يوصف فشل الإسرائيليين في 25 سبتمبر 1997 في اغتيال خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس بين عامي 1996 – 2017، بأنه من أبرز الإخفاقات في تاريخ الموساد.
قبل أسبوع من تنفيذ هذه العملية الشهيرة التي أمر بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووافق عليها رئيس الموساد في ذلك الوقت داني ياتوم، وصل إلى العاصمة الأردنية عمان حيث يقيم مشعل، فريق يتكون من ستة أشخاص يحملون جوازات سفر كندية.
الفريق جاء من مناطق مختلفة.
من باريس وتورنتو وأمستردام.
ضم فريق الموساد الذي أوكلت إليه مهمة اغتيال خالد مشعل، طبيبا كان يحمل معه ترياقا تحوطا من إصابة أحد العملاء بالسم الذي تقرر اغتيال هذا القيادي في حركة حماس بواسطته.
بسبب حساسية العلاقة مع الأردن، لم يتم البحث في الخيارات الأخرى مثل الضربة الصاروخية والوحدة الخاصة.
أراد الموساد قتل مشعل بطريقة خفية ومن دون أي شبهة يمكن أن تشير إلى إسرائيل.
تفاصيل خطة الاغتيال الصامت:
قرر الموساد استخدام نوع قوي من السم يؤدي إلى الإصابة بنوبة قلبية في غضون ساعات.
المادة السامة توضع في حقنة خاصة من دون إبرة وهي تعمل بالموجات فوق الصوتية، ولا تترك أي أثر.
ما كان على عملاء الموساد سوى الاقتراب من مشعل وحقنه في رقبته خفية من دون أن يرتاب أحد.
خطة الموساد نصت على اقتراب عميلين يرتديان ملابس السياح الأمريكيين المعتادة من الضحية من الخلف.
أحد الاثنين يحمل علبة كوكا كولا وكان يتوجب عليه فتحها لتشتيت الانتباه وفي نفس اللحظة يمد الثاني يده بالحقنة نحو مشعل.
رذاذ السم يختلط برذاذ الكولا على وجه الضحية وينتهي كل شيء وتمر العملية بسلام.
تربص فريق الاغتيال الإسرائيلي بخالد مشعل لنحو أسبوع إلا أن أفراده لأمر أو آخر لم يستطيعوا تنفيذ عملية الاغتيال.
سنحت الفرصة، كما ظن هؤلاء، في 25 سبتمبر.
كان العميلان المكلفان بتنفيذ الاغتيال ينتظران مشعل قرب مكتب حماس في عمان.
وصلت سيارة مشعل في الساعة 10:35 صباحا إلى مدخل أحد المراكز التجارية المزدحمة حيث يوجد مقر حماس.
قائد فريق الاغتيال أعطى الأمر بالتنفيذ.
كان ينتظر، كما هي العادة، أن يقوم سائق مشعل وأحد حراسه بعد توصيله إلى العمل بنقل أطفاله إلى المدرسة.
في ذلك اليوم، خرجت فجأة ابنة خالد مشعل من السيارة وتبعته.
السائق ركض خلفها ولاحظ شخصين مشبوهين كانا يلاحقان مشعل، وبدت له الحقنة التي كان أحدهما يحملها وكأنها سكين.
نادى رئيسه بصوت عال لتنبيهه، وحين استدار مشعل، رش عميل الموساد السم وبلغ أذنه.
السم انطلق إلى الهدف لكن العملية السرية انكشفت.
ركض خالد مشعل في اتجاه مكتبه، فيما أمسك السائق بابنته وعاد بها مسرعا إلى السيارة.
العميلان فرا باتجاه سيارة كانت تنتظرهما، إلا أن أحد الحراس ويدعى محمد أبو سيف أدرك أن أمر مريب يجري وأن الاثنين الهاربين قاما بعمل ما.
طارد أبو سيف العملين وسجل رقم السيارة التي استقلاها.
ركب في سيارة وانطلق خلفهما وتابعهما إلى أن تخلصا من السيارة في منطقة مجاورة.
لم يتمكن العميلان من الهرب ودخل أبو سيف في عراك معهما وبمساعدة عدد من الأهالي تمكن من القبض عليهما.
نُقل خالد مشعل إلى المستشفى بسرعة، فيما قام الإسرائيليون بنقل بقية أعضاء فريق الاغتيال إلى مبنى السفارة الإسرائيلية، وكان من المقرر أن يغادروا في اليوم التالي إلا أن فشل الخطة وانكشاف العملاء، خلط الأوراق تماما.
الأطباء الأردنيون الذين عالجوا مشعل توصلوا إلى أنه حقن بمركب أفيوني، جرعة كبيرة منه تصيب الجهاز التنفسي بالشلل. العاهل الأردني وقتها الملك حسين بن طلال اتخذ موقفا حازما من هذا الانتهاك الإسرائيلي لحرمة بلاده، واتخذ إجراءات لمنع تهريب العملاء من مبنى السفارة الإسرائيلية.
رئيس الموساد اضطر للتوجه إلى عمان لتهدئة الموقف.
السلطات الأردنية نجحت في تسوية القضية، وانصاعت إسرائيل لمطالب الملك الأردني، وقدمت الترياق المضاد لذلك السم. كما أطلقت عددا من السجناء الفلسطينيين مقابل عملائها.
خرج خالد مشعل من الغيبوبة في 27 سبتمبر 1997، وانتهت بذلك محاولة الموساد لاغتياله بفشل مدو، وبتأزم للعلاقات مع الأردن ومع كندا.
بالمحصلة عاد عملاء الموساد من الأردن خائبين يجرون أذيال الفشل.