سيريا ستار تايمز - وكالة إخبارية عالمية


انقسام بحزب أردوغان إزاء مشروع يوسع القبضة الأمنية..أردوغان يفصل عسكريين ويطالبهم بمقابل تدريبات


يشهد حزب "العدالة والتنمية"، الحاكم في تركيا، انقسامات وأزمة في ظل العمل على إعداد مشروع قانون يوسع نطاق القبضة الأمنية. ونقلت صحيفة "زمان" التركية تسريبات حول أزمة بالحزب الحاكم بسبب اعتراض وزير العدل، عبدالحميد جول، وعدد من النواب الحقوقيين على رغبة وزير الداخلية، سليمان سويلو، في توسيع نطاق قانون “التحريات الأمنية”. ويقول المعترضون إنه يتوجب بدلا من ذلك اتخاذ خطوات وإجراءات توسع نطاق الحريات وتضمن حماية حقوق الإنسان.
صحيفة "جمهوريت" التركية قالت إن حزب العدالة والتنمية عاود طرح توسيع صلاحيات قانون “التحريات الأمنية” الذي سبق أن أثار أزمة بسبب اعتراض عدد من أعضاء الحزب على حزمة التعديلات. وأشارت إلى أن لقاءات وزير الداخلية مع وزير العدل وعدد من قيادات الحزب والنواب الحقوقيين وموظفي الوزارة لم تسفر عن اتفاق بشأن التعديلات الجديدة على القانون. ونقلت عن مسؤولين بالحزب الحاكم أن الأمر الذي يعملون عليه حاليا هو التمييز والفصل بين التحريات الأمنية والتحريات الأرشيفية وأن وزيري العدل والداخلية يتبعون نهجا مختلفا، مشيرين إلى أن وزير الداخلية يريد توسيع نطاق القانون أكثر. وتعجز الأطراف المشاركة بالاجتماعات عن التوصل لاتفاق بشأن مواضع تطبيق التحريات الأمنية والتحريات الأرشيفية. ويتساءل المسؤولون بالحزب المشاركون بالاجتماعات عن الوظائف والأعمال التي سيُطالب فيه الموظف عند التعيين أو المقاول عند التعامل مع الدولة الخضوع للتحريات الأمنية والوظائف والأعمال التي سيُطالب فيها بالخضوع للتحريات الأرشيفية، مؤكدين أن التحريات الأمنية إجراء واسع النطاق. ويثير تعديل القانون مخاوف بتركيا خشية استخدامها لزيادة التنكيل بالمعارضين الذين وسعت السلطات الاتهامات لاعتقالهم خلال السنوات الـ4 الماضية. ويشهد الحزب منذ فترة حالة من التخبط والارتباك السياسي على خلفية الانشقاقات المتتالية التي تضرب صفوفه بين الحين والآخر، في أعقاب الخسارة الكبيرة التي مني بها أمام أحزاب المعارضة في الانتخابات المحلية الأخيرة، والتي فقد فيها كثيرا من البلديات الكبرى، على رأسها بلديتا العاصمة أنقرة وإسطنبول. فيما تواصل تركيا تراجعها في مؤشر الحريات، لتحتل المركز الثاني بين أكثر دول العالم تدهورا خلال السنوات الـ10 الأخيرة. جاء ذلك بحسب أحدث نسخة من التقييم السنوي للحريات الأساسية الخاص بـ2020 والصادر عن منظمة "فريدوم هاوس" الحقوقية الأمريكية. ووفق التقرير فقد تراجعت تركيا بـ31 نقطة في غضون 10 سنوات؛ ما يجعلها تسجل ثاني أكبر تراجع في الحريات بعد دولة بوروندي التي تراجعت بـ32 نقطة لتكون صاحبة أكبر تراجع خلال العقد الماضي. التقرير الحقوقي صنف تركيا على أنها دولة "غير حرة" للعام الثاني على التوالي، لتنضم بذلك إلى 49 دولة أخرى من أصل 195 تم تقييمها. وبيّن التقرير أن "الملاحقات القضائية وحملات التحرش ضد السياسيين المعارضين وأعضاء بارزين في المجتمع المدني استمرت على مدار عام 2019". كما أشار إلى استمرار تدهور حرية التعبير في البلد وإلى مشاكل في نظام العدالة، مؤكدا أن "تركيا بلد تراجع كثيرا في مجال الحريات". يشار إلى أن مسألة حقوق الإنسان في تركيا تتدهور منذ محاولة الانقلاب الفاشل يوليو/تموز 2016 الماضي، الأمر الذي تسبب في اعتقال الآلاف والفصل التعسفي وفرض حالة الطوارئ وأعمال عنف من قبل النظام التركي بحجة الانتماء لرجل الدين التركي فتح الله غولن. ومن بين ضحايا النظام الطلاب والصحفيون وأساتذة الجامعات والسياسيون والحركات النسوية التي تنادي بحقوق المرأة وحمايتها من القمع. ويواجه الرئيس التركي، خلال السنوات الأخيرة، اتهامات دائمة بتسييس القضاء في بلاده على نطاق واسع، في مسعى منه لاستغلاله من أجل الانتقام من معارضيه وزيادة نفوذه.

