نفير فلسطيني عام لمواجهة ما سُمي بـ صفقة القرن
رفضاً لما يسمى "صفقة القرن" تعم التظاهرات معظم المناطق الفلسطينية والمخيمات، والرئيس الفلسطيني يتحرك عربياً ودولياً لمواجهة الصفقة، ومكالمة هاتفية بين الرئيس الفلسطيني ورئيس حركة حماس تنذر بكسر جليد الانقسام.
شهدت مدينة القدس المحتلة، وبيت لحم، وطولكرم، والخليل، وغيرها من المدن تظاهرات عمد الاحتلال الاسرائيلي إلى قمعها واعتقال عدد من الشبان. أما قطاع غزة فشهد إضراباً شاملاً تعبيراً عن رفضه لما يسمى "صفقة القرن"، بالتزامن، أعلن الاحتلال تعزيز قواته في الضفة وقرب القطاع. وبالرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع قمعت قوات الاحتلال تظاهرات غاضبة اندلعت في عدة مدن فلسطينية تنديداً بـ "صفقة القرن"، وأصيب خلالها عشرات الفلسطينيين.
المتظاهرون رشقوا قوات الاحتلال بالحجارة، وأحرقوا صوراً للرئيس الأميركي دونالد ترامب، فيما ردّت قوات الاحتلال بإطلاق قنابل الغاز والرصاص المطاطي ما أدى إلى عشرات الإصابات. التظاهرات امتدت الى غور الأردن، وفي أكثر من نقطة تماس مع الاحتلال، وذلك تضامناً مع أهالي الغور، ورفضاً لضمّه إلى سيادة "إسرائيل"، لكنّ قوات الاحتلال منعت المتظاهرين من الوصول إلى الأراضي المهددة واعتدت عليهم بالغاز المسيل للدموع. يشار الى أن غور الأردن يعد سلة الغذاء الفلسطينية والاحتياط الاستراتيجي للأرض والماء، وبسيطرة "إسرائيل" عليه سيحرم الفلسطينيون من فرصهم للتطور الاقتصادي والجغرافي. وفي غزة أيضاً، ردود فعل رسمية وشعبية رافضة ومستنكرة لإعلان الإدارة الأميركية "صفقة القرن"، ودعوات إلى الوحدة واستمرار النضال لإسقاطها.
وطالب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل اليوم الخميس ملوك وأمراء ورؤساء الدول العربية الوقوف ضدّ كل محاولات التساوق مع نهج الإدارة الأميركية في التعامل مع القضية الفلسطينية. مندوب فلسطين لدى الأمم المتحدة رياض منصور كشف عن زيارة للرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى نيويورك في غضون أسبوعين، وأضاف أنه يأمل أن يصوّت مجلس الأمن على مشروع قرار بشأن الخطة الأميركية خلال وجود الرئيس عباس، كما أفاد مراسلنا بأن الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبلغ نتنياهو أن الجانب الفلسطيني لم يعد لديه أّي صلة باتفاقية أوسلو. رسالة عباس نقلها الوزير حسين الشيخ إلى وزير المالية الإسرائيلي موشيه كحلون حيث اتهم فيها نتنياهو بالتنكر لاتفاقية اوسلو. المجلس التشريعي في غزة عقد من جهته جلسة طارئة دان خلالها النواب المشاركة العربية في مؤتمر إعلان الصفقة، وعدّوها طعنة في خاصرة القضية الفلسطينية، كما طالبوا الحكومات العربية بقطع علاقاتها السياسية مع الإدارة الأميركية، ودعوا الشعوب العربية إلى محاربة التطبيع والمطبعين. النفير العام لمواجهة "صفقة القرن"، وعقد لقاء وطني جامع للفصائل الفلسطينية، وبلورة برنامج سياسي موحّد، كلّها دعوات أطلقها نواب المجلس مطالبين السلطة بوقف التنسيق الأمني وسحب الاعتراف بـ "إسرائيل". وتعبيراً عن حالة الغضب الشعبي الرافض للصفقة عمّ الإضراب الشامل كل أرجاء القطاع، وأكّدت لجنة المتابعة للقوى الوطنية استمرار المواجهة مع الاحتلال حتى اسقاط مشاريع التصفية للقضية الفلسطينية.
وقد تنجح صفقة ترامب في حصول ما عجزت عنه السنين، مكالمة هاتفية بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس حركة حماس اسماعيل هنية كسرت جليد الانقسام، وقد تنجح في حصول لقاء يجمع الرجلين في غزة. وفي غضون ساعات تلت إعلان الصفقة، كان الطرفان يتفقان على التلاقي سريعاً، والمضي قدماً نحو المقاومة الشعبية ورص الصفوف. في رام الله استمع الفتحاويون إلى كلمات الرئيس وأنه ذاهب إلى قطاع غزة بأسرع وقت، وفهموا الرسالة جيداً، أن اسقاط صفقة ترامب لا يمكن أن يكون من دون استعادة الوحدة الوطنية الضائعة منذ 13 عاماً. الإسرائيليون يراقبون عن قرب هذه الخطوة المفاجئة، ويرون أنها قد تقضي على الانقسام وجراحه البغيضة، وإذا جرى لقاء عباس - هنية الأسبوع المقبل، ونجح الفلسطينيون في استصدار قرار رافض لـ "صفقة القرن" من جامعة الدول العربية، تكون صفقة ترامب - نتانياهو قد ماتت في مهدها.