80 يوما من حراك لبنان.. بوادر سياسية إيجابية و تحركات أمنية مريبة في ساحة الشهداء
تتواصل الاحتجاجات الشعبية لليوم الـ80 على التوالي في لبنان، وسط بوادر إيجابية تلوح في الأفق بشأن تشكيل الحكومة، بينما تشهد ساحات التظاهر تحركات أمنية وصفها محتجون بـ"المريبة". وتحدثت معلومات عن قرب إعلان التشكيلة النهائية مطلع الأسبوع المقبل، بعد اتصالات ومشاورات وصفت بـ"الإيجابية" أجراها الرئيس المكلف حسان دياب مع مختلف القوى التي سمّته. وكشفت المعلومات أن رئيس الحكومة المكلف انتهى من تقسيم الحصص وتوزيع الأسماء في التشكيلة المرتقبة، التي يتوقع أن تكون من 18 وزيرا. وذكرت مصادر صحفية أن لقاءا سيجمع دياب مع رئيس التيار الوطني الحر، جبران باسيل، الليلة لوضع اللمسات الأخيرة على التشكيلة الحكومية. من جانبهم، يحضّر المتظاهرون مجموعة من التحركات أمام منزل الرئيس المكلف، وأمام مداخل مجلس النواب، احتجاجا على "منطق المحاصصة" المعتمد في التأليف.
تحركات أمنية "مريبة" في ساحة الشهداء
ويؤكد المتظاهرون في ساحتي الشهداء ورياض الصلح وسط العاصمة بيروت، استمرار احتجاجاتهم ضد الطبقة السياسية الحاكمة، والمحاصصة السياسية القائمة في تشكيل الحكومة. وتحدث ناشطون عن تحركات أمنية مريبة شهدتها ساحة الاعتصام من جانب قوات الشرطة ومكافحة الشغب، فجر السبت، حيث فككت قوة أمنية إحدى الخيام في الساحة. وبحسب شهود عيان، فقد حضرت قوة أمنية كبيرة فجر السبت إلى ساحة الشهداء لجهة منطقة الصيفي، وأقدمت على حجز ناشطين في الخيام قبل تفكيك إحداها وإزالتها بالقوة. واستغرب ناشطون الممارسات الأمنية في ساحة الشهداء، واعتبروا أن "ما يحدث مريب وجزء من القمع والضغط الممارسين على المتظاهرين، خصوصا وأن ساحات الاعتصام لا تشهد أي نوع من الإشكالات أو التحركات الغريبة". وتساءل البعض عما إذا كان هناك قرار سياسي بإزالة الخيام بشكل تدريجي، بعد الحادث الأخير الذي شهدته ساحة الشهداء. وقال أحد الناشطين لـسيريا ستار تايمز، إن "قوات مكافحة الشغب عمدت فجر السبت إلى الفصل بين الساحات، وأجبرت المتظاهرين على البقاء في الخيام، ومنعت التصوير أثناء قيامها بإزالة خيمة كبيرة نصبت في الساحة، واستعانت الشرطة بالجيش اللبناني وبعشرات العناصر لتنفيذ هذا القرار المستغرب". واحتجاجا على الخطوة، عمد متظاهرون إلى إقفال طريق الصيفي في وسط بيروت، فجر السبت، قبل أن تعيد القوى الأمنية فتحها. ودعا محتجون إلى وقفة احتجاجية استنكارا لمنطق إزالة الخيام، موجهين انتقاداتهم لوزارة الداخلية وللقوى السياسية "التي تتغاضى عن الفساد والفاسدين وتعاقب المتظاهرين من دون أسباب واضحة".
المصارف تستمر في سياساتها التقييدية
وعلى صعيد آخر، إثر تطور إشكال أمام أحد المصارف في بلدة حلبا في عكار شمالي لبنان ليصل إلى إطلاق نار واشتباك، بسبب رفض المصرف طلب أحد المودعين بسحب مبلغ من المال، قررت جمعية المصارف إقفال المصارف في محافظة عكار حتى إشعار آخر، بسبب التطورات والإشكالات المتكررة. وفي صيدا جنوبي لبنان، عمد أحد المودعين إلى إقفال مدخل أحد المصارف برافعة وآليات ثقيلة، احتجاجا على رفض المصرف صرف شيك بتعويض نهاية الخدمة بقيمة نحو 16 مليون ليرة لبنانية. وبعد ساعات من الاحتجاج، حصل المودع على أمواله قبل أن يزيل الآليات التي وضعها وسط الطريق. وفي بيروت ومناطق أخرى، تكرر مشهد انتظار المودعين لسحب ودائعهم من البنوك، وسط حال من الفوضى بين الموظفين وأصحاب الحسابات المعترضين على السياسة التقييدية التي تعتمدها المصارف. كما شكا مواطنون في عدة مناطق من عدم توافر الأموال في ماكينات السحب الآلية. وكشفت وسائل إعلام محلية عن برقية أمنية تطلب تشدي الإجراءات الأمنية أمام المصارف، خصوصا بعدما تكررت الإشكالات بين المودعين والموظفين. وأصدرت نقابة المحامين بيانا، مساء الجمعة، اعتبرت فيه الإجراءات التقييدية التي تعتمدها المصارف "تعسفية وغير قانونية"، داعية القضاء إلى التحرك بأسرع وقت لضمان حقوق المودعين. وتخوف متابعون من أن تعمد المصارف إلى الإضراب مجددا وإقفال أبوابها بسبب الإشكالات المتكررة مع المودعين، واعتبر البعض أن جمعية المصارف قد تلجأ لهذا الإجراء كـ"حجة للإقفال" بسبب أوضاعها المالية وعدم توفر السيولة فيها. وشدد مجموعة من المتظاهرين على أن المعركة الأساسية اليوم تكمن بين "المودعين وأصحاب المصارف"، لافتين إلى أنه "لا مصلحة لأحد بافتعال إشكالات مع الموظفين الذين يعانون ككل مواطن لبناني من الأزمة المالية".
استياء من "التعتيم الإعلامي المحلي"
ووسط كل هذه التطورات، يشتكي ناشطون مما أسموه بـ"التعتيم الإعلامي المحلي"، حيث لوحظ في الأيام الماضية غياب التغطية المباشرة لوسائل الإعلام المحلية، عن ساحات الاعتصام أو نقاط التظاهر الأساسية في بيروت ومختلف المناطق اللبنانية. ويقول ناشطون إن "وسائل الإعلام المحلية غابت بشكل شبه تام عن تغطية التظاهرة الليلية مع نهاية العام، التي شهدت احتشاد عشرات الآلاف في ساحتي الشهداء ورياض الصلح، إضافة إلى تظاهرات حاشدة شهدتها مدينة صيدا جنوبي لبنان وطرابلس شمالي البلاد". وأعرب كثيرون عن تخوفهم من أن يكون هذا التعتيم "مقصودا" بشكل أو بآخر، أو منسقا مع "أحزاب السلطة التي تحاول تشويه صورة الاحتجاجات الشعبية وإعطاءها طابعا طائفيا ومذهبيا". ويشير ناشطون لسيريا ستار تايمز إلى أن "أخبار استدعاءات الناشطين والممارسات القمعية للقوى الأمنية، شبه غائبة عن وسائل الإعلام، التي تستضيف رموز السلطة منذ أسابيع وتقلل من أهمية ما يجري على الأرض".