سيريا ستار تايمز - وكالة إخبارية عالمية


بن سلمان يضرب المملكة في سويداء قلبها ولم يعد رهاناً آمناً بالنسبة لترامب


استغرب موقع ميديابارت الفرنسي إجراءين قام بهما ولي العهد السعودي محمد بن سلمان هذا الأسبوع، وهما إلقاؤه القبض على ثلة من الأمراء المتنفذين داخل العائلة المالكة وإشفاعه ذلك بتحدي موسكو بإشعال حرب في أسعار النفط تهدد بتقويض مشاريع المملكة الاقتصادية الهائلة. وأشار الموقع في مقال بقلم جان بيير بيرين إلى أن السلطات في الرياض لم تنكر الاعتقالات التي أعلنتها مساء الجمعة صحيفة وول ستريت جورنال ثم صحيفة نيويورك تايمز لاحقا، ولكنها التزمت الصمت التام الذي يعتبر أحد طرق الاعتراف. وذكر الكاتب بأن الاعتقالات طالت عم الأمير أحمد بن عبد العزيز وسلفه في ولاية العهد محمد بن نايف، وعددا آخر غير معروف من الشخصيات البارزة. وعن الأسباب التي دفعت بن سلمان لهذا الإجراء قال الكاتب، إنه في بلد يكتنفه الغموض، من الصعب معرفة ما يدور، هل هناك مؤامرة بالفعل أو أن هناك انقلابا كان وشك التنفيذ، أو أن ولي العهد الشاب (34 عاما) الذي يقال إنه مصاب بجنون العظمة، أراد ببساطة القضاء على كل معارضة من قبل منافسيه في سياق خلافة الملك المسن والمريض سلمان بن عبد العزيز (84 عاما). ومع أن الملك الذي يعاني من ألزهايمر كما يشاع، هو الذي يجب أن يوقع أوامر الاعتقال عندما يتعلق الأمر بالعائلة المالكة، يتساءل ديفد ريغولي-روز، المختص في شؤون الخليج ومدير مجلة "أوريان استراتيجيك" هل الملك بالفعل يستطيع ذلك؟ مضيفا أنه "من أجل حماية ولي العهد نفسه، تم توخي الحذر لإظهار أنه لم يتخذ هذا القرار بمفرده، وأن الملك يتمتع بكامل قواه العقلية، وذلك باستقبال سلمان وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب، قبل الإعلان عن هذا التطهير في اليوم التالي، كما ظهر بعد ذلك بيومين على قناة "الإخبارية" وهو يستقبل السفراء السعوديين في حفل تأدية اليمين". ومع هذا التطهير الأخير -كما تقول الصحيفة- يتيح الملك سلمان لابنه تولي كامل السلطة، بعد أن كان أحمد بن عبد العزيز ومحمد بن نايف آخر الأمراء الذين يخشى منهم أن يحجبوه، خاصة أن الأول منهما كان الوحيد من أعضاء مجلس البيعة الذي رفض ولاية عهد محمد بن سلمان عام 2017.

