قائد انقلاب النيجر يفوض قوات مالي وبوركينا فاسو بالتدخل في حال التعرض لهجوم
فوض قائد الانقلاب في النيجر الجنرال عبد الرحمن تياني قوات مالي وبوركينا فاسو بالتدخل في حال تعرض البلاد لهجوم. وفي حين أعلنت الجزائر أنها أوفدت الأمين العام لوزارة الخارجية لوناس مقرمان إلى العاصمة نيامي ضمن مساعيها للوساطة وإيجاد حل سياسي للأزمة، حذر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من أن "غزوًا" محتملًا للنيجر سيكون مدمرًا. وجاء هذا التفويض في ختام زيارة وزيرة خارجية بوركينا فاسو أوليفيا رومبا ونظيرها المالي عبد الله ديوب لنيامي حيث استقبلهما الجنرال تياني. وفي ختام الزيارة، تلا الأمين العام المساعد بالخارجية النيجرية عمر إبراهيم سيدي بياناً نقل فيه عن الوزيرين ترحيبهما بأوامر أصدرتها نيامي و"تسمح" لقوات الدفاع والأمن في كل من بوركينا فاسو ومالي بالتدخّل بأراضي النيجر في حال وقوع هجوم. وبوركينا فاسو ومالي اللتان تواجهان على غرار النيجر أعمال عنف جهادية متكرّرة، يقودهما أيضاً ضبّاط استولوا على السلطة بالقوة بين عامي 2020 و2022. وبعيد الانقلاب العسكري في النيجر يوم 26 يوليو/ تمّوز الماضي، عبّر الحكّام العسكريون لبوركينا فاسو ومالي عن تضامنهم مع السلطات النيجرية الجديدة. وقد برز دعم هذين البلدين لجارتهما خصوصاً بعد تهديد وجّهته المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) بالتدخّل عسكرياً ضدّ انقلابيي النيجر لإعادة إرساء النظام الدستوري في هذا البلد.
وساطة جزائرية
من جهتها ذكرت الخارجية الجزائرية -عبر حسابها على منصة "إكس" (تويتر سابقا)- أن زيارة مقرمان تأتي "في إطار المساعي الحثيثة والمتواصلة للجزائر بشأن الإسهام في إيجاد حل سياسي للأزمة التي تعيشها النيجر، بما يجنبها -وكذلك للمنطقة بأكملها- المزيد من المخاطر". وحسب إذاعة "صوت الساحل" الوطنية في النيجر، التقى مقرمان رئيس وزراء النيجر علي محمد الأمين زين (المعيّن من قبل النظام العسكري) بحضور عدد من أعضاء حكومته، وهم وزير الدفاع ساليفو مودي، ووزير الخارجية بكاري ياو سانغاري، ووزير العدل علي داودا. وتأتي الزيارة بعدما بدأ وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف جولة مباحثات في 3 بلدان من دول مجموعة إيكواس، وهي نيجيريا وبنين وغانا، للتشاور بشأن أزمة النيجر وسبل حلها. وفي السادس من أغسطس/آب الجاري، أكد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أنه "يرفض رفضًا قاطعًا أيّ تدخل عسكري" من خارج النيجر، مما سيمثل وفق تعبيره "تهديدًا مباشرًا للجزائر" التي تشترك في حدود تمتد لنحو ألف كيلومتر مع هذا البلد. وأضاف خلال مقابلة بثها التلفزيون الرسمي "لن يكون هناك حل دوننا، نحن أول المعنيين".
وتيرة متصاعدة لخطاب الحرب
وتتزامن تحركات الدبلوماسية الجزائرية مع تصاعد وتيرة الخطاب الداعم للتدخل العسكري في النيجر، عقب إعلان إيكواس، الجمعة الماضية، أنها حددت موعدًا للتدخل العسكري من دون أن تكشف عنه. وتطالب دول إيكواس وفرنسا قادة انقلاب النيجر بإطلاق سراح الرئيس المحتجز محمد بازوم، وإعادته إلى منصبه وإعادة النظام الدستوري، وهو ما قوبل بالرفض حتى الآن. ونفى الجيش الفرنسي قبل يومين أن يكون قد طلب من الجزائر استخدام مجالها الجوي لتنفيذ عملية عسكرية في النيجر، ردًا على تقرير إعلامية جزائرية قالت إن الجزائر رفضت طلب باريس السماح لطائراتها العسكرية باستخدام الأجواء الجزائرية، في عملية عسكرية محتملة ضد نيامي. وفي آخر التحركات الدبلوماسية، رفضت مجموعة إيكواس مقترحًا من المجلس العسكري الحاكم في النيجر بإجراء انتخابات في غضون 3 سنوات، مما يطيل أمد المأزق السياسي الذي قد يؤدي إلى تدخل عسكري، إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق. وجاء موقف إيكواس الرافض لخطة الفترة الانتقالية التي اقترحها قائد الانقلاب الجنرال عبد الرحمن تياني، بعد مغادرة وفد المجموعة عاصمة النيجر نيامي، حيث عُقدت لقاءات وُصفت بالمهمة، شملت الرئيس المحتجز محمد بازوم، وقائد الانقلاب عبد الرحمن تياني. في غضون ذلك، قال رئيس النيجر السابق محمد عثمان إن العقوبات التي فرضتها إيكواس على بلاده تعد إعلان حرب على النيجر، معتبرا أنها تحرم النيجريين من الحصول على احتياجات أساسية. وقال في بيان، ألقاه في العاصمة نيامي، إنه يناشد المجلس العسكري إطلاق سراح السجناء السياسيين وسجناء الرأي ، مؤكدا أن هذا الإجراء لمصلحة شعب النيجر. يذكر أن الرئيس محمد بازوم فاز على محمد عثمان في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، ورفض محمد عثمان آنذاك الاعتراف بفوز بازوم.
