موجة نزوح جديدة في ريف الحسكة.. مخاوف شعبية من استئناف نبع السلام
موجة نزوح جديدة تشهدها أرياف الحسكة شمال شرق سوريا، نتيجة تصاعد القصف التركي على خطوط التماس بين الجيش السوري و"قسد" من جهة، والفصائل المسلحة المدعومة تركياً من جهة أخرى، وهي موجة مرشحة إلى الارتفاع، في ظل التهديدات التركية باستئناف وشيك لعملية "نبع السلام".
"قصفوا قريتنا بشكل عنيف، وأُصيب أحد الأطفال بجروح، وتسبّب ذلك بموجة فرار جماعية لأهالي قريتنا الربيعات في ريف رأس العين الشرقي، بعد أن باتت تتعرض لقصف شبه يومي". بهذه الكلمات، يعبّر عبد الرحمن عن حالة قرى خطوط التماس الواقعة بين ريفي رأس العين الجنوبي الشرقي وريف تل تمر الشمالي، والتي تعرضت لموجة نزوح جديدة في الأسابيع الأخيرة. ويضيف عبد الرحمن: "يقصفون القرية حتى نضطر إلى الفرار، ثم يدخلون إليها ويسرقونها، كما حصل في القرى التي احتلوها"، لافتاً إلى أن "الكثير من أهالي القرى التي احتلها الأتراك وعصاباتهم لم يعودوا، خوفاً من ممارساتهم البشعة بحق المدنيين". بدوره، يرفع "أبو محمد" صوته، ليعبّر عن الحال الذي وصل إليه مع مجموعة من النازحين الذين فرّوا من قراهم ومنازلهم، ليقطنوا مدرسة "رضوان البكاري" في مدينة الحسكة مؤخراً، بعد أن ارتفعت وتيرة القصف التركي المدفعي. يقول الرجل : "إردوغان وعصابته هجّرونا من منازلنا، وبقينا بلا كرامة"، وترتفع نبرته بشدة مضيفاً: "نحن شعب الجزيرة.. أصحاب الشهامة والكرامة، بتنا بلا كرامة بسبب المسلّحين وممارساتهم". ويطلب أبو محمد من "كل الجهات المعنية أن تلتفت إلى معاناة أهالي ريف الحسكة الذين تهجّروا بسبب الهجمات التركية على مناطقهم". كما يروي أحمد قصة تهجيره مع أسرته من قرية باب الخير في ريف رأس العين، فيقول: "هربنا من قرية باب الخير بسبب اقتحامها من قبل المسلّحين واستيلائهم على منزلنا في القرية"، ويتابع: "الطائرات التركية دمرت منزل أخي، فيما استولى المسلحون على كل ممتلكاتنا من منزل وأرضٍ ومحركات كهربائية لريّ المزروعات. أتينا إلى الحسكة بملابسنا فقط". كذلك، تعبّر إحدى السيدات الفارّات من رأس العين عن واقع الحال الذي وصلت إليه المدينة، إثر احتلالها من الجيش التركي وفصائل ما يعرف بـ "الجيش الوطني" المدعومة من قبله. تشكو السيدة حال مدينتها، فتقول لـسيريا ستار تايمز: "لم يتركوا شيئاً إلا وسرقوه، وما لم يُسرق تعرَّض للحرق أو التخريب"، وتصف واقع الحال في مدينة رأس العين بأنه "صعب جداً"، مؤكدة أن "الشعب في تلك المنطقة محاصر، ولا شيء يدخل إلى المدينة"، وتضيف: "الناس في رأس العين يدفعون ثمن التجاذبات العسكرية في مناطقهم". أما أم طلال، فتروي قصة نزوح وتشرد تعيشه منذ سنوات بفعل الحرب التي تشهدها البلاد منذ قرابة 9 أعوام. تقول السيدة التي تقطن في إحدى الغرف الصفية في مدرسة "رضوان بكاري" في حي العزيزية في مدينة الحسكة، إنها "نزحت من بلدة مركدة في ريف الحسكة الجنوبي منذ 5 أعوام إلى مدينة الحسكة، ومنها إلى رأس العين". وتتابع: "نزحنا من رأس العين إلى الحسكة بعد أن اجتاحها المسلّحون منذ عدة أشهر"، وتناشد السيدة "المنظمات الدولية بالوقوف إلى جانب المتضررين من الحرب ودعمهم، لأنهم باتوا لا حول لهم ولا قوة". بدوره، يؤكد مدير الشؤون الاجتماعية والعمل في الحسكة، عصام الحسين، أن "الهجمات التركية الأخيرة أدت إلى نزوح أكثر من 160 عائلة من أرياف رأس العين وتل تمر باتجاه مدينة الحسكة"، لافتاً إلى أن "المديرية، بالتعاون مع الهلال الأحمر السوري والجمعيات الخيرية، قامت بتأمين الاحتياجات الأولية للنازحين، وتلبية ما أمكن من متطلبات". ويتوقع أن تشهد المنطقة ارتفاعاً في أعداد الأسر النازحة، بسبب دفع الجيش التركي والفصائل المدعومة من قبله تعزيزات واسعة باتجاه خطوط التماس، في ما يبدو أنها نيات لشن هجمات جديدة على أرياف الحسكة.