توقيف غريب

أما الأمر الأكثر إثارة للدهشة بالنسبة لموقع ميديابارت، فكان موافقة الملك سلمان على القبض على شقيقه العائد من رحلة صيد، والذي كان يبدو أن المساس به مستحيل باعتباره أحد أبناء السديرية السبعة الأقوياء وآخر أبناء مؤسس المملكة. ومع أن الأمير أحمد (76 عاما) غادر المملكة عام 2012 بعد إقالته من وزارة الداخلية التي عين فيها لفترة وجيزة، فإنه عاد من لندن في أكتوبر/تشرين الأول 2018 بعد اندلاع فضيحة مقتل الصحفي جمال خاشقجي، فيما يراه ريغولي-روز "صفقة شملت ضمانات على سلامته الشخصية، خاصة من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، من أجل ترميم صورة المملكة وإعطاء انطباع بتماسك صفوف العائلة". إلا أننا كما يقول ريغولي-روز "نرى الآن أن بن سلمان يرغب في إجراء عملية تنظيف رئيسية داخل الأسرة في أسرع وقت ممكن، من أجل الصعود مستقبلا على العرش". ومع أن الأمير أحمد لا يبدي أي طموح -كما يقول الموقع- ولا يسعى إلى الحكم مطلقا، فمن المحتمل أن يكون قد تجمع حول شخصه من العائلة المالكة، كل من يشعرون بعدم الرضا، إما بسبب اغتيال خاشقجي أو بسبب القبض على الأمراء والاستيلاء على ثرواتهم أو بسبب فشل الحرب في اليمن والعجز عن الرد على إيران، وإما أن ولي العهد توقع هزيمة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الانتخابات. ورأى موقع ميديابارت أن اعتقال محمد بن نايف ليس أقل إدهاشا من توقيف الأمير أحمد، خاصة أنه نجح كوزير داخلية قوي في تحطيم الفرع السعودي لتنظيم القاعدة، وكان موضع تقدير خاص من قبل العائلة الحاكمة ووكالة المخابرات المركزية الأميركية وغيرها من أجهزة المخابرات الغربية، كما أنه تعرض هو نفسه لهجوم عام 2009 كاد يودي بحياته. وأشار الموقع إلى أن الدبلوماسيين الأوروبيين كانوا يفضلون بقاء بن نايف وليا للعهد كما كان حتى يونيو/حزيران 2017، قبل أن يطيح به قرار من الملك سلمان لصالح ابنه محمد ويجرده من كل مسؤولياته، ويوضع تحت الإقامة الجبرية.

عمليات تطهير هائلة

وقال الموقع إن عمليات التطهير بدأت في المملكة مع تعيين محمد بن سلمان وليا للعهد، حيث استهدف أجهزة الأمن في أبريل/نيسان 2017، قبل أن تشهد قيادة الدفاع السعودية في فبراير/شباط 2018 إقالة رؤساء الأركان والقوات الجوية والبرية بسبب الإخفاقات التي لحقت بالجيش في حرب اليمن. أما التطهير الهائل فكان في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، عندما اعتقل نحو مئتي شخص، من بينهم 11 من الأمراء وأربعة وزراء وعشرات الوزراء السابقين، واحتجزوا في فندق ريتز كارلتون بالرياض، بعضهم لمدة شهرين، وانتزع منهم أجزاء كبيرة من ثرواتهم. ومن بين هؤلاء المحتجزين الأمير الوليد بن طلال، أحد أكبر المستثمرين في الشركات الغربية مثل سيتي غروب وتويتر وأبل وفندق جورج الخامس وديزني لاند باريس، إلى جانب الأمير متعب بن عبد الله الذي كان رئيس الحرس الوطني والأمير تركي بن ​​عبد الله الحاكم السابق لإمارة الرياض. ويقول ريغولي-روز إنه "مع اعتقال الأمير نايف بن أحمد تدخل المخابرات العسكرية تحت سيطرة رجال بن سلمان، بعد أن كانت واحدة من آخر المناطق التي لم تتأثر بعد بالتطهير، خاصة مع حساسية الحرب في اليمن التي تعرض كل من عارضوها للتهميش أو الإقالة".

إجراء وحشي

وخلص الموقع إلى أن هذا التطهير الأخير والقصير والوحشي -الذي يعطي صورة بلد مزعزع الاستقرار ويخاطر بإخافة المستثمرين الأجانب الذين تحتاجهم المملكة بشدة- جزء من الإستراتيجية التي اتبعها بن سلمان لتسلق مراتب السلطة. وقال الموقع إن إستراتيجية ولي العهد في مجال النفط بعد فشل اجتماع أوبك في فيينا الأسبوع الماضي، بخفض أسعاره كما لم يحدث منذ ثلاثين عاما وزيادة إنتاجه لترهيب موسكو، تمكن مقارنتها مع التطهير الذي تم على الأمراء، وهي نفسها التي طبقها عام 2015 في اليمن، حيث كانت العملية العسكرية سريعة وحادة. وختم الموقع بأن بن سلمان -منذ استيلائه على السلطة بحكم الأمر الواقع- كان عرضة للعديد من الهجمات أو محاولات الاغتيال التي لم يعترف بها النظام السعودي، حيث كانت الأولى في أكتوبر/تشرين الأول عام 2017 بجدة. والثانية الأكثر خطورة -حسب الموقع- في يوليو/تموز 2018، وفي أبريل/نيسان 2018 كانت هناك محاولة انقلاب أسقطت خلالها طائرة مسيرة فوق قصره، إلا أنه قال في مقابلة مع محطة التلفزيون الأميركية سي بي أس أن "الموت وحده هو الذي يستطيع أن يمنعني من الحكم".

