هل تخوض تركيا مغامرة عسكرية مع روسيا على الأرض السورية؟
أضعفت مكاسب الجيش السوري الأخيرة في محافظة حلب شمال غرب البلاد في الحرب الدائرة في ضد الارهاب بسوريا منذ ما يقرب من 9 سنوات، الأمر الذي يثير تساؤلات حول إمكانية دخول تركيا في "مغامرة عسكرية" مع روسيا. وأعلنت القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة السورية، عن تحرير عشرات القرى والبلدات في ريف حلب الغربي والشمالي الغربي، وذلك بعد سلسلة من العمليات العسكرية المركزة ضد مواقع وتحصينات"التنظيمات الإرهابية". وذكرت القيادة العامة للجيش في بيان: "بخطوات مدروسة محكمة وعمليات نوعية مركزة تابع أبطال الجيش السوري تقدمهم مصممين على اقتلاع الإرهاب من جذوره والقضاء على القتلة المسلحين الذين أرادوا مصادرة إرادة أهلنا في المنطقة واتخاذهم رهائن ودروعا بشرية لعرقلة تقدم الجيش وتأخير القضاء على تلك التنظيمات المسلحة المصنفة على لائحة الإرهاب وفق القانون الدولي"، وتتغير خريطة النفوذ في الشمال السوري بشكل متسارع، حيث سيطر الجيش السوري بشكل كامل ولأول مرة منذ 9 أعوام على 30 بلدة وقرية في ريفي حلب الغربي والجنوبي، وبهذا يكون قد استعاد السيطرة على نحو 95 بالمئة في الريفين، ويضم المنطقة لتلك التي تخضع لسيطرته أيضا بريف إدلب الجنوبي الشرقي. ويجعل تقدم الجيش السوري الأخير، مناطق سيطرة الفصائل المسلحة بريف حلب الغربي وريف إدلب الشرقي، تبدو وكأنها "معزولة تماما"، وبعد هذا التقدم لم يتبق للجيش السوري سوى مناطق معدودة تفصله عن تأمين مدينة حلب بشكل كامل. ويسعى الجيش السوري إلى التقدم باتجاه مناطق مجاورة أبرزها الأتارب غربي حلب، ليكون بذلك ملاصقا لمناطق ريف إدلب الشمالي. ويأتي تقدم القوات السورية بعد أن نجحت في طرد مسلحي المعارضة من طريق "إم 5" السريع الرئيسي، الذي يربط حلب بالعاصمة دمشق، مما أعاد فتح أسرع طريق بين أكبر مدينتين سوريتين للمرة الأولى منذ سنوات. ومع هذه التطورات السريعة المتلاحقة، تكون أهداف دمشق وموسكو من الحملة العسكرية الأخيرة قد تحققت بالسيطرة على الطريق الدولي "إم 5"، وتأمين كامل مدينة حلب، وعزل إدلب لتكون وجهة الحملة العسكرية المقبلة. ولوقف تقدم الجيش السوري، دعت تركيا روسيا إلى وقف الهجمات محذرة إياها من أنها ستستخدم القوة العسكرية لدفع القوات السوريةالى النسحب من إدلب بحلول نهاية الشهر الجاري. ولدعم المسلحين لموالين لها في إدلب، أفادت وكالة الأناضول التركية، أن قافلة تعزيزات جرى نشرها في المدينة على متن 100 مركبة تنقل جنودا ودبابات ومركبات عسكرية. وأرسلت تركيا حتى الآن آلاف الجنود ومئات الأرتال المحملة بالعتاد العسكري، لتعزيز مواقع المراقبة التي أقيمت في إدلب بموجب اتفاق لخفض التصعيد أبرمته مع روسيا عام 2018. وتعليقا على التطورات الجارية في شمال سوريا، قال الخبير العسكري والاستراتيجي، إن على تركيا أن تتعامل مع الواقع الجديد على الأرض، وتوازن علاقاتها مع كل من موسكو وواشنطن، وتواجه حقيقة التقدم الذي أحرزه الجيش السوري بدعم روسي. وأشار الدوري، إلى أن الهدف الأساسي للعمليات العسكرية يتمثل بعزل منطقة ما يطلق عليها إدلب وسهلها، وهو ما يستلزم إحكام القبضة على الريف الجنوبي والغربي والشمالي الغربي لحلب. وعن توقعاته بشأن اندلاع مواجهة تركية روسية في سوريا، أوضح قائلا: "هناك عوامل عديدة تحول دون دخول تركيا في نزاع مع روسيا، أبرزها العلاقات الاقتصادية بين البلدين الساعيين لإيصال حجم التبادل التجاري بينهما لـ100 مليار دولار". وبين الخبير العسكري والاستراتيجي أن تركيا قد تلجأ لورقة ضغط "النازحين" إن اجتيحت إدلب وسهلها، حيث يقطن في تلك المنطقة ما يقارب 3 ملايين ونصف المليون نسمة، وعليه ستعتبر أنقرة هؤلاء تهديدا لأمنها القومي، وتلوح بإرسالهم إلى أوروبا.
وحول سيناريوهات معركة إدلب، قال إن تركيا قد ترغم على قبول "خطوط تماس" جديدة، إن اقتصرت العمليات العسكرية في محيط طريقي "إم 4" و"إم 5"، لكنها قد توجه ضربات للجيش السوري إن تطورت العمليات واتسعت رقعتها. وعلى وقع تقدم الجيش السوري لاستعادة إدلب آخر معاقل المعارضة، دعت أنقرة موسكو لوقف دائم لإطلاق النار، حيث أبلغ وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو نظيره الروسي سيرغي لافروف بضرورة وقف الهجمات في المنطقة. وقال جاويش أوغلو للصحفيين في ألمانيا بعد مؤتمر ميونيخ للأمن: "أبلغنا روسيا بأن الهجوم في إدلب يجب أن يتوقف وبأنه يجب على الفور التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار"، مضيفا أن مسؤولين من تركيا وروسيا سيناقشون هذه المسألة في موسكو وسبق للرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن هدد بدفع الجيش السوري بعملية عسكرية إذا لم تنسحب قواته من إدلب بحلول نهاية الشهر الجاري، ورد الرئيس السوري بشار الأسد بالقول: "الشعب السوري مصمم على تحرير كامل الأراضي السورية من الإرهاب".