سيريا ستار تايمز - وكالة إخبارية عالمية


الأطماع والعدوانية الطائشة .. احتماء بالأزمات لإطالة عمر نظام متهالك وأميركية تصف أردوغان بـ الديكتاتور والنمسا تبحث ترجمة غضبها لعقوبات


قالت صحيفة "أحوال" التركية إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يقود بلاده إلى عزلة إقليمية ودولية بفعل الأطماع والعدوانية الطائشة. وأكدت الصحيفة المعارضة، في تقرير لها ، أن أردوغان ينتقل ببلاده من أزمة إلى أخرى، وكأنّه يحتمي بالأزمات من أجل إدامة عمر نظامه المتهالك والذي ينخره الفساد، ويواجه اتّهامات بالدكتاتورية وتحويل البلاد إلى إقطاعية عائلية، عبر توزيع المنافع والامتيازات على أفراد أسرته والمقرّبين منه. وتساءل التقرير عن سياسات أردوغان قائلا إلى أين يقود أردوغان تركيا بسياساته التي توصَف من قبل معارضيه ومنتقديه بالمتهورة؟ هل أبقى أردوغان على أصدقاء لبلاده أم أنّه يحترف سياسة تحويل الأصدقاء إلى أعداء؟ إلى أيّ حدّ يمضي أردوغان بالأسلوب العدوانيّ في المنطقة؟ ونقلت "أحوال التركية" عن محللين أتراك قولهم إن أردوغان ورّط بلاده في عدد من الأزمات في المنطقة والعالم، ودفع بالجيش التركي إلى خارج الحدود في أكثر
من جبهة، في العراق وسوريا وليبيا ووأخيرا الصراع بين أرمينيا وأذربيجان حيث إقليم ناغورني قره باغ.

وأضاف الخبراء أن الرئيس التركي يزيد التصعيد والتوتّر شرق المتوسّط، ناهيك عن استعدائه للولايات المتّحدة من خلال اختبار منظومة صواريخ إس-400 الروسية التي تشكّل خطراً على منظومة أسلحة الناتو. وقال المحلل أندرو ليونارد إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اتخذ تحركات جيوسياسية تصادمية ومتهورة وطموحة بشكل متزايد لتركيا، كما لو أنّه يسير على عكس سياسة الرئيس الأمريكي السابق ثيودور روزفلت "الحديث بهدوء وحمل عصا كبيرة" للدبلوماسية.
وقال ليونارد إن تركيا أصبحت معزولة عن جيرانها حيث ضغطت من أجل المزيد من التحديات للمياه الإقليمية في البحر الأبيض المتوسط، وتنصلت من القانون الدولي بصفقاتها مع ليبيا، وتعاملت مع "جهات فاعلة بغيضة من خارج مؤسسات الدول". وأضاف أن "هذه المبادرات غير الحكيمة تركتها مع عدد أقل من الشركاء الاستراتيجيين وعدد متزايد من الخصوم الجيوسياسيين". وعن استمرار تركيا في الخلاف مع حلف الناتو والولايات المتحدة، قال ليونارد، إنه: "في النهاية، يجب على تركيا أن تقرر أين تكمن ولاءاتها، لأن عضويتها في الناتو قد تكون في النهاية على المحك". وأشار إلى إن أنقرة عهدت بتأمين أهدافها الاستراتيجية إلى المرتزقة والإرهابيين الأجانب، لكن التورط في الصراع الخارجي "لم يسفر إلا عن القليل من المكاسب الجيوسياسية الجوهرية". وأكّد أنه يتعين على تركيا تقليص سياساتها الاستقطابية "لإنقاذ شرعيتها"، وإدراك أن سياساتها الخارجية ليست مستدامة.
وعن التدخل التركي في الصراع بين أرمينيا وأذربيجان يقول إن هذا الموقف "يسلط الضوء على موقف تركيا المتصلب بشأن الصراع". ولفت إلى أنّ "التضارب بين المواقف السياسية والأفعال الميدانية من خلال الأعمال العدائية المتزايدة هو طريقة عمل أنقرة بشكل عام". وعن الاحتلال التركي لليبيا وإرسال آلاف المرتزقة السوريين لدعم مليشيات فايز السراج ضد الجيش الوطني الليبي، أكدت صحيفة " أحوال" التركية، أن تدخل أنقرة في ليبيا ينبع من أن الشركات التركية لديها عقود بناء في ليبيا ، والتي قد تفشل إذا تم تسجيل النجاح للجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر. وقالت إن تركيا تهتم بموارد الطاقة الكبيرة في ليبيا، وقد وقعت مؤخرًا اتفاقية بحرية مع حكومة السراج في محاولة لتقوية يدها في المفاوضات مع اليونان.
والخميس الماضي، أدانت ألمانيا وفرنسا، الخميس، استفزازات تركيا الجديدة "غير المقبولة" في شرق المتوسط التي قد تعرضها لعقوبات أوروبية في حال لم تعد أنقرة إلى "مبدأ الحوار". وكانت تركيا أرسلت مجددا الإثنين سفينة " أوروتش رئيس" إلى شرق المتوسط رغم احتجاجات أثينا. إعادة نشر هذه السفينة تكشف مطامع أنقرة في ثروات الغاز شرق المتوسط، وساهم ذلك في ضرب آمال نزع فتيل الأزمة بعد أسابيع من التوتر الشديد بين تركيا واليونان خلال شهري أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول.