وساطة علماء المسلمين
من جهته، وجه رئيس نيجيريا بولا أحمد تينوبو وفد وساطة علماء المسلمين إلى العودة للنيجر، واستكمال جهودهم في الحوار مع قادة المجلس العسكري. جاء ذلك بعد اجتماع مغلق بين الجانبين، حيث أحاط وفد العلماء الرئيس تينوبو بمخرجات زيارتهم للنيجر وأبلغوه بأن المجلس العسكري منفتح على تعميق الحوار مع إيكواس. من جانبه، قال رئيس وفد وساطة العلماء الشيخ عبد الله بالا لو إن الرئيس تينوبو أعرب عن رغبته في تجنب استخدام القوة في حل الأزمة، واستعادة النظام الدستوري في النيجر. وأشار الشيخ عبد الله إلى أن الرئيس تينوبو قبل اقتراحاتهم لتجنب استخدام القوة في تسوية النزاعات من أي نوع، خاصة ما يتعلق بالدول المجاورة. وأضاف "لهذا السبب أعادنا إلى النيجر لمواصلة الحوار والحصول على التزامات من قبل المجلس العسكري لاستعادة النظام الدستوري في البلاد". وفي اجتماع بالبيت الأبيض، شدد مستشارو الأمن القومي في الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وفرنسا على إعادة النيجر إلى النظام الدستوري ودعم الدور القيادي لمجموعة إيكواس. وفي باريس، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى العودة للنظام الديمقراطي في النيجر. وقال لمجلة "لوبوان" الفرنسية إنه "في ما يتعلق بالنيجر، نقول بوضوح: الانقلاب هو انقلاب على الديمقراطية في النيجر، وعلى الشعب في النيجر وعلى محاربة الإرهاب". وقال ماكرون إن فرنسا تطالب، نتيجة لذلك، بإطلاق سراح الرئيس محمد بازوم "واستعادة النظام الدستوري".
لافروف يحذر من عواقب "الغزو"
وفي المقابل، حذّر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، من تداعيات تدخل إيكواس العسكري المحتمل في النيجر، قائلًا إن -ما سماه- "الغزو" سيكون "مدمرًا لآلاف البشر". وقال لافروف، في مؤتمر صحفي في ختام أعمال قمة تجمع "بريكس" في جنوب أفريقيا، "لا أعتقد أن الغزو سيفيد أحدًا، وبالفعل يتم إنشاء قوة من الجانب الآخر لمواجهة الغزو، لا أتمنى حقًا للأفارقة هذا السيناريو، الذي سيكون مدمرًا لعدد كبير من الدول ولآلاف البشر". ودعا الوزير الروسي إلى دراسة الأسباب الحقيقية، التي تقف وراء الانقلابات في أفريقيا، كما حدث في النيجر، لافتًا إلى أن الغرب يستهلك موارد القارة السمراء، خلافًا لروسيا -والاتحاد السوفياتي السابق- التي تصرفت بشكل مختلف، في قطاعات الصناعة والتعليم والطب في القارة السمراء. وكانت وكالة أسوشيتد برس قالت مؤخرًا إن أحد أعضاء مجموعة الانقلاب في النيجر لجأ إلى مجموعة "فاغنر" الروسية لطلب المساعدة، حيث يفترض أن تكون ضمانة لاحتفاظ السلطات الجديدة في النيجر بالحكم بين أيديها. في المقابل، ذكرت تقارير إعلامية روسية أن قادة الانقلاب في النيجر بدؤوا ينأون بأنفسهم عن روسيا وعن الوحدات العسكرية التابعة لفاغنر، مؤكدين استعدادهم لإقامة تعاون سياسي واقتصادي مع الغرب، وذلك في محاولة منهم للتهدئة. وتتمتع فاغنر بحضور عسكري قوي في دول أفريقية عدة، أبرزها -حاليًا- جمهورية أفريقيا الوسطى. ووفقًا لتقديرات وسائل الإعلام الأجنبية، فإن عدد مقاتلي فاغنر بهذه الدولة يصل إلى نحو ألفي مقاتل.