لماذا لا تحبذ أغلب الأمهات عطلة أبنائهن؟
منذ يومين، أي