يحل اليوم العالمي للتبرع بالأعضاء في 13 أغسطس/آب من كل عام بهدف التوعية وتثقيف الناس بأهمية وضرورة التبرع لإنقاذ حياة الملايين. والمقصود بالتبرع بالأعضاء هو السماح لشخص ما بإزالة أعضائه جراحيا وزرعها في شخص آخر بشروط معينة، بهدف منح الحياة للشخض المنقول إليه.
ورغم أننا في عام 2023 فإن كثيرين لا يزالون غير واعين بأهمية الأمر، لذا يسعى هذا الحدث السنوي للتوعية بضرورة التبرع بالأعضاء مع توفير مساحة للاحتفال وشكر المتبرعين الذين ينقذون الأرواح. "العين الإخبارية" أجرت حوارا مع الدكتور محمد علي عز العرب، أستاذ الباطنة والكبد ومؤسس وحدة أورام الكبد بالمعهد القومي للكبد، والمستشار الطبي للمركز المصري للحق في الدواء، لتسليط الضوء على الحدث وتبسيط المعلومات المتعلقة به.. وإلى نص الحوار..
ماذا نعني بـ"التبرع بالاعضاء"؟
التبرع بالأعضاء هو عملية الهدف منها إنقاذ حياة شخص يحتاج لذلك العضو، حيث يكون التبرع هو الوسيلة الوحيدة المتاحة لإنقاذ المريض، ولا توجد وسائل علاجية أخرى، وهذا ينطبق على أي عضو سواء الكبد أو الكلى أو القرنية وما إلى ذلك.
ما هي الأعضاء التي يمكن التبرع بها؟
هناك أعضاء يمكن أخذها من متبرع حي تنطبق عليه الشروط مثل الكلى والكبد، وأعضاء أخرى لا يمكن أخذها من متبرع حي ويجب أن تكون من شخص توفي حديثا وأوصى بالتبرع بها وهي: القرنية، القلب، الرئتان، البنكرياس، الأمعاء الدقيقة، الجلد، العظام وأوتارها.
هل هناك أعضاء لا يمكن التبرع بها؟
نعم.. هناك أعضاء لا يمكن التبرع بها كونها تتعلق بـ"اختلاط الأنساب"، ووفقا للقانون المصري قم 5 لسنة 2010، لا يمكن التبرع بأعضاء مثل الخصية، المبايض، الرحم، والأمر ذاته ينطبق على الدول الإسلامية لضمان عدم اختلاط الأنساب، وفقا لآراء الفقهاء.
هل هناك سن محددة عند التبرع بالأعضاء؟
يجب ألا يقل سن المتبرع الحي عن 18 عاما ولا يزيد على 50 عاما لمعظم الأعضاء، وهذا الشرط معمول به في مصر وأغلب دول العالم، وإن كان عند التبرع بعضو مثل الكبد يقبل المتبرع حتى 60 عاما. أما بعد الوفاة فيكون عمر المتبرع مفتوحا، أي من سن يوم وحتى 75 عاما، ويتعلق وقتها التبرع بالأعضاء التي يمكن الاستفادة منها إذا كانت هناك سلامة للعضو.
هل هناك شروط أخرى عند التبرع بالأعضاء؟
من الضروري عدم التحايل أو التدليس وعدم أخذ عضو من شخص حي إلا بعد موافقته، لأن انتزاع الأعضاء من شخص على قيد الحياة حتى لو كان في غيبوبة يصنف "جريمة" طبقا للقانون المصري لزرع الأعضاء لعام 2010 والتعديلات التي أجريت عليه لعام 2017، وعقوبات هذا التصرف صارمة وتصل للإعدام. ويمنع أخذ الأعضاء من الأطفال ومن ناقصي أو عديمي الأهلية مثل أصحاب الأمراض العقلية أو المسجونين، وفي حال عديمي الأهلية يمكن أخذ ما يعرف باسم "الخلايا الأم"، وهي من ضمن الخلايا الجذعية التي يجوز التبرع بها للأم أو الأب أو الأخوة لكن بشرط عدم وجود بديل عنه للتبرع، ويتم الأمر بموافقة الممثلين القانونيين. كما يمنع نقل الأعضاء من مصريين لأجانب، والهدف من هذا المنع الحد من تجارة الأعضاء، والاستثناء يكون في حالة الزواج الذي مضى عليه 3 سنوات، أي يمكن نقل الأعضاء بين الزوجين عندما يكون أحدهما مصريا والآخر أجنبيا بعد مرور هذه المدة على زواجهما.
