كيكي سيتين.. السم في الدسم
لم تستفق بعد جماهير برشلونة من هول صدمة الخسارة المريرة أمام فالنسيا والتنازل عن صدارة الليغا لريال مدريد، حتى تعرض فريقها لضربة أقوى بتوديعه كأس إسبانيا أمس على يد أتلتيك بيلباو. استحواذ بلا جدوى، بطء في افتكاك الكرة، ضعف بدني، ووجه شاحب لأغلب نجوم "البلاوغرانا"، في سادس مباريات الفريق تحت قيادة المدرب الجديد، كيكي سيتين، الذي جاء لبرشلونة لتقديم الكرة الجميلة والجذابة، واتباع فلسفة اللاعب والمدرب الأسطوري للفريق الكتالوني، الهولندي الراحل، يوهان كرويف، التي تعتمد على الاستحواذ، والضغط العالي، واستخلاص الكرة بسرعة بعد فقدانها، وصنع الفرص التهديفية. وظهر برشلونة في مباراة أمس وقبلها في لقاء فالنسيا، وكأنه غيّر القائد دون إصلاح الحافلة، وهو ما أفضى إلى حوادث كثيرة أثناء مجريات المباراتين، أخطاء دفاعية، رعونة أمام المرمى، تمريرات خاطئة، وقرارات غير مفهومة لبعض اللاعبين. وبطبيعة الحال، فبلغة كرة القدم، لا يمكن لسيتين، الذي لم يمض على توليه مسؤولية تدريب "البارسا" سوى 20 يوما تقريبا، لا يمكنه إعادة تركيب زجاج مكسور بين عشية وضحاها، لكن يؤخذ على المدرب البالغ 61 عاما، إصراره في مباراتي أتليتك بيلباو وفالنسيا، وحتى في لقاء ليفانتي، على الاستحواذ، ومحاولته تكرار سيناريو مباراته الأولى مع برشلونة، عندما فاز نتيجة وأداء على المتواضع غرناطة (1-0)، قبل أن يندحر أمام فالنسيا بهدفين دون رد، ويقدم صورة قاتمة ووجها شاحبا أمام ليفانتي (فاز برشلونة بصعوبة 2-1)، ثم السقوط في بيلباو (0-1). ففي تلك المباراة (غرناطة)، بدا وكأن جينات كرة القدم الجميلة تسري في عروق سيتين، فالمدرب خلال 90 دقيقة فقط، نجح في رسم صورة فريق متماسك دفاعيا، يستحوذ ويضغط بشكل رهيب، فنال المدرب الرضا التام من الجميع، وبدا وكأن النادي تعرض إلى ثورة فجائية بين ليلة وضحاها، ما جعل جماهير "البارسا"، تستبشر خيرا من سيتين، وتثق في قدراته على إسدال الستار على موسمين ونصف عجاف من الأسلوب الدفاعي والتقهقر الذي لم يعتد عليه لا مشجعو ولا لاعبو الفريق، في عهد المدرب المقال مطلع العام الحالي إرنستو فالفيردي. ولكن سرعان ما ظهرت عيوب المدرب الجديد مع توالي المباريات، لتطاله أسهم الانتقاد، بسب أسلوبه الذي بات فيه الاستحواذ سلبيا والسيطرة زائفة، بل والأدهى من ذلك، فإن فئة عريضة من جماهير "البارسا"، أبدت حسرتها وحزنها على أيام فالفيردي، فعلى الرغم من أسلوبه الدفاعي والتحفظ الهجومي، كان الفريق في عهده يحقق المطلوب، وحتى عندما لا يلعب بصورة جيدة يعرف كيف يفوز، ولا يعاين الأضرار مثلما يحصل مع سيتين.
صحيح أن أسلوب الاستحواذ لم يكن عاملا أو سببا مباشرا في خسارة "البارسا" أمام أتليتك بيلباو وحتى أمام فالنسيا، ولكن طريقة استخدامه يطغى عليها عدم التوازن ويسودها خلل ما، فقد بدا لاعبو الفريق في المباراتين السابقتين (على وجه الخصوص أمام فالنسيا)، وكأنهم يتبادلون الكرة فيما بينهم من أجل الاستحواذ فقط، ليصبح الاستحواذ مجرد غاية ورقما، لا فلسلفة ووسيلة تؤهل الفريق لتسجيل الأهداف وتحقيق الفوز. وعلى الرغم من فقدان صدارة الدوري الإسباني، والخروج من كأس إسبانيا، ما زالت جماهير برشلونة تتمسك بخيط أمل قد يقود فريقها للحفاظ على اللقب المحلي، وتحقيق الهدف الرئيسي المتمثل في التتويج بلقب دوري أبطال أوروبا، لكن عامل المفاجئة يبقى واردا، فقد يتعرض رفاق الأرجنتيني، ليونيل ميسي، لضربات موجعة أخرى، ويدخل على إثرها الفريق في "غيابات الجب"، ويخرج خائبا ومخيبا من الموسم الحالي بدون أن يحصد أي لقب، في سيناريو لم يعهده "البارسا" في العقد الأخير على الأقل، وحتى في عهد فالفيردي صاحب الأداء والأسلوب المملين، فقد توج معه الفريق بأربعة ألقاب، كما بلغ نصف نهائي "التشامبيونز ليغ".