تشاؤم حيال المقترح المرتقب للصفقة.. الجيش الأميركي يستعد لاحتمال انهيار محادثات وقف إطلاق النار بغزة
نقلت مصادر إعلامية عن مسؤولين إسرائيليين أن التشاؤم يسود أروقة الحكم في إسرائيل وواشنطن حيال المقترح المرتقب لإنعاش المفاوضات بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل بغية التوصل لصفقة تبادل أسرى ووقف إطلاق نار في قطاع غزة. وقالت هيئة البث الإسرائيلية اليوم الجمعة إن "هناك تشاؤما في إسرائيل بشأن مقترح الوساطة المتوقع نشره نهاية الأسبوع"، ونقلت عن مسؤولين إسرائيليين (لم تسمّهم) قولهم إن "الاقتراح المرتقب لن يكون مقبولا من الجانبين". واعتبر المسؤولون أن "المقترح الذي من المتوقع أن يقدمه الوسطاء محاولة لإنعاش المباحثات، إلا أنه في الواقع لم يتغير شيء، وما زال الجانبان متمسكين بمواقفهما". وأشارت الهيئة إلى أنه "تمهيدا للكشف عن الخطوط العريضة للمقترح الأميركي الجديد، عقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مساء أمس مشاورات أمنية محدودة مع رؤساء الأجهزة الأمنية ووزير الدفاع يوآف غالانت ووزير الشؤون الإستراتيجية رون ديرمر". وحسب مصادر مطلعة، فإن النقاش نفسه تمحور حول مواصلة الحرب على قطاع غزة بعد أن طلب نتنياهو من المؤسسة الأمنية صياغة إجراءات الرد على مقتل الرهائن الستة، وفق الهيئة ذاتها. وقالت الهيئة إن النقاش تناول ملف مقتل الرهائن، حيث حضر لأول مرة منذ أسبوعين جميع رؤساء الفريق المفاوض للنقاش مع رئيس الوزراء، لكن مصدرا مطلعا أكد أن ذلك لم يكن نقاشا مخصصا لهذه القضية.
ورؤساء الفريق المفاوض هم رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية (الموساد) ديفيد برنيع، ورئيس جهاز الأمن الداخلي (الشاباك) رونين بار، ومسؤول ملف المفقودين في الجيش الإسرائيلي نيتسان ألون.
توفير المرونة
وتشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لا تزال تناقش بعض جوانب العرض الجديد، بما في ذلك كيفية نشره وتوفير المرونة من الطرفين، رغم أن الاختلافات بينهما صغيرة لكنها جامدة، حسب هيئة البث الإسرائيلية. وأضافت، نقلا عن مصادر مطلعة على تفاصيل المقترح الأميركي الجديد لتبادل الأسرى والمحتجزين، أن البيت الأبيض ليس متفائلا بشكل خاص بشأن فرص نجاحه. وأضافت الصحيفة الإسرائيلية أن الجانب الأميركي يخشى الإحراج ولا يرغب في مواجهة مع نتنياهو بسبب الانتخابات، مشيرة إلى أن هناك تقديرات بإسرائيل توضح أن الولايات المتحدة مترددة بشأن تقديم مقترحها الأخير.
محبطة من حماس
في السياق ذاته، قالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" إن واشنطن غاضبة من تمسك نتنياهو بموقفه بشأن محور فيلادلفيا ومحبطة من سلوك حماس. بدوره، قال رئيس هيئة الأركان الأميركية لصحيفة "فايننشال تايمز" إن واشنطن تدرس تداعيات سيناريو توقف المحادثات أو فشلها، وإن تركيزنا ينصب على كيفية عدم توسيع الصراع وكيف نحمي قواتنا في المنطقة.
