أطلقت المملكة العربية السعودية والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية، أمس بالتعاون مع مصر والأردن، مبادرة باسم "جهود يوم السلام"، لتنشيط عملية السلام في الشرق الأوسط.
وفي سياق تلك المبادرة، تم عقد اجتماع وزاري في مقر الأمم المتحدة بمدينة نيويورك الأمريكية، على هامش الدورة الـ78 للجمعية العامة للأمم المتحدة، بحضور نحو 50 وزير خارجية من مختلف أنحاء العالم.
وأعلن وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان آل سعود، ومسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، أمس عن إطلاق "جهود يوم السلام" لدعم التوصل إلى حل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
وكتب بوريل على موقع "إكس" ("تويتر" سابقا)، عقب اجتماع على هامش الأسبوع رفيع المستوى في الأمم المتحدة:
الصراع الإسرائيلي الفلسطيني يتدهور بشكل خطير، ونريد من خلال مبادرتنا دعم المسار نحو سلام شامل.
وقال الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، إن الاتحاد الأوروبي بدأ بالتعاون مع جهود نظرائه في السعودية والأردن ومصر والجامعة العربية.
ووصفت وكالة الأنباء السعودية (واس) حزمة "جهود يوم السلام" بأنها محاولة "لتعظيم مكاسب السلام للفلسطينيين والإسرائيليين بمجرد توصلهم إلى اتفاق سلام".
وقال وزير الخارجية السعودي:
بعد فقدان الكثير من الأمل في القضية الفلسطينية، نعيد اليوم قضية حل الدولتين الفلسطينية الإسرائيلية إلى الواجهة، ولا يوجد حل للصراع دون دولة فلسطينية مستقلة.
وأضاف: "نحن نعلم أن الأطراف ليست جاهزة [في هذه المرحلة]"، فيما أوضح بوريل للصحفيين في نيويورك بعد اجتماع مع "أكثر من 40 دولة ووفدا: "إنهم ليسوا مستعدين". وأكد الدبلوماسي الأوروبي النقطة التي أثارها وزير الخارجية السعودي، أن "نتيجة الاجتماع هي التزام أقوى من قبل العديد من الأشخاص بالانخراط بشكل أكبر في حل الدولتين، وهو الحل الوحيد القابل للتطبيق".
3 مجموعات عمل
ووصف بوريل مبادرة "جهود يوم السلام" بأنها عملية لتطوير "حزمة دعم السلام"، ولتحقيق هذه الغاية سيكون هناك "3 مجموعات عمل ستبدأ عملها الشهر المقبل: البعد السياسي والأمني، والاقتصادي والبيئي، والبعد الإنساني".
وتابع أنه "سيتم تقييم تقدم مجموعات العمل كل 3 أشهر، نحو إنشاء حزمة الحوافز بحلول سبتمبر/ أيلول 2024، كما تم إنشاء آلية للسماح للإسرائيليين والفلسطينيين بالتفاعل مع المبادرة".
وذكر مبعوث الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، أن العاملين على المبادرة يدعمون حل الدولتين على أساس حدود ما قبل عام 1967، والتي تشمل الأراضي الفلسطينية المتاخمة.
وتأتي مبادرة "جهود السلام" التي أعلن عنها أمس، بعدما أفاد مسؤول في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أمس بأن السعودية أوقفت المباحثات مع الجانب الأمريكي والخاصة بالتطبيع مع إسرائيل.
ونقل الموقع الإلكتروني "إيلاف"، عن المسؤول الإسرائيلي، أن الحكومة الإسرائيلية الحالية التي تضم بعض أقطاب اليمين المتشدد في البلاد، مثل إيتمار بن غفير، وزير الأمن القومي، وبتسلئيل سموتريتش، وزير المالية، يعارضون أي خطوة تجاه الفلسطينيين.
من جهتها، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية، في وقت سابق اليوم، أن "جهود التوصل لاتفاق تطبيع سعودي إسرائيلي مستمرة".
وقالت الخارجية الأمريكية، في بيان لها، إن "الولايات المتحدة تظل ملتزمة بتعزيز التكامل الإقليمي لإسرائيل، بما في ذلك من خلال الدبلوماسية النشطة، التي تهدف إلى التطبيع الإسرائيلي - السعودي"، حسب تعبيرها، مشيرة إلى التقارير الصحفية التي قالت إن المباحثات توقفت بطلب سعودي.
وأضاف البيان أن "السعودية لم تبلغ الولايات المتحدة بوقف أية مباحثات تتعلق بالتطبيع مع إسرائيل"، مؤكدا أنها تتطلع إلى مزيد من المحادثات مع الجانبين.
وتزايد الحديث في وسائل الإعلام الإسرائيلية، خلال الأسابيع الأخيرة، عن شرط سعودي لتطبيع العلاقات يقضي ببناء محطة نووية مدنية بمساعدة أمريكية على الأراضي السعودية، ما خلّف تحذيرات في الأوساط الإسرائيلية من أن "يخرج البرنامج النووي السعودي مستقبلا عن السيطرة".
وأوضح وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، في وقت سابق خلال مقابلة مع وسائل إعلام غربية، أن التطبيع مع إسرائيل فوائده هائلة للمنطقة على جميع الصُعد، وتحديدا الأمنية منها، مضيفا أن "إبرام أي صفقة حول تطبيع العلاقات مع إسرائيل، يعتمد على موضوع التقدم في عملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين".
وقال ابن فرحان: "هناك صفقة تطبيع مطروحة على الطاولة، منذ عام 2002 وتسمى مبادرة السلام العربية، وحتى قبل ذلك كانت لدى السعودية المبادرة الأولى التي قدمتها المملكة في عام 1982، والتي طرحت آفاق التطبيع الكامل والتام مع إسرائيل مقابل تسوية عادلة للقضية الفلسطينية".
ووقعت إسرائيل، أواخر عام 2020، اتفاقات لتطبيع العلاقات مع الإمارات والبحرين والمغرب وتفاهمات مشابهة مع السودان، برعاية الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، في البيت الأبيض.
وتحاول إسرائيل السعي لتوقيع اتفاق مشابه مع السعودية لما لها من ثقل في العالمين العربي والإسلامي، لكن السعودية، في أكثر من مناسبة، أكدت أن تطبيع العلاقات مع إسرائيل مرتبط بحل الصراع مع الفلسطينيين.
ولا يزال السلام بين إسرائيل وفلسطين بعيد المنال، فبعد عقود من إطلاق عملية السلام في مدريد عام 1991، لا توجد أفق حقيقية لتحقيق حل الدولتين، ولم يتم احترام الاتفاقيات الموقعة، بما في ذلك اتفاقيات أوسلو، بشكل كامل، فالاحتلال الإسرائيلي مستمر، ويأتي معه عدد من التعقيدات والصعوبات، التي تدفع الطرفين إلى الابتعاد عن التوصل إلى اتفاق محتمل.