الكورونا: عندما توحد المصائب التونسيين
لعل إحياء قيم التعاون والتآزر هي أفضل الحلول التي اختارها التونسيون للتصدي لهذا العدو، خاصة وأن تونس لا تمتلك الإمكانيات المادية التي تستطيع من خلالها التصدي والتوقي من انتشار الفيروس بالإضافة إلى ضعف البنية الأساسية الصحية وضعف الإمكانيات داخل المستشفيات إذ لم يتم إلى حد الآن سوى تجهيز 16 قاعة عزل في كامل البلاد وهي غير كافية في حال انتشر الوباء أكثر وتطلب مئات الوحدات المجهزة بآلات الإنعاش والتنفس الاصطناعي علما أن آخر الأرقام الرسمية تؤكد تسجيل 5 حالات إصابة جديدة بفيروس كورونا المستجدّ بتونس ليصبح العدد الجملي للمصابين 29 حالة مؤكدة إلى حدود الأربعاء 18 آذار/ مارس 2020. ولئن الحكومة التونسية راهنت على ضرورة نشر الوعي المواطني بالالتزام بالتوصيات الوقائية وخاصة الحجر الصحي الذاتي للخروج بأخف الأضرار، فإن التونسيين راهنوا على الاتحاد والتضامن في ما بينهم سواء لزيادة نشر الوعي أو لدعم الحكومة مادياً. فعاليات المجتمع المدني بتونس، تحركت في إطار معاضدة جهود الحكومة للتوقي من فيروس كورونا، وأطلقت حملة "شد دارك نحن نجيوك" وهي حملة جمع وتوزيع المساعدات للتونسيين الخاضعين للحجر الصحي وضعاف الحال من خلال توفير المواد الغذائية الأساسية والمواد الصحية. كما بادر مغني الراب كريم الغربي ''كادوريم''، بالتبرع لتونس بمعدات صحية وكمامات طبية، وتم توزيعها على المستشفيات ووحدات الحماية المدنية في مختلف جهات البلاد. ودعا كل من يخضع للحجر الصحي إلى المكوث بمنزله مقابل توفير كل ما يستحقه بعض رجال الأعمال وأصحاب الشركات قاموا بدورهم بتقديم مساعدات مالية لوزارة الصحة قصد توفير المستلزمات الصحية الضرورية، فيما منح البعض الآخر عطلة لعمالهم وتعهدوا بتسديد أجورهم في موعدها. مواطنة تونسية مقيمة بالخارج تطوعت من خلال إهداء عمارتها في إحدى الجهات الساحلية للبلاد التونسية لوزارة الصحة لاستغلالها في حربها ضد انتشار هذا الوباء، كذلك فعل مواطن ثان من محافظة الكاف الموجودة بالشمال الغربي للبلاد. كما عبرّت الكشافة التونسية عن استعدادها بمختلف هياكلها الوطنية والمحلية وانخراطها التام في معاضدة جهود الدولة لمجابهة الوضع الصعب الذي تعيشة البلاد، ووضعت على ذمة الحكومة التونسية 8 آلاف قائد وقائدة من المتدربين على إدارة الازمات ومجابهة الكوارث، في كامل تراب الجمهورية، إضافة الى 20 ألف متطوع، للتدخل العاجل لمساعدة كل من اضطروا للبقاء في الحجر الصحي وتأمين كل احتياجاتهم الغذائية والصحية وغيرها. بعض الشباب في عدة أحياء تجمّعوا واقتنوا مواد التعقيم وبادروا بتطهير محطات الميترو الخفيف والحافلات والمساحات الكبرى وغيرها من الأماكن، فيما تطوع البعض الآخر إلى تنظيم الصفوف أمام المغازات الكبرى والبلديات ومقرات البريد وحث المواطنين على اتباع التوصيات التي فرضتها وزارة الصحة البعض الآخر قام بوضع مواد تعقيم ومياه أمام محلاتهم التجارية ومنازلهم أيضا لتمكين المارة من غسل أيديهم . كذلك فعل أحباء جمعيات كروية حيث اقتنوا مواد تنظيف على غرار "الجافال" والصابون للعائلات المعوزة التي لا تستطيع أن توفر أبسط الضروريات لتعقيم منازلها، فيما وفّر فلاح تونسي لهذه العائلات أكياساً تحمل شتى أنواع الخضر والغلال. تضامن التونسيون وتآزرهم جاء أيضاً من خارج الحدود حيث دعت الجالية التونسية المقيمة بفرنسا التونسيين العالقين بباريس إلى البقاء مع توفير المسكن والمأكل والمسكن. وكان رئيس الجمهورية قيس سعيد صرح بأنه سيتبرع بنصف راتبه ودعا التونسيين في حوار متلفز إلى التبرع بدورهم، فيما دعا الاتحاد العام التونسي للشغل الموظفين والعمل إلى التبرع بيوم عمل، وكانت وزارة الصحة أحدثت صندوق تبرعات لمقاومة انتشار كورونا في تونس.