صحيفة أميركية تصف أردوغان بـ"الديكتاتور"

يبدو أن أزمة غاز المتوسط والتنقيب فيه، والتدخل في ليبيا وسوريا، وإرسال المرتزقة إلى كاراباخ، والسياسة الداخلية، وملفات أخرى كثيرة قد عمّقت الهوة السياسية بين تركيا وباقي الدول.

فقد وصف تقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالديكتاتور، وذلك بسبب طريقة تعامله مع المعارضة، منوّهاً إلى أن أردوغان يتحدث عن نموذج "ديمقراطي إسلامي" لكنه يتصرف كديكتاتور. وكشف التقرير أن الوقائع أثبتت أن محاكم أردوغان قد أدانت ناشطين دون أي سند أو دليل، مشيراً إلى أن اتهامات الرئيس للسلميين منهم تظهر ما وصلت إليه تركيا. كما أكدت المعلومات أنه يمكن سجن أي شخص في تركيا لأي سبب، وأن آلاف السجناء باتوا يقبعون في سجون أردوغان. إلى ذلك، أشار التقرير إلى أن تجريم الناشط عثمان كافالا بمحاولة الانقلاب في تركيا يعكس تحولا "دنيئا".

تدهور الإعلام وإغلاق الصحف

وكانت المعارضة التركية قد أعلنت قبل فترة أن عدد الصحف المحلية والوطنية بلغ عام 2013 ثلاثة آلاف ومئة صحيفة، وانخفض هذا العدد بنسبة 25% العام الماضي ووصل عدد الصحف إلى 2337 صحيفة. وبحسب الأرقام التي عرضها التقرير، فإن معدل إغلاق الصحف بين عامي 2013 و2019 وصل إلى إغلاق صحيفتين أسبوعياً، ما بين صحف محلية (توزع ضمن الولايات فقط) وصحف وطنية (توزع في عموم تركيا).

وأشار التقرير إلى أن "سياسات الضغط التي تمارسها الحكومة التي قلصت الحقوق النقابية، حاولت تحييد المؤسسات الإعلامية المعارضة عبر المجلس الأعلى للراديو والتلفزيون في تركيا وهيئة إعلانات الصحافة". كما أوضح أيضاً "طرق القمع المتعددة للمؤسسات الديمقراطية في البلاد بهدف إسكات الفكر الحر وحرية التعبير ازدادت عام 2017، فأصبح النهج السائد هو إعلام الرجل الواحد والصوت الواحد".

اعتقال معارضين

من جهة أخرى، تستمر حملة الاعتقالات التي تطال معارضين، لاسيما وسط الأصوات الكردية المناهضة لسياسة حزب العدالة والتنمية الحاكم بزعامة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

فقد اعتقلت السلطات عشرات من المعارضين السلميين في إطار عملية أشارت إلى أنها "مرتبطة بمكافحة الإرهاب". كما تتهم حكومة أردوغان أحزاباً معينة بأنها على صلات بحزب العمال الكردستاني، ما أدى لمحاكمة الآلاف من الناس. يذكر أنه منذ محاولة الانقلاب عام 2016 أغلقت الحكومة التركية العديد من وسائل الإعلام غير الموالية لحزب العادلة والتنمية واعتقلت عشرات الصحافيين والمذيعين.

بعد كشف مخططات أردوغان.. النمسا تبحث ترجمة غضبها لعقوبات

خلال أسابيع قليلة، أزاحت السلطات النمساوية النقاب عن شبكة تجسس تركية تعمل على أراضيها، واعترافات عميل تركي آخر عن مخطط أنقرة لتنفيذ اغتيالات وهجمات إرهابية بفيينا، ما فتح باب الجدل حول كيفية معاقبة النظام التركي على هذه الأفعال. ففي نهاية أغسطس/آب الماضي، أعلنت السلطات النمساوية اكتشاف شبكة تجسس تركية في الأراضي النمساوية. وقالت صحيفة "كرونه" النمساوية إن سلطات إنفاذ القانون في فيينا تتبعت أثر جاسوس تركي خلال التحقيق في اشتباكات جرت في يونيو/حزيران الماضي بين نشطاء أكراد وأتراك في قلب العاصمة النمساوية.

ونقلت الصحيفة عن وزير الداخلية كارل نيهامر قوله إن "المشتبه به اعترف أنه جزء من شبكة تجسس تنقل المعلومات إلى الحكومة التركية". وتابع الوزير النمساوي: "كان المشتبه به سجينا في تركيا، وكان شرط الإفراج عنه هو العمل كجاسوس على الرعايا الأتراك المقيمين في النمسا". ولم تمر أيام حتى كُشف المخطط الأكبر، حين سلم عميل للاستخبارات التركية نفسه للاستخبارات النمساوية، واعترف بوجود خطط تركية لتنفيذ سلسلة من الاغتيالات والهجمات في فيينا.

