سيريا ستار تايمز - وكالة إخبارية عالمية


الغربة حواس معطلة أم أحلام مؤجلة! المقيم السوري في الكويت عبر قطارات الزمن

خاص سيريا ستار تايمز || مؤمنة علي ياسر


ارواح مسافرة

حضور مادي وغياب واجب.. بين الغربة واللجوء خيط شعرة فصلها الزمن، لا ثبات ولاتشابه بالحالات فلكل منهم حكاية نقطة التشابه الوحيدة هي الغربة وعلى مفترق الطرق حقائب سفر حملت حالات فردية بهوية سورية.

سنوات الحرب

بتصريح أغلب المغتربين قبل سنوات طالت أو قصرت من بدء الحرب في سورية فإن الخليج هو مصدر الرزق والأمن والأمان من عثرات الزمن، وبأيام الحرب عمد أغلب المقيمين جلب عائلتهم لكن القرارات كانت تلزمهم سلك سبل الوساطات والدفع ولكن بلا جدوى هذا ماورد على لسان مقيم سوري في دولة الكويت اضطر أن يخرج عائلته إلى لبنان وعاد للكويت لإخراج تصريح لهم بالزيارة ورغم التعسر والمنع استطاع جلبهم بعد دفع 6000 دينار...وبعد ثلاثة شهور ألزمتهم الشؤون بالمغادرة.

يقول الحال العام أن السوري من ضمن المستحيلات في الدخول بفيزا أو تصريح زيارة إلى الكويت..

كما ورد في الشهر السادس من العام الماضي بتصريح من الشؤون أن دولة الكويت تلزم تسعة آلاف وافد سوري من أصل مئة وعشرون مقيم بمغادرة الكويت لمخالفتهم شروط الإقامة المنصوص عليها.

كورونا تسيطر تطرد وتهجر

بوابة الذهاب والإياب لم تعد تنادي على الركاب المغادرين إلى دمشق التوجه نحو البوابة... نعم فوضع سورية ضمن الدول المحظورة ذهاباً وإياباً للكويت زاد التوتر بنفوس من يطلبون العودة للكويت لأجل استمرارية إقامتهم، والمقيم الذي لا يستطيع الرجوع للوطن كرب أسرة او طالب جامعي أو كأي وافد حضر أياماً وطالت بالحظر لسنة وتزيد شهوراً لم تنبلج عنها وضوح نهاية لوضع لا يعلم به إلا الله.

يقول ف.. خ: عدت لسورية اجازة لشهر ولكن بسبب كورونا هاأنا الآن ولشهور عديدة قاربت السنة غادرت دمشق إلى السودان وكانت رحلتي بعد الحجر لمدة أربعة عشر يوماً في الثامن والعشرين من شهر يناير الماضي أول شهور السنة ولكن بسبب توقف الطيران بالكويت للسادس من فبراير شباط الحالي حجزت تذكرة العودة بالثامن من هذا الشهر على أن أثبت مكان الحجر لمدة أربعة عشر يوماً في الكويت بعد الوصول مباشرة.. يقول رغم ذلك لم أستطع الانتظار في سورية فإمكانية خسارة العمل واردة في ظل الظروف الراهنة، فلم تعد الأمور كما في السابق وأنا مغترب لأكثر من خمس عشرة سنة.

وأضاف أن الوضع الاقتصادي العام وبسورية بوضعه الخاص يُلزمه بالعودة فالغربة مصدر رزقه، ولايمكن الاستغناء عنها بظل الظروف الراهنة. وإلى الآن لم تنتهي معاناته كمغترب، توقفت رحلة عودته والفارق يوماً واحداً مع وقف الرحلات الجوية في الكويت وتمديد فترة الحظر بالقرار الجديد الذي يفرض منع دخول الكويت مجدداً إلا للكويتيين حصراً، ووجود اضطرارية للعودة، فأضاف لا أعلم عن حجزي وما ستؤول إليه الأمور ولكن الوضع برمته صعب وعسير لانعلم ماسيحدث ومتى ينتهي بي المطاف في مطار الكويت برحلة طالت وتعثرت خطواتنا بها بسبب الوباء.

حياة يجددها الحذر

بعد وضع خدمة الحصول على الأعمال والأشغال والمعاملات والتسوق وغيرها من أمور الحياة ضمن خدمة الأون لاين والتي عن طريقها يتم استكمال الضروريات والكماليات أي الحياة بمتنفس إلكتروني، بعد تفشي كورونا حيث عمدت الكويت لاتباع مراحل خمس أولها كان الحظر الجزئي وتلاه الكلي وبه تم حظر تام لمناطق في العاصمة وغيرها.. وإغلاق المدارس وجعل التعليم عن بعد عبر الإنترنت.. ما وصفه الأغلبية بالشلل شبه تام للحياة والأهم عدم قدرة المقيم اخضاع قلة حيلته بتدبير شؤونه الاعتيادية فالعمل الحر يتوقف فيه مردوده اليومي الذي يعيش به ويوفر منه لتأمين أجرة مسكنه إن كان مشاركاً بالمسكن مع مجموعة من زملائه المقيمين أو مع عائلته والتي تجبره دفع أجرة السكن فيقول أحدهم : أعمل بالصبغ (الدهان) وتوقف عملي تلقائياً ولكن مستحقات وجب دفعها لم تتوقف وأصبحت مطالب بأجرة المنزل واليد لا تملك الدينار فالوضع كان مفاجئ ولم يتوقع أحدنا مانحن به وإن توقعنا فالعمل هنا لسنوات أصبحت تلزمنا بدفع الكثير للإقامة والسكن ومخالفات وصحة وغيرها.. أصبح المقيم يشعر بعدم الإنصاف بكل قرار يستجد فأوله وآخره هو تكاتف مع الظروف لا تليين وإطاعة قسوة العيش لتسهيل وجود الغالبية في بلد لم يعد كما في السابق رحيماً بل أصبح رفيق الظروف.