ضاعفت السلطات التركية الظلم على الآلاف من المفصولين تعسفيا من الجيش على خلفية مزاعم الانتماء إلى رجل الدين فتح الله غولن، الذي تتهمه أنقرة بتدبير المحاولة الانقلابية المزعومة صيف 2016. ووفق صحيفة "زمان" التركية فإنه بعد فصل السلطات التركية الآلاف من عناصر الجيش دون اتباع أي معيار قانوني، تطالب بعضهم الآن بدفع تعويضات فلكية عن التدريبات العسكرية التي تلقوها قبل فصلهم.
وحسب الأرقام التي أعلنها وزير الدفاع التركي خلوصي أكار في فبراير/شباط الماضي، فقد وصل عدد المفصولين من الجيش إلى 28 ألفا و148 شخصا. من بينهم 24 ألفا و185 مفصولا بمراسيم من رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان، و3 آلاف و963 بقرار حمل توقيع وزير الدفاع خلوصي أكار. المفصولون تعسفيا بقرار أكار تلقوا إخطارات من رئاسات الإدارات المالية التابعة للجيش لدفع تعويضات بقيمة تراوحت بين 7 آلاف و80 ألف ليرة تركية لكل عسكري مفصول حسب رتبته ودرجته. قيمة التعويضات المطلوبة بلغت 80 ألف ليرة تركية (نحو 13 ألف دولار) عن العسكريين الذين حصلوا على تدريبات على الطائرات أو الدفاع الجوي أو الدبابات. بينما طالبت السلطات من حصلوا على تدريبات باستخدام أساليب تكنولوجية منخفضة بدفع تعويضات بقيمة تراوحت بين 7 و10 آلاف ليرة تركية (1000 إلى 1500 دولار). وكذلك طالبت السلطات بسداد فوائد عن الفترة التي مرت على فصلهم من العمل، على الرغم من إبلاغهم بالقرار بعد عام من فصلهم. ويواجه عشرات الآلاف من المفصولين من الجيش أوضاعا معيشية سيئة؛ إذ لا يسمح لهم بالعمل والتوظيف في الشركات والمؤسسات الاقتصادية الخاصة، وفي ظل مطالبتهم بدفع تعويضات يواجه هؤلاء ظلما مضاعفا. ومطلع هذا العام صدر حكم على 70 متدربا سابقا في سلاح الجو بالسجن مدى الحياة بتهمة المشاركة في انقلاب 15 يوليو/تموز 2016، فيما نجح أغلب هؤلاء في الفرار إلى خارج تركيا. ويزعم أردوغان وحزبه "العدالة والتنمية" الحاكم أن غولن متهم بتدبير المحاولة الانقلابية، وهو ما ينفيه الأخير بشدة، فيما ترد المعارضة التركية أن أحداث ليلة 15 يوليو/تموز كانت "انقلابا مدبرا" لتصفية المعارضين من الجنود وأفراد منظمات المجتمع المدني. وتشن السلطات التركية بشكل منتظم حملات اعتقال طالت الآلاف منذ المحاولة الانقلابية، تحت ذريعة الاتصال بجماعة غولن. في إظهار لمدى تأثر القوات المسلحة التركية، بحملات الفصل التعسفية، تناول الصحفي الأمريكي المتخصص في الشؤون التاريخية والدفاعية مايكل ميك، في مقال بعنوان “الطيارون المقاتلون ثمنهم ليس رخيصا” عجز القوات الجوية التركية، حاليا عن تشغيل طائراتها المقاتلة من طراز F-16 بعد فصل عدد ضخم من الطيارين. وجاء في المقال المنشور بمجلة “National Interest” المتخصصة في الشؤون الدفاعية، أن “النظام التركي قام بالتخلص من طياريه وأصاب قواته الجوية بالعجز، لأسباب سياسية، حتى قواته الجوية أصبحت في وضع لا يمكنها تشغيل طائراتها من طراز F-16”. وأضاف: “حبس الطيارين الوطنيين لا يكلف خسائر مادية فقط، وإنما يتسبب أيضا في فقد للعناصر المدربة وموارد القوات المسلحة ذات القيمة الكبيرة للغاية”. وأكد الصحفي أن الجيش التركي استبعد أكثر من 300 طيار مقاتل لأسباب سياسية؛ الأمر الذي جعلها تبدأ البحث عن مقاتلين جدد لسد هذا العجز، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية رفضت طلب الحكومة التركية ولم ترسل لها مدربين لتدريب الطيارين الجديد لديها. وكشف ميك عن أن تركيا لجأت إلى طيارين مقاتلين من دولة باكستان التي تمتلك طائرات من الطراز نفسه F-16 لكن ذلك لم يسد العجز، فقررت بعد ذلك استدعاء نحو 350 طيارا مقاتلا سابقا، وهددتهم بإلغاء تراخيص قيادتهم للطيران المدني.


سيريا ستار تايمز - syriastartimes,