ونقل موقع zack zack النمساوي (خاص) عن مصادر لم يسمها: "أجرت هيئة حماية الدستور (الاستخبارات الداخلية) تحقيقات مع العميل الذي أقر بأنه يسعى لتنفيذ اغتيالات سياسية تشمل السياسية في حزب الخضر (يسار)، بريفان أصلان، ومالك موقع zack zack، بيتر بيلتس، وهو سياسي نمساوي مناوئ لتركيا، وعضو البرلمان الأوروبي أندريس شنايدر". وأضاف "أقر العميل بأن هناك خططا لتنفيذ سلسلة من الهجمات في فيينا يمكن أن تدخل المدينة في حالة من الفوضى".

توتر ومطالبات برد قوي

ووفق صحيفة كورير النمساوية، فإن تصرفات نظام رجب طيب أردوغان "غير المسؤولة" دفعت العلاقات مع فيينا إلى الهاوية، وخلقت توترا غير مسبوق منذ عقود، متوقعة أن تتزايد الضغوط على الحكومة لاتخاذ إجراءات قوية ضد أنقرة وأذرعها في النمسا. وبالفعل، قال هربرت كيكل زعيم الكتلة البرلمانية لحزب الحرية المعارض (شعبوي) في تصريحات صحفية "لا بد أن تكون هناك تداعيات سريعة في المجال الدبلوماسي بعد اكتشاف شبكة تجسس تركية، أولها طرد السفير التركي".

سيناريوهات العقاب النمساوي لأنقرة

وفي تصريحات لـسيريا ستار تايمز، قال الكاتب السياسي النمساوي البارز إيرك فري الذي تظهر كتاباته في صحيفة دير ستاندرد، كبرى الصحف السياسية النمساوية، إن "النمسا يمكن أن تتحرك على 3 مستويات، سواء بشكل أحادي أو في إطار الاتحاد الأوروبي". وتابع: "أول سيناريوهات عقاب أنقرة يتمثل في تبليغ السفير التركي في فيينا أوزان سيهون رسالة احتجاج شديدة اللهجة، ثم طرد بعض دبلوماسي السفارة التركية". واستدرك قائلا: "لكن هذا لن يوقف تركيا عن تحركاتها الاستفزازية"، مضيفا "ومن ثم يأتي المستوى الثاني وهو العقوبات الاقتصادية". وأوضح "النمسا لن تفرض عقوبات بشكل منفرد على تركيا لأنها ستكون ذات تأثير هامشي، وإنما ستدفع باتجاه فرض عقوبات أوروبية على أنقرة".

وفي وقت سابق، أبلغ مسؤول أوروبي فضل عدم الكشف عن هويته، سيريا ستار تايمز أن قمة الاتحاد الأوروبي المقررة ديسمبر المقبل، ستناقش فرض عقوبات على تركيا. إيرك فري قال أيضا "وهناك مستوى ثالث من العقاب النمساوي لأنقرة، وهو مرجح، ويتمثل في شن حملة قوية ضد المنظمات والجمعيات التركية العاملة في النمسا". وأضاف "يمكن أن يصل الأمر إلى طرد بعض العاملين في هذه المنظمات من الأراضي النمساوية، وغلق عدد منها". وتنشط في النمسا عدد من المنظمات التركية مثل اتحاد أتيب الإسلامي، وتنظيم الذئاب الرمادية المتطرف، وحركة الرؤية الوطنية القريبة من الإخوان. وفي وقت سابق هذا الشهر، فجرت النمسا فضيحة كبيرة، إذ أعلنت اكتشافها مخالفات مالية وضريبية في 211 جمعية تركية عاملة على أراضيها، ما وصفته وزيرة الاندماج بـ"الوقاحة". ووفق ما نشرته صحيفة كرونه النمساوية فإن محققين نمساويين بدأوا منذ النصف الثاني من 2019 تدقيق ملفات الضرائب في مئات الجمعيات التركية العاملة في عموم البلاد. ونقلت الصحيفة عن وزير المالية جرينوت بلوميل، قوله "فحص المحققون ملفات 211 جمعية تركية، والنتائج كانت مقلقة للغاية". وتابع "اكتشفنا أخطاء كبيرة، وسحبنا نتيجة لذلك وضعية عدم الربحية من 40% من الأعمال التي خصصت للمراجعة بسبب انتهاكات خطيرة للقوانين ومخالفات مالية". وأضاف "هناك مخالفات تقدر بالملايين.. هذا يضر بصورة العمل التطوعي بأكمله". وتمر العلاقات النمساوية التركية بتوتر كبير بعد تسبب أذرع أردوغان، وبالأخص تنظيم الذئاب الرمادية الإرهابي، في إحداث حالة من الفوضى في فيينا بعد هجوم عناصره على مظاهرة ضد الفاشية في يونيو الماضي، ثم اكتشاف خلية تجسس تركية على المعارضين الأتراك في الأراضي النمساوية، وأخيرا اكتشاف مخطط الاغتيالات السياسية في النمسا.

سيريا ستار تايمز - syriastartimes,