وبشأن الحديث عن صفقة أميركية مع حماس تستثني إسرائيل، نقلت شبكة "سي إن إن" عن مسؤول في إدارة بايدن أن واشنطن لم تقدم أي عرض لحركة حماس لتأمين إطلاق سراح المحتجزين الأميركيين في غزة، وأنها لا تملك القدرة على إبرام اتفاق أحادي الجانب مع حماس. ووصلت مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة مرحلة حرجة جراء إصرار نتنياهو على مواصلة الحرب على القطاع وعدم الانسحاب من محوري نتساريم وفيلادلفيا وسط وجنوبي القطاع، بالمقابل تتمسك حماس بإنهاء الحرب وعودة النازحين والانسحاب الإسرائيلي من كامل القطاع. وتواصل إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 حربها المدمرة على غزة بدعم أميركي واسع، مما خلّف حتى اللحظة أكثر من 135 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.
الجيش الأميركي يستعد لاحتمال انهيار محادثات وقف إطلاق النار بغزة
قالت صحيفة "فايننشال تايمز" الأميركية إن الجيش الأميركي يستعد لاحتمال انهيار محادثات وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، في ظل مخاوف من أن الانهيار قد يؤدي إلى تصاعد الحرب إلى مستوى إقليمي أوسع. وأعرب رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية الجنرال سي كيو براون عن قلقه من تأثير توقف المحادثات على التوترات الإقليمية. وأوضح براون، الذي كان في طريقه لحضور اجتماع مجموعة الاتصال الخاصة بأوكرانيا في ألمانيا، أنه يدرس كيفية استجابة الفاعلين الإقليميين إذا فشلت المحادثات، محذرا من أن ذلك قد يؤدي إلى زيادة النشاطات العسكرية ويؤدي إلى توسيع الحرب. وأكد أن تركيزه ينصب على تجنب توسيع الصراع وحماية القوات الأميركية. وترى إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أن محادثات وقف إطلاق النار هي المفتاح لخفض التوترات في المنطقة وتجنب نشوب حرب إقليمية شاملة.
تعثر المحادثات
ورغم محاولة الولايات المتحدة الحفاظ على التفاؤل بشأن المحادثات، فإن المفاوضات لا تزال عالقة، حيث تباينت المواقف بين إسرائيل وحماس حول تفاصيل تتعلق بإطلاق سراح الأسرى من الجانبين، وكذلك حول مطلب إسرائيل الاحتفاظ بقواتها على طول محور فيلادلفيا على الحدود بين قطاع غزة ومصر. وفي تصريح أمس ، أشار وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى أن الولايات المتحدة ستشارك "خلال الأيام القادمة" مع الأطراف المعنية بأفكار حول كيفية حل القضايا المتبقية. وأضاف أن "القرار النهائي سيكون مسؤولية الأطراف المعنية". ورغم التفاؤل الذي حاولت الولايات المتحدة الحفاظ عليه، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حاول التقليل علنا من شأن التقدم في المفاوضات، قائلا لشبكة "فوكس نيوز" الأميركية إن الصفقة "ليست قريبة".
بالمقابل، قال مسؤولون أميركيون كبار للصحيفة إن المحادثات اكتملت بنسبة 90%، لكنهم اعترفوا بأن النقاط الصعبة لا تزال دون حل، ورفضوا الانتقادات التي تقول إنهم كانوا متفائلين أكثر من اللازم بشأن العملية.
إحباط إدارة بايدن
بدوره، عبّر المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي أمس عن الإحباط من عدم التوصل إلى صفقة حتى الآن، مشيرا إلى أن الإدارة الأميركية واجهت عدة انتكاسات. وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، أعرب بايدن عن إحباطه من دور نتنياهو في المفاوضات، مؤكدا اعتقاده أن رئيس الوزراء الإسرائيلي لا يقوم بما يكفي لدفع الصفقة قدما. ومع ذلك، فإن واشنطن، وفي الأيام الأخيرة، ألقت باللوم على حماس في تعثر المحادثات.
وأوضح مسؤول أميركي كبير أن وفاة 6 من الأسرى الإسرائيليين الأسبوع الماضي قد "أضفى شعورا بالإلحاح على العملية (التفاوضية)"، ولكنه أيضا "أثار تساؤلات عن استعداد حماس لعقد صفقة من أي نوع".