اليابان الاستسلام، فيما عُرف حينها بـ(إعلان بوتسدام) والذي ينص على استسلام اليابان استسلاماً كاملاً من دون أي شروط ضمن مهلة محددة، وهو ما رفضه رئيس الوزراء الياباني آنذاك كانتارو سوزوكي متجاهلاً المهلة التي حددها إعلان بوتسدام.
في مثل هذا اليوم من عام 1945 أسقطت قاذفة القنابل الأمريكية من طراز بي 29 والمسماة إينولا غاي القنبلة المسماة (الولد الصغير) التي لم تُختبر من قبل فوق مدينة هيروشيما، وكان يبلغ وزنها 4.5 أطنان من اليورانيوم، ومن ارتفاع 1980 قدماً، وذلك عند الساعة الثامنة والربع صباحاً عندما كان معظم سكان المدينة في الشوارع متجهين لأعمالهم، لتتحول خلال لحظات المدينة إلى كتلة من اللهب، وبعد مرور نحو ساعتين على الانفجار الهائل سقطت أمطار سوداء شحمية في أماكن متفرقة من المدينة كانت بفعل اختلاط أبخرة الماء مع المواد النووية المشعة.
وأسفرت هذه الكارثة عن سقوط نحو 140 ألف قتيل أي نحو 30 بالمئة من عدد السكان ومثلهم من الجرحى الذين مات معظمهم لاحقاً متأثرين بالتسمم الإشعاعي الناتج عن التفجير، فيما وصل ارتفاع سحب الدخان الناتج عن الانفجار إلى 1000 متر فوق سطح المدينة، وكانت قوته تعادل 10 آلاف طن من مادة تي ان تي ولا تزال إلى يومنا هذا تنتشر بين سكان مدينة هيروشيما أمراض سرطان الدم وغيره من السرطانات المختلفة والتشوهات الخلقية بين الأطفال وغير ذلك من الأمراض الناجمة عن الإشعاعات النووية، إضافة إلى الأضرار البيئية الكبيرة وعدم نمو النباتات على أرضها.
وبعد عشرات السنين من الجريمة الأمريكية على قنبلة هيروشيما والتي تبعها بعد ثلاثة أيام إلقاء قنبلة نووية أخرى على مدينة ناغازاكي، اعتبرت واشنطن هذه الكارثة مجرد تجارب نووية وفق موقع (انتي وور) الأمريكي، فيما قالت مجلة فورين بوليسي الأمريكية: إن الأمريكيين لم يستوعبوا حتى الآن حجم الدمار الذي تسببت به حكوماتهم حول العالم.
وكشفت المجلة الأمريكية أن المسؤولين الأمريكيين قاموا أيضاً بإخفاء وتحريف المعلومات حول النشاط الإشعاعي الذي لا يزال مستمرا في قتل المدنيين اليابانيين من خلال الأمراض السرطانية وغيرها.
ولا شك أن إلقاء القنبلة الذرية على اليابان قبل 78 عاماً كان البداية للكشف عن وجه أمريكا الإجرامي حول العالم، وما يؤكد ذلك أن واشنطن انتهجت طوال العقود الماضية سياسة العدوان والتدخل في شؤون الدول الأخرى، لتحقيق مصالحها الاستعمارية في السيطرة وفرض الهيمنة على الدول ونهب ثرواتها ومقدراتها، فكان تدخلها العسكري في فيتنام ويوغسلافيا والعراق وأفغانستان وليبيا وسورية، حيث أدت تلك التدخلات المخالفة لمبادئ القانون والشرعية الدولية إلى مقتل وتشريد ملايين الأشخاص، إضافة إلى تدمير هائل في البنى التحتية لشعوب تلك الدول، وهو ما يثبت بلا لبس أن أمريكا لا تزال مصدر التهديد الرئيسي للأمن والاستقرار الدوليين ومنع الشعوب من تقرير مصيرها.
طبول الحرب النووية تدق من جديد
حذر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، اليوم من أن "طبول الحرب النووية تدق مرة أخرى".
وحث في رسالة بمناسبة الذكرى الـ78 للقصف الذري على هيروشيما، المجتمع الدولي على التعلم من "الكارثة النووية"، التي حلت بالمدينة اليابانية في 6 أغسطس/ آب 1945.
وقال أنطونيو غوتيريش: "طبول الحرب النووية تدق مرة أخرى، إن عدم الثقة والانقسام آخذان في الازدياد، والشبح النووي الذي كان يلوح في الأفق على الحرب الباردة قد ظهر من جديد".
وأشار الأمين العام للأمم المتحدة في خطابه، من أن "بعض الدول تدق بشكل متهور بالسيف النووي مرة أخرى، وتهدد باستخدام أدوات الإبادة هذه، ولمواجهة هذه التهديدات، يجب على المجتمع العالمي أن يتحدث بصفة واحدة".
وأكد أن "المنظمة ستواصل العمل مع قادة العالم لتعزيز النظام العالمي لنزع السلاح وعدم الانتشار، بما في ذلك من خلال معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية ومعاهدة حظر الأسلحة النووية".
وألقى كلمة أنطونيو غوتيريش، الممثل السامي للأمم المتحدة لشؤون نزع السلاح، إيزومي ناكاميتسو.