عام على مذبحة كرايستشيرش.. مسلمو نيوزيلندا ما زالوا يشعرون بالتهديد
بعد عام على المذبحة التي نفذها برينتون تارانت أسترالي يميني على مسجدين في مدينة كرايستشيرش، لا يزال مسلمو نيوزيلندا يشعرون بأنهم مهددون، ويرون أن حملة التضامن الهائلة معهم عقب المجزرة باتت من الماضي. وتذكر علياء دانزيسن المسؤولة في المجلس الإسلامي للمرأة، أنه غداة المذبحة التي وقعت في 15 مارس/آذار 2019، التي أسفرت عن مقتل 51 من المصلين، "شعرنا أن شعب نيوزيلندا بكامله يساندنا". أما الآن، فتقول دانزيسن "لا نشعر بالأمان أكثر من قبل"، متحدثة في الذكرى الأولى للمجزرة، التي هزت هذا البلد الواقع في جنوب المحيط الهادئ، والمعروف بهناء عيشه وبتقاليده المضيافة. وتؤكد دانزيسن أن القلق لا يزال منتشراً بين المسلمين الذين ما زالوا يتعرضون لتهديدات وانتقادات.
وأقرت رئيسة الوزراء جاسيندا أردرن، التي حصدت إشادات الأسرة الدولية لطريقة تعاطيها مع الأزمة قبل عام، الجمعة، بأنه ما زال يتعين "القيام بالكثير" للتصدي لأتباع نظرية تفوق العرق الأبيض. وترى أنجم رحمان، التي ساهمت في تأسيس المجلس الإسلامي للمرأة، أنه "لا يزال هناك خلفية أو خطاب كراهية، ليس ذلك تجاه مجموعتنا فحسب، بل نلاحظ الكثير من الكراهية على الإنترنت حيال مجموعة المتحولين جنسياً. لا يمكنني القول إن الأمر يستهدفنا تحديداً، لكننا نشعر به".
وأشارت إلى أنه يتم استهداف المحجبات "ظناً أنهن ضعيفات ولا يمكنهن الدفاع عن أنفسهن". وتحركت الحكومة النيوزيلندية بسرعة بعد المجزرة التي وقعت في كبرى مدن الجزيرة الجنوبية. وتم تشديد القوانين الخاصة بحمل السلاح، وباشرت أرديرن حملة دولية للتصدي للمحتويات المتطرفة على الإنترنت، وفتح تحقيق قضائي لمعرفة ما كان يمكن القيام به لتدارك المذبحة. وأوضحت دانزيسن، وهي محامية أعمال أمريكية سابقة، انتقلت للإقامة في نيوزيلندا قبل 14 عاماً مع زوجها، أن الدعم الذي حظي به المسلمون غداة المجزرة "فاجأ الحركات المنادية بتفوق العرق الأبيض".
وأوضحت لفرانس برس "أدى ذلك إلى جعلهم أكثر حذراً وأكثر حدة، رفعوا الصوت أكثر". وفي تهديد تلقاه المجلس الإسلامي للمرأة مؤخراً، "قالوا لنا إنهم يعرفون ما نفعل ومن نحن ومن نلتقي، وإنهم يراقبوننا، وتحدثوا عن عملية تسميم". وترى المحامية السابقة أنه من المهم إطلاع بنتيها التلميذتين على ما يجري في العالم حتى تمكنا من مواجهة أي نوع من الترهيب.
وتقول: "هذا ما أفعله منذ سنوات، حتى تكونا مهيأتين وقادرتين على شرح (...) الأسباب برأيهما خلف مسألة دولية لرفاقهما أو أساتذتهما". وتشير إلى أن المضايقات التي يعاني منها الأولاد ناجمة عن رفاقهم إنما كذلك عن الأشخاص المشرفين على تربيتهم. وكان للمجزرة التي ألغيت المراسم المقررة، الأحد، لإحياء الذكرى الأولى لها بسبب انتشار فيروس كورونا المستجد، وقع تخطى حدود نيوزيلندا. وفي مسجد النور، أحد المسجدين اللذين استهدفهما اعتداء كرايست تشيرش، تروي جبارة أختر جوتي أن عائلتها البنجلادشية لا تزال "قلقة للغاية" عليها منذ وصولها إلى المدينة قبل عام مع زوجها. ودعا إمام المسجد جمال فودا إلى النظر في عواقب التطرف على نطاق واسع، وليس فقط بالنسبة للمسلمين.
وقال لفرانس برس "كانت هذه حرباً على نيوزيلندا، وليس على المسلمين فحسب. فاليوم يستهدفون مجموعة، وغداً يستهدفون أخرى، أشخاصاً من خلفيات إتنية مغايرة". وذكّر المتحدث باسم المسجد توني جرين بهذا الصدد بالتعرض علناً مؤخراً في أوكلاند لطبيبة من أصل صيني في قضية انتشار فيروس كورونا المستجد، الذي ظهر للمرة الأولى في الصين. وقال جرين: "لا أدري إن كانت من مواليد نيوزيلندا، لكنها كانت تعيش هنا منذ زمن طويل وكانوا يصيحون بها +عودي إلى الصين+"، معتبراً أنها "مشكلة عالمية تطال مجتمعات في جميع أنحاء العالم".