عن إحدى المقيمات أنها جاءت لتجديد إقامتها وبسبب الوباء انتظرت لا نعلم يوم العودة وتعيش أيامها في انتظار وهاهي تقول : حصلت على تجديد اقامتي عبر الأون لاين وضعت طلب التجديد في الشهر السادس وحصلت عليه بعد ثلاثة أشهر وأخذت بطاقتي المدنية بعد ستة أشهر وأنتظر العودة برفقة ابنتي لكن لا نملك ثمن تذكرة العودة مضافاً لها أجور المسحة ورسم الدخول المفروض عند الوصول للوطن فالأمر يزداد سوءا احتاج ما يقارب ال٢٥٠٠ دولار ثمن العودة وبسبب الحظر لا نملك منهم المئة وهاهي أيام تجديد الإقامة تقترب فالعودة لا تجدي الآن نفعاً والانتظار يوجب دفع رسوم الحياة الباهظة هنا والتي تزداد صعوبة مع بقاء الحظر، ما يجعل منا مجرد زوار انترنت نتصفح ونترقب عودة الحياة لطبيعتها فالكثير منا يتنفس الخذلان مراحلاً تفشل معها العزيمة والأمل أن القادم أفضل.

التجربة الخليجية

يمكننا الآن قراءة تأرجح تطبيق القرارات بوجوه خطوط العمر على وجوه شاخت تحت سماء خليجية، فهاهو يخشى المغادرة وأمنيته كانت ليتني أصغر بسنة واحدة فقط فهو بعد أيام سيكمل عمر الستين.. مايلزمه الرحيل فلا تجديد له كمقيم.. قالها بصبر وشكوى يطبق بكفيه على بعضهما كعلامة الصفر من حصاد وحيلة.. مكافأة الحياة له لغربته فلا عودة يبدأ فيها بعمل ولا وجود ببلد أعطاها عمره المنتج.. ارحل فالدولة لا تحتاج المسنين.. تقاعد المغترب بأمر وجب تنفيذه، ختم حديثه بنبرة المهزوم قائلاً "فوق الموتة عصة قبر".

للغربة طعم آخر بنفوس الشباب

أصبح للعام الماضي نكهة خاصة بنفوس الجميع وللشباب حصة دسمة فيه منهم من تجاوز الثلاثون عاماً ولم يرتبط. يقول ع س: لا أعلم هل انشغالي بالعمل هو السبب لعدم ارتباطي إلى الآن! أم صعوبة جلب العروس إلى الكويت بسبب استحالة الحصول على إذن الزيارة أو الإقامة هو ما يجعلني أفكر ألف مرة قبل الاقدام على هذه الخطوة. نعم الأمور ليست على ما يرام والأهم الآن عدم إمكانية السفر لصعوبة العودة ولأمور مادية أيضا فايجار الشقة رغم صغرها وسطياً ما يعادل بالدولار الثمانمائة إلى الألف والرواتب وسطياً النصف فإن دفع أحدنا النصف سيعيش بالباقي والأسعار هنا في ازدياد ولا توفير كما كان الحال في السابق مثلما كنا نسمع أن فلان عاد من الخليج واشترى كذا أو بدأ مشروعاً، وهكذا يمكن القول أن ما كان ليس كما هو الآن.

يمكنك تصور الألم من صوتهم، فالاجماع بكلامهم كان الحنين للوطن وأنه ليس مساحة أرض بل هو روح الحياة وإن فارقوه لسنوات يبقى الانتماء والاطمئنان. فما قاله الحاج حسن والذي أمضى مايقارب الخمسون عاماً في الكويت أن للكويت محبة كبيرة ولكن سورية أنفاس ترفدنا بالحياة الغربة هي مشيمة فراق الجنين لرحم أمه لكنه بالانفصال يخلق حب أكبر، فالابن لا يجد أروع من أمه والشوق لها والولاء لا أبالغ إن قلت هو أكثر من القاطن فيها وحبنا لوطننا يلازمه الوفاء والوقوف معها بكل مراحلها. كلام يغلفه دمع الحنين، حين قالوا من لم يتغرب لن يشعر بما نقول.. من شرب من مياه الفيجة ودريكيش وكوشل لن يروي ظمأه مياه الكون.. الحنين عنوان أيامنا ويلازمنا في سعينا. قبل وبعد وبكل سنوات العمر لم يفارقنا الوطن فكيف نفارقه.

بقلم :مؤمنة علي ياسر,