أوكرانيا تتكبد الخسائر وأمريكا لا تدعمها كما يجب.. وزيلينسكي يعجز عن الإجابة عن سؤال يتعلق بـ خطة النصر الخاصة به!
ترتفع كلفة الخسائر التي تتكبدها أوكرانيا في الأرواح والممتلكات والأراضي، وعلى أمريكا أن تعمل على إنهاء الحرب بالمفاوضات. توماس غراهام – ناشيونال إنترست
وكان الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي يروج في الأسابيع الماضية لـ"خطة النصر" التي وضعها أمام حلفائه وشركائه الغربيين. ولم يخف قناعته بأن الولايات المتحدة تحمل مفاتيح نجاح أوكرانيا. ومع ذلك، لم تُظهِر واشنطن أي حماس لخطة زيلينسكي، ولم تعرض خطتها لإنهاء حرب أوكرانيا مع روسيا بشكل مرض. وهذا تنازل صارخ عن المسؤولية من جانب بلد يفتخر بدوره كزعيم عالمي. منذ بداية الحرب، أصرت إدارة بايدن على أن الأمر متروك للأوكرانيين لاتخاذ قرار بشأن متى وبأي شروط يتحدثون إلى موسكو. وحتى ذلك الحين، تعهدت الإدارة بدعمها. لكن قد يسيء هذا الموقف إلى تمثيل طبيعة الحرب التي لا تتعلق فقط بسلامة أوكرانيا. وفي الواقع تشكل هذه القضية جزءا من صراع أكبر بين روسيا والغرب حول مستقبل النظام الأوروبي. وقد أوضح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ذلك قبل وقت طويل من العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا في فبراير 2022. فقبل شهرين، أصدر بوتين مسودة معاهدات بين الولايات المتحدة وروسيا وحلف شمال الأطلسي وروسيا بشأن الضمانات الأمنية لروسيا. وكانت مطالبه الرئيسية تركز على تحييد حلف شمال الأطلسي الذي اعتبره تهديدا خطيرا. في نظر الكرملين، تستخدم الولايات المتحدة حلف شمال الأطلسي كجزء من الجهود الرامية إلى القضاء على روسيا كقوة عظمى منافسة. ويعتقد الكرملين أن الدعم الأميركي لأوكرانيا يهدف إلى تعزيز هذا الهدف. ولهذه الأسباب، لا يبدي الكرملين أي اهتمام بالتحدث إلى أوكرانيا بل يريد التحدث مباشرة مع واشنطن لحل حرب أوكرانيا والقضية الأوسع نطاقا المتمثلة في الأمن الأوروبي. إن أي مفاوضات لابد وأن تندرج ضمن شبكة أوسع من المحادثات التي تشمل تشكيلات مختلفة من البلدان العاملة على قضايا محددة مرتبطة بالصراع. على سبيل المثال، تشكل قناة ثنائية بين كييف وموسكو ضرورة حتمية لحل القضايا الفنية المرتبطة بإنهاء الحرب، مثل تبادل أسرى الحرب وإدارة خط التماس الذي يفصل بين المتحاربين في أوكرانيا. وسيتعين على الأوروبيين أن يشاركوا في مناقشات حول القضية المتمثلة في الأمن الأوروبي، بما في ذلك اتفاقيات ضبط الأسلحة المحتملة لتخفيف التوتر على طول الحدود بين حلف شمال الأطلسي وروسيا، والتي تمتد الآن من بحر بارنتس إلى البحر الأسود. ومن الممكن حتى أن تشارك بلدان غير أوروبية، مثل الصين، كضمان للتسوية النهائية. وسوف تسير كل هذه المفاوضات بوتيرة مختلفة. وسوف يكون التحدي هو الحفاظ على سيرها في نفس الاتجاه. وهنا أيضا سوف يكون الدور الأمريكي حاسما. والولايات المتحدة قادرة على تنسيق مواقف الغرب وأوكرانيا، لأنها تلعب دورا محوريا في كل التعاملات مع موسكو. ولكن في غياب استعداد الولايات المتحدة للتعامل مع روسيا بشكل مباشر، فإن حرب الاستنزاف سوف تستمر، وسوف تتزايد التكلفة التي تتحملها أوكرانيا من الأرواح والممتلكات، وربما الأراضي. ونظرا للمخاطر، فإن واشنطن في حاجة ماسة إلى إعادة تعريف النجاح بطريقة يمكن تحقيقها على طاولة المفاوضات. وهذا من شأنه أن يستلزم تحويل التركيز من سلامة أراضي أوكرانيا إلى الحفاظ على أوكرانيا المستقلة التي تندمج بشكل مطرد في المجتمع الأوروبي الأطلسي. وهو ما يمكن تحقيقه حتى لو خسرت أوكرانيا أراضيها لصالح روسيا. وبطبيعة الحال، لن يكون النصر كاملا، ولكن النجاح الجزئي، وليس الخسارة، ليس بالأمر الهين في أي حرب كبرى. إن إعادة التقييم هذه ليست شيئا تستطيع الإدارة الحالية أن تضطلع به بمصداقية في الأشهر الأخيرة من ولايتها. ولكنها مهمة ينبغي للإدارة المقبلة أن تتولى القيام بها على محمل الجد، إذا كانت راغبة في إظهار أنها قادرة على إنهاء الحرب بنجاح جزئي على الأقل بالنسبة لأوكرانيا والغرب.
