أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن التحديات الأمنية التي يواجهها العالم ناتجة عن التصرفات المتهورة والأنانية للدول الغربية، مشدداً على أن تأسيس العالم متعدد الأقطاب سيكون حلا لأغلب المشاكل والأزمات.
وقال بوتين في كلمة عبر الفيديو خلال افتتاح مؤتمر موسكو الـ 11 للأمن الدولي: “إن ممثلي وزارات الدفاع والدبلوماسيين والخبراء اجتمعوا مرة أخرى في موسكو لمناقشة القضايا المدرجة على جدول الأعمال العالمي والإقليمي، وهذا مهم جدا في هذا الوقت للجميع، حيث علينا أن نؤسس لعالم متعدد الأقطاب، فالكثير من الدول تريد الحفاظ على سيادتها ومصالحها الوطنية وتعمل على تعزيز المراكز الاقتصادية والسياسية الجديدة، وسيكون ذلك أساسا للتطور المستدام للعالم وحلا لجميع المشاكل”.
وأوضح بوتين أن حلف شمال الأطلسي الناتو يحاول تعزيز قدراته الهجومية، ويقوم باستخدام الوسائل العسكرية وغير العسكرية للضغط، ويقوض كل معاهدات الحد من انتشار الأسلحة، والولايات المتحدة تحاول إعادة صياغة نظام العلاقات الدولية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ بما يخدم مصالحها.
وأشار بوتين إلى أن الدول الغربية تخطط لدمج قوات الناتو مع تكتل “أوكوس” للقيام بالمزيد من المغامرات الجيوسياسية والتلاعب بالشعوب وإحداث الصراعات وإجبار بلدان أخرى على الانصياع لها، في إطار الاستعمار الجديد، لافتاً إلى أن مسألة صب الزيت على النار تظهر في أوكرانيا، حيث يتم دعم النظام النازي وتزويده بالسلاح والعتاد والمرتزقة لتأجيج الصراع وجر دول أخرى إليه.
وشدد بوتين على أن الحد من هذه الأزمات يكون فقط بتعزيز التعاون والثقة بين الدول، وتوحيد جهود المجتمع الدولي لبناء عالم متعدد الأقطاب قائم على المساواة واحترام مصالح جميع الدول.
من جهته، قال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو: إن العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا وضعت نهاية لهيمنة القطب الواحد على الأمن العالمي، وبددت الكثير من الأساطير بشأن الأسلحة وقدرات “الناتو”، مشيراً إلى أن المستشارين والمرتزقة الأجانب يشاركون في المعركة، ومع ذلك لا تتمكن أوكرانيا من تحقيق أي نجاح على الأرض، حيث تمكنت القوات المسلحة الروسية من صد الهجوم الأوكراني المضاد، كما أن القدرات العسكرية لأوكرانيا بدأت تنتهي وتتلاشى.
ولفت شويغو إلى أن الولايات المتحدة توفر القذائف العنقودية المحرمة دولياً لنظام كييف، مبيناً أنه لدى موسكو أيضا هذه الذخائر لكنها لا تستخدمها لاعتبارات إنسانية.
وبين شويغو أن الغرب يقوم بإشعال الحروب والصراعات في جميع أنحاء العالم لفرض مصالحه الخاصة، كما يعمل على تعزيز وجوده العسكري في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية وفي منطقة المحيطين الهندي والهادي، ويقيم تحالفات مثل “أوكوس” من أجل الردع النووي بدلا من حل القضايا الأساسية لنشر الأمن والاستقرار في جميع أنحاء العالم، وهذه التصرفات لا ترضي الكثير من الدول.
وأشار شويغو إلى أن الأوضاع إيجابية في منطقة الشرق الأوسط، فعودة سورية إلى الجامعة العربية عامل استقرار في المنطقة بأكملها، وكذلك تطبيع العلاقات بين إيران والسعودية يساعد على زيادة الأمن فيها، موضحاً أن الولايات المتحدة ما زالت تحاول زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط، لذلك يجب الاستعداد لجميع السيناريوهات.
ولفت شويغو إلى أن روسيا تأخذ على عاتقها الدور الرائد لتحرير الدول من هيمنة القطب الواحد، وإقامة العلاقات بين الدول على أساس الاحترام والمصالح المتبادلة، كما أن مساعدة الدول الحليفة وتعزيز استقرارها من المهام الأساسية لها.
بدوره، بين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن الغرب يحاول تقويض القوانين الدولية من خلال وضع ما يسميه “القواعد بدلا عن القوانين”، ومحاولة خصخصة الأمانة العامة للأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية كمنظمة التجارة العالمية ومنظمة حظر الأسلحة الكيمياوية، غير أن العالم اليوم يشهد تحولات حقيقية وجادة، كما أن الجهود الرامية لتصحيح الأوضاع وإيجاد حلول للتحديات شديدة الأهمية والكثير من الدول تحاول الابتعاد عن الاعتماد على الدولار واليورو واستخدام العملات المحلية في معاملاتها وتسوياتها.
وأكد لافروف ضرورة احترام مصالح وحقوق الدول ذات السيادة، وأن تمتلك كل دولة حق تقرير المصير، مشيراً إلى أن واشنطن تحاول استخدام الأدوات “القذرة” لممارسة الضغوط على الدول الأخرى، وتسعى مع حلفائها إلى افتعال الأزمات وتأجيج الصراعات وإلغاء كل ما لا يصب في مصالحهم.
ولفت لافروف إلى أن وجود البنى التحتية لحلف الناتو على الحدود الروسية يكشف عن نسيان الغرب لوعوده بالتزامه بالأمن غير المجزأ والمتساوي وعدم تحقيق الأمن على حساب الآخرين، موضحا أن الولايات المتحدة وحلفاءها يعتبرون أوكرانيا وسيلة للإبقاء على هيمنة القطب الواحد على العالم، لذلك يواصلون دعم نظام كييف بالسلاح والمرتزقة في حربه ضد روسيا.
وشدد لافروف على ضرورة وضع نهاية لاستخدام الإرهابيين في مغامرات الناتو والولايات المتحدة في شتى أنحاء العالم، وتوحيد الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب وتعزيز الأمن.