كورونا في تركيا.. أول وفاة وتعتيم ينذر بكارثة..الأتراك مهددون بالسجن حال مخالفة قواعد الحجر الصحي
أول وفاة تعلن عنها تركيا جراء الإصابة بفيروس كورونا، وسط تأكيدات المعارضة ونشطاء حقوقيين بأن السلطات تفرض تعتيما على حقيقة الوضع الصحي بالبلاد.
واختارت أنقرة أن يكون الإعلان عن حالة الوفاة مساء خلال مؤتمر صحفي لوزير الصحة فخر الدين قوجة، مع أن مصادر طبية مطلعة تقول إن الوفاة سجلت منذ الصباح. وأوضح قوجة أن المتوفى عمره 89 عاما، وانتقل الفيروس إليه عن طريق موظف لديه زار الصين، معلنا أيضا تسجيل 51 إصابة جديدة بكورونا، ما يرفع إجمالي عدد المصابين بالبلاد إلى 98. ولم يغفل الوزير محاولة رسم صورة وردية للوضع المنهار، بالإشارة إلى أن "معظم المصابين يتماثلون للشفاء ويجري تقديم الدعم الطبي اللازم لهم". لكن الأتراك يعلمون أن الوضع أسوأ بكثير، غير أنهم يخشون الاحتجاج أو حتى كتابة تدوينة أو تغريدة عبر مواقع التواصل، لأن كل من يفكر بذلك يجد نفسه معتقلا بتهمة ملفقة. وقبل يومين كتب مواطن تركي بشكل ساخر على حسابه بموقع "فيسبوك": "قد تجد نفسك متهما بإهانة كورونا"، في إشارة إلى تهمة "إهانة الرئيس" التي يلفقها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لكل من ينتقده.
التعتيم الإعلامي والكارثة
قبل أيام، حذرت مجلة "ناشيونال إنتريست" الأمريكية من خطورة سياسة التعتيم التي تنتهجها أنقرة في التعامل مع انتشار الوباء على أراضيها، وتوقعت أن الأمر سيقود إلى كارثة حتمية ستدمر الشعب التركي وستقضي على سلامه الاجتماعي. وفي تقرير مطول، قالت المجلة: "بينما ضرب الفيروس 19 دولة (في حينه) على مستوى العالم، ظلت تركيا الدولة الوحيدة غير المتأثرة من بين الدول الأخرى لفترة طويلة". وأضافت: "حتى أن وزير الصحة كان يتباهى بالإجراءات البارزة التي اتخذتها تركيا للسيطرة على تفشي الفيروس". استعراض للعضلات لم يدم طويلا، حيث سرعان ما أظهرت الأرقام والحقائق، أن تركيا قد تتحول لبؤرة للفيروس على الحد الفاصل بين القارتين الأوروبية والآسيوية، ما ينذر بمخاطر عالية قد تهدد محيطها الإقليمي أيضا. فمنذ بداية انتشار الوباء على أراضيها، حرص وزير صحتها على عدم تقديم أي معطيات حول المصابين، ولا عن مواقعهم، ورفض الرد على أسئلة الصحفيين بهذا الخصوص، متعللا بخصوصية المرضى، مع أن جل بلدان العالم وضعت تطبيقات عبر الإنترنت توضح خارطة وجود المصابين بالمدن.
مطالب بكشف الحقيقة
طالب القيادي الكردي صلاح الدين دميرتاش، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بالشفافية ومصارحة الشعب بحقيقة الأوضاع المتعلقة بانتشار فيروس كورونا وعدم إخفاء المعلومات. جاء ذلك بحسب سلسلة تغريدات نشرها المعارض الكردي المعتقل في السجون التركية منذ 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2016، على حسابه الشخصي بموقع "تويتر". وقال دميرتاش الرئيس المشارك الأسبق لحزب الشعوب الديمقراطي في تغريداته: "في هذه الأوقات الصعبة، على المجتمع بأكمله أن يعمل بأقصى درجة من التضامن والتعاون لمكافحة الوباء". كما طالب المعارض الكردي السلطات التركية بإتاحة جميع أنواع العلاج مجانا في المستشفيات الحكومية والخاصة لمواجهة انتشار فيروس كورونا المستجد. وتابع: "لا بد من إتاحة العلاجات مجانا. كما يجب أن تنخرط المستشفيات الخاصة في تقديم هذه العلاجات والخدمات بشكل مجاني شأنها في ذلك شأن المستشفيات الحكومية". دميرتاش طالب كذلك بـ"توزيع المواد الغذائية الأساسية ولوازم التنظيف والأدوية والمستلزمات الطبية على جميع المحتاجين مجانا، وتقديم ما يكفي من الكهرباء والمياه والغاز الطبيعي والإنترنت والهاتف مجانا". ودعا كذلك إلى "منح موظفي القطاعين العام والخاص إجازة مدفوعة الأجر، ودفع إعانات البطالة لجميع العاطلين عن العمل، وتأجيل جميع الضرائب والرسوم وإيجارات التجار في أماكن العمل".
اعتقالات والتهمة كورونا
والإثنين الماضي، اعتقلت وزارة الداخلية التركية 19 شخصا بسبب نشر ما وصفته بتعليقات "مستفزة" على مواقع التواصل الاجتماعي عن الفيروس . وقالت الوزارة إن البلاد رصدت 93 شخصا كتبوا منشورات "لا أساس لها من الصحة ومستفزة" على مواقع التواصل الاجتماعي عن تفشي الوباء.