هل هناك مخاطر أو سلبيات للتبرع بالأعضاء؟
لا يوجد في الطب ما يعرف بـ"100% درجة أمان"، لذا هناك بعض المخاطر التي قد تحيط بالمتبرع وغالبا تدور حول مشاكل مرضية، ومن النادر حدوث وفاة، وعند اتخاذ القرار بالزرع تكون المخاطر أقل والفائدة المتوقعة أكبر بكثير جدا. لذا تضمنت اللائحة التنفيذية لقانون "زرع الأعضاء" المصري اجتماع لجنة ثلاثية قبل الزرع مرتين في جلستين منفصلتين، الأولى للمتبرع والثانية للمنقول إليه قبل إجراء العملية، بهدف شرح العملية بالتفصيل والمخاطر والمضاعفات المحتملة من الزرع. واللجنة الثلاثية تكون مشكلة من 3 تخصصات: هي القلب والأوعية الدموية وجراحة المخ والأعصاب والتخدير والرعاية المركزة.
هل هناك أي تعارض بين التبرع بالأعضاء والأديان السماوية؟
معظم الأديان السماوية أقرت التبرع بالأعضاء، وفي الدين الإسلامي جاءت آراء معظم الفقهاء بما فيهم مجمع الفقه الإسلامي في مكة ودار الإفتاء في مصر أقرت بجواز التبرع بين الأحياء وأيضا المتوفين حديثا بشروط مهمة.
وتضمنت تلك الشروط:
- التأكد أن المتوفى حديثا قد فارق بشكل تام الحياة، ومن الصعب العودة للحياة مرة أخرى، اعتمادا على شهادة أهل الخبرة من الأطباء.
- ألا يكون هناك بديل عن نقل العضو لإنقاذ حياة المنقول إليه.
- والأهم أن يكون المتوفى قد ترك وصية مثبتة أثناء حياته بأنه يتبرع بجزء من أعضائه أو أعضاء بعينها، وذلك بكامل قواه العقلية ودون أي إكراه.
- ألا يكون نقل العضو يسبب اختلاط الأنساب.
- أن يكون التبرع دون أي مقابل، سواء ماديا أو معنويا.
- وفي مصر، أجازت دار الإفتاء نقل أعضاء من متوفى حديثا لمريض يحتاجها حتى دون تركه وصية بشرط موافقة الورثة الشرعيين المعتد بهم، لكن القانون المصري اشترط وجود وصية لضمان عدم وجود أي شبهة.
هل هناك أرقام معلنة أو تقديرية لعدد من يمكن إنقاذهم سنويا حال التبرع بالأعضاء؟
على مستوى العالم هناك الملايين يتم إنقاذهم سنويا عبر "زرع الأعضاء"، و90% من حالات التبرع تكون من متوفين حديثا. وفي مصر يمكن إنقاذ الآلاف سنويا عند التبرع بالأعضاء، فمثلا مرض مثل الفشل الكلوي يقدر عدد مرضاه بنحو 70 ألفا سنويا وإذ جرى التبرع لهم فسيتم إنقاذ الآلاف، أيضا أمراض الكبد حال نقل الأعضاء للمرضى فيمكن إنقاذ ما لا يقل عن 10 آلاف سنويا.
ما هي الخطوات التي اتخذتها مصر لتشجيع ثقافة التبرع بالأعضاء؟
في مصر نعاني من مشكلة "قبول شعبي" للأمر وهناك بعض الفقهاء والأطباء لا يزالون معترضين، لكن الأغلبية اتفقت على جواز التبرع بالأعضاء وشجعت عليه بما في ذلك دار الإفتاء. وحاليا مصر تتخذ خطوات لوجستية في هذا الشأن، فهي بصدد إنشاء أكبر مركز لزراعة الأعضاء في الشرق الأوسط في معهد ناصر، وهذه خطوة مهمة لأن هذا المكان سيتحول إلى مركز دولي. إلى جانب تجهيز الشبكة العنكبوتية وإعداد قاعدة بيانات بالمتبرعين بعد الوفاة طبقا لتسجيل الوصية في الشهر العقاري، فضلا عن توفير "الإسعاف الطائر" وهو من ضمن اللوجستيات الذي أطالب بسرعة تجهيزها والانتهاء منها، لأنه المسؤول عن نقل فريق استخلاص الأعضاء بعد الوفاة مباشرة من أماكن الحوادث. إلى جانب إعلان بعض المشاهير التبرع بالأعضاء بعد وفاتهم ما أعطى دفعة ودعما للسواد الأعظم بأن يحذو حذوهم، فضلا عن الدعم الإعلامي في هذا الصدد.
في رأيك، لماذا يعزف المصريون عن التبرع بأعضائهم بعد الوفاة؟
لا أعتقد أن هناك عزوفا من المصريين عن التبرع بالأعضاء، لكن آراء بعض المشايخ الذي يجلهم المصريون ومعارضتهم للأمر أسهمت في التأخر عن الركب في هذا الأمر، وأعتقد أنه من الضروري توعية المواطنين بأهمية التبرع من المتوفين حديثا.