تعديل قانون الانتخابات بتونس.. مناورة إخوانية للإطاحة بـ الفخفاخ
اعتبر عددا من المراقبين أن مشروع حركة النهضة الإخوانية في تونس المتعلق بتعديل قانون الانتخابات عبارة عن مناورة للإطاحة بحكومة إلياس الفخفاخ وإجراء اقتراع مبكر. ولم يحظ مشروع حركة النهضة، بالمناقشة داخل البرلمان التونس، الثلاثاء، وتم إرجاء النظر فيه إلى جلسات مقبلة بعد إدخال تعديلات في مضامينه. وينص القانون المقترح على رفع العتبة الانتخابية (الحد الأدنى من الأصوات الذي يشترط الحصول عليه من الحزب ليحصل على مقعد بالمجلس، وهي حاليا 3%)، بنسبة 5% على مجموع الأصوات في الانتخابات، وسط معارضة سياسية ومدنية ونواب برلمانيين. وتساءل مراقبون عن أسباب طرح هذا التعديل في هذا التوقيت السياسي خاصة وأن تونس يفصلها عن الموعد الانتخابي اللاحق قرابة 5 سنوات.
وفسرها العديد منهم بكونها مناورة إخوانية تهدف إلى التخطيط لانتخابات تشريعية مبكرة، والإطاحة بحكومة الفخفاخ المحسوبة سياسيًا على الرئيس قيس سعيد، ورسم أوزان سياسية جديدة بعد عجزها في فرض نسقها السياسي في الفترة الأخيرة. وإزاء هذا القانون صاغ أكثر من 33 منظمة وحزب وشخصيات مستقلة بيانا موحدا رافضا لمقترح إخوان تونس على غرار الاتحاد العام التونسي للشغل والإتحاد الوطني للمرأة التونسية والنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان.
قانون يخدم أحزاب "الأموال"
ويقول الناشط بحركة الشعب القومية خليفة السعدي إن "إدراج عتبة 5% في الهدف منه إقصاء الأحزاب والتيارات السياسية غير القادرة على ضخ أموال كبيرة في حملاتها الانتخابية". واعتبر السعدي أن "ربط هذا التعديل بالحد من التشتت هو حق يراد به باطل إخواني". وأوضح في حديث أن "الرغبة في الاستفراد بالمشهد السياسي والتغول هو الهدف الذي يحرك حركة النهضة تجاه القانون الذي لن يقع المصادقة عليه حتى في حال مراجعته"، بحسب قوله. من جانبها، أكدت الباحثة في العلوم السياسية نرجس بن قمرة أن "إدراج عتبة 5% سيقصي تيارات سياسية لها تمثيل كبير بالمجتمع ولها امتدادها، وهو يستهدف خصوم حركة النهضة من القوميين واليساريين وبعض المنتمين إلى نظام زين العابدين بن علي". وأفادت في حديث أن "الأحزاب الغنية ماديا والتي تتوفر على تمويلات ضخمة هي المستفيدة فقط من الرفع في الحاصل الانتخابي إلى 5%، وهو ما سيخلق خلطًا بين المال والسياسة تضرب كل الأسس الديمقراطية". ويعارض هذا التعديل 4 كتل برلمانية وهي كل من الكتلة الديمقراطية (41 مقعدًا) وكتلة الإصلاح (16مقعدا) وكتلة تحيا تونس (14مقعدا) والدستوري الحر (17مقعدا). ويشار إلى أن القانون الانتخابي الذي ينظم العمل السياسي في تونس وقع إرساءه سنة 2011، إبان سقوط حكم الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي.
الدستوري الحر وتمويلات الأحزاب
وركز الدستوري الحر على ضرورة فتح ملف "التمويلات " المشبوهة لحركة النهضة ورفع الغطاء عن الجهات الأجنبية التي تدعم تواجدها في المشهد السياسي. وقالت عبير موسي رئيسة الحزب في حديث خاص، إن "هذا الملف يجب أن يكون له الأولوية قبل طرح عتبة انتخابية بـ5%"، مؤكدة تورط حركة النهضة في عمليات تزوير انتخابية في الاستحقاق التشريعي لسنة 2019. وكشفت موسي عن احتساب أصوات لشخصيات متوفية في مكاتب الاقتراع بالخارج من قبل حركة النهضة في الانتخابات الأخيرة. وأكدت على ضرورة أن يتبع القضاء التونسي التحريات الضرورية في تمويلات الاخوان وعلاقاتها بالتنظيم الدولي للإخوان. ورغم تشكل الحكومة والتقاء 4 أحزاب حول إلياس الفخفاخ إلا أن شبح سقوطها مازال يطرح نفسه بقوة، بحسب العديد من المراقبين. ويرجح الكاتب السياسي جهاد العيدودي بأن "المشهد السياسي في تونس تسوده الفرقة وتباين المواقف الحادة والصراعات الأيديولوجية، وهو ما يجعل كل التوافقات على قدر كبير من الهشاشة". ويفسر في حديث استعجال حركة النهضة في طرح قانون انتخابي جديد بأنه فقط من "الحسابات السياسية" التي لا تخدم إلا مصالحها الحزبية الضيقة.