خلال محادثة مع الصحفيين قبل كلمته في اجتماع للمجلس الأوروبي في بروكسل، لم يتمكن فلاديمير زيلينسكي من الإجابة على سؤال حول ما يجب أن تفعله أوكرانيا نفسها كجزء من "خطة النصر"
لم يتمكن فلاديمير زيلينسكي من الإجابة على سؤال حول "خطة النصر"، بعدما طلب منه التعليق على أطروحة النقاد بأن "خطة النصر" الخاصة به تحتوي فقط على ما يمكن أن يفعله الحلفاء لأوكرانيا، ولكنه لا يتضمن أي شيء عما ستقوم به أوكرانيا نفسها. وقال الرئيس الأوكراني المنتهية عهدته "أما بالنسبة لخطة النصر: أولا، فإنها لم توضع لتعرض على النقاد، بل هي خطة لجعل أوكرانيا أكثر قوة.. أعتقد أن هذه الخطة لا تتوقف على إرادة روسيا، بل على إرادة شركائنا فقط". وبعد سؤال متكرر حول ما ستفعله كييف بشكل مباشر كجزء من الخطة، قال زيلينسكي إن أوكرانيا تقوم بالفعل "بالعمل الأصعب" - على حد تعبيره، وهو "الدفاع عن حرية أوروبا". وفي 16 أكتوبر، قدم زيلينسكي ما يسمى "خطة النصر" في البرلمان الأوكراني، حيث تتضمن الوثيقة خمس بنود وثلاث إضافات أخرى سرية. على وجه الخصوص، يتضمن البند الأول دعوة أوكرانيا للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) بعضوية لاحقة، والثانية - رفع القيود المفروضة على الضربات بأسلحة بعيدة المدى على الأراضي الروسية، والثالثة - نشر "حزمة قوة شاملة غير نووية" في أوكرانيا لـ "ردع" روسيا، مؤكدا أن تنفيذ الخطة "يتوقف على الشركاء". وفي يونيو من العام الجاري، طرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مبادرات لحل سلمي للصراع في أوكرانيا: توقف موسكو في إطارها إطلاق النارعلى الفور وتعلن استعدادها للمفاوضات بعد انسحاب القوات الأوكرانية من الأراضي الروسية الجديدة. بالإضافة إلى ذلك، أضاف الرئيس الروسي، أنه يتعين على نظام كييف أن يعلن تخليه عن نوايا الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، كما يجب عليه القيام بنزع السلاح والتخلص من النازية، وكذلك قبول وضع محايد وغير انحيازي وخالي من الأسلحة النووية. وتعتقد روسيا أن إمدادات الأسلحة إلى أوكرانيا تتعارض مع التسوية، وتشرك دول حلف شمال الأطلسي بشكل مباشر في الصراع و"تلعب بالنار". وأشار وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى أن أي شحنة تحتوي على أسلحة لأوكرانيا ستصبح هدفا مشروعا للقوات الروسية. ويعمل زيلينسكي على الترويج لـ "خطة النصر" إلى جانب "صيغة السلام" التي قدمها في نوفمبر 2022، في قمة مجموعة الدول العشرين بإندونيسيا، وهو ما تفرضه القيادة الروسية، حيث قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، سبتمبر 2024، إن موسكو لم تأخذ على محمل الجد هذه الصيغة أبدا، وقال إن "مبادرة زيلينسكي معروفة منذ فترة طويلة، وقد أثارت غضب الجميع بالفعل، فهي ليست سوى إنذار نهائي قطعي".