وفي نفس السياق مجلة "نيوزويك" الأميركية تقول إن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لا يمكن التنبؤ بأفعاله، ويثير القلق في البنتاغون، وتتساءل عما إذا كانت العلاقة بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب وبن سلمان ستصمد أمام انهيار أسعار النفط ومحاولة الانقلاب المزعومة في السعودية.


انطلقت مجلة "نيوزويك" الأميركية في تقريرها من السؤال عما إذا كانت العلاقة بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب وولي العهد السعودي محمد بن سلمان ستصمد أمام انهيار أسعار النفط ومحاولة الانقلاب المزعومة في السعودية، لتقول إن بن سلمان، الذي لا يمكن التنبؤ بأفعاله، يثير القلق في البنتاغون. بعدما كان يعد ولي العهد السابق محمد بن نايف الخيار الأفضل لتولي العرش. وأشارت إلى أن "استراتيجية البيت الأبيض كانت واضحة منذ البداية، من خلال ربط ترامب المصالح السياسية والتجارية لآل سعود بمصالحه الشخصية". وقالت المجلة إن "تراجع أسعار النفط بمعدل غير مسبوق منذ ثلاثين عاماً وتراجع الاقتصاد السعودي، دفع بن سلمان لبيع حصة من أسهم شركة آرامكو، بالرغم من كل ذلك، يستخدم ترامب محمد بن سلمان والنفط السعودي كأسلحة لإعاقة الاقتصاد الروسي والإيراني والفنزويلي، والتسبب بالبؤس لعشرات الملايين من الناس".​ وأضافت أن "الأمر هو بمثابة انتحار اقتصادي، لكن ترامب لا يريد أقل من ذلك، كما أن الرئيس الأميركي هو العامل الوحيد الذي يحمي قبضة بن سلمان الحديدية على الدولة السعودية في الوقت الحالي"، مشيرة إلى أنه "يتعين على ولي العهد (الهمجي) أن يحرق ميزانيته الخاصة، بينما يحاول ترامب خنق الاقتصادات الأخرى المنتجة للنفط لفرض تغيير النظام في طهران وكراكاس، بينما يشعل حرباً اقتصادية خطيرة مع موسكو". واعتبر تقرير المجلة الأميركية أن "الوقت قد حان ليتبادل بن سلمان وترامب الحلفاء والأعداء"، لافتاً إلى أن "الأقرب إلى دائرة ثقتهم هما إسرائيل والإمارات وكلتاهما تسعيان إلى الحرب مع إيران". وتابع: "ترامب يلعب بالنار، ففي هذه الأثناء قد يكون هناك انقلاب يجري على قدم وساق داخل السعودية، إذ إنه تحت ذريعة الحجر الصحي ضد فيروس كورونا أغلق محمد بن سلمان مدينة القطيف المضطربة ذات الأغلبية الشيعية في المنطقة الشرقية الغنية بالنفط في البلاد، حيث يتحدى المحتجّون من الطبقة العاملة القمع الطائفي ونقص توزيع الثروة منذ عقود وحتى الآن على الأقل يبدو أنه تم الإفراج فقط عن وزير الداخلية". وأكد أنه "في ضوء كل ذلك يبدو أن محمد بن سلمان لم يعد رهاناً آمناً حتى بالنسبة لترامب نفسه".

سيريا ستار تايمز - syriastartimes,