جاء ذلك في الوقت الذي أغلقت فيه تركيا المقاهي وأماكن الترفيه والرياضة ومنعت صلاة الجماعة في المساجد ووسعت حظر طيران ليشمل 20 دولة لاحتواء تفشي الفيروس، بعد أن زاد عدد الحالات المؤكدة في البلاد إلى 47 حالة. وقال بيان وزارة الداخلية إن منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تستهدف مسؤولين وتنشر الفزع والخوف، بالإشارة إلى أن الفيروس انتشر على نطاق واسع في تركيا وأن المسؤولين لم يتخذوا إجراءات كافية. وقال البيان الذي نشر في وقت متأخر، الإثنين: "جرى اعتقال 19 من المشتبه بهم وعملية اعتقال الآخرين الذين تم التعرف عليهم مستمرة".
هدد وزير العدل التركي عبدالحميد جول، من لا يتبعون قواعد الحجر الصحي، بالسجن، مشيرا إلى أن عدم اتباع القواعد المنصوص عليها جريمة يعاقب عليها القانون.
جاء ذلك في تصريحات صحفية أدلى بها الوزير، وفق ما ذكره الموقع الإخباري التركي "بولد ميديا". وقال الوزير إن المادة 195 من قانون العقوبات التركي تنص على أن عقوبة السجن بالنسبة لمن لا يخضع لقواعد الحجر الصحي، تتراوح بين شهرين وعامين كحد أقصى. وأضاف جول: "على الجميع اتباع التعليمات المتعلقة بانتشار فيروس كورونا، والالتزام بقواعد الحجر الصحي حتى نتمكن من السيطرة على المرض، وعدم الالتزام بذلك جريمة يعاقب عليها القانون لما في ذلك من تهديد للمجتمع بأسره". جاء ذلك في تعليق من الوزير التركي على قيام عدد كبير من الأتراك بالهروب من أماكن العزل المخصصة لهم، سواء في المستشفيات أو المدن الجامعية لسكن الطلاب، التي خصصتها الحكومة لعزل المشتبه في إصابتهم بالفيروس. وسبق أن أعرب مواطنون أتراك يخضعون للحجر الصحي، بسبب الفيروس، عن استيائهم من الإهمال وصعوبة الأوضاع بأماكن العزل التي حددتها الحكومة التركية، لاستقبالهم، والتي وصفوها بـ"الحظيرة". وبحسب ما نقله العديد من وسائل الإعلام التركية، الأحد الماضي، اشتكى المحتجزون، من سوء الأوضاع بأماكن العزل وعدم اهتمام المسؤولين عنها بالنظافة أو تقديم وجبات غذائية منتظمة وصحية. وقال عدد منهم إنهم في طريقهم للإصابة بأمراض أخرى إذا استمرت أوضاع الحجر الصحي بهذا السوء، بحسب الصحيفة التي ذكرت أن أحد نواب المعارضة عن حزب الشعب الجمهوري، التقاهم، وطلبوا منه نجدتهم من تلك الأوضاع السيئة. أحد المحتجزين، قال عن مكان العزل: "المكان لا يصلح للعيش، فضلا عن إهمال النظافة اللازمة، وعدم وجود طعام"، مضيفا: "جمعونا وأحضرونا إلى هنا على عجل، ولا يوجد أي حجر صحي هنا، إن هذ المكان أشبه بالحظيرة". كما أعلنت وزارة الداخلية التركية، الإثنين، اعتقال 19 مواطنا بسبب تداولهم أنباءً عن تفشي وباء كورونا في البلاد، عبر حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي. وقال بيان صادر عن الوزارة: "تم تحديد 93 مشتبها بهم بسبب منشوراتهم حول فيروس كورونا، ونشرهم معلومات غير مؤكدة واستفزازية على حساباتهم الرسمية بمواقع التواصل الاجتماعي، بينما تم اعتقال 19 آخرين". وبلغت حصيلة الإصابات بفيروس كورونا المستجد 180 ألفا و90 حالة حول العالم، بينما وصل عدد الوفيات إلى 7063 في 145 بلدا ومنطقة. وتم تسجيل أول إصابة بفيروس كورونا في تركيا يوم 11 مارس/آذار الجاري. وأغلقت تركيا المقاهي وأماكن الترفيه والرياضة ومنعت صلاة الجماعة في المساجد ووسعت حظر طيران ليشمل 20 دولة لاحتواء تفشي الفيروس، بعد أن زاد عدد الحالات المؤكدة في البلاد إلى 47 حالة. واضطرت تركيا، الجمعة، إلى وقف الرحلات الجوية لـ9 دول أوروبية حتى 17 أبريل/نيسان المقبل، حسبما أفاد آنذاك العديد من وسائل الإعلام المحلية. وسبق أن أعلنت السلطات التركية تعطيل المدارس في عموم البلاد لمدة أسبوعين؛ للحيلولة دون تفشي الفيروس. وكان عضو اللجنة العلمية التركية لفيروس كورونا، البروفسور ألباي عزب، أعلن، أنه من المتوقع وصول عدد الإصابات بالفيروس، بالأسابيع الأربعة المقبلة، وفي أسوأ الحالات، إلى 30 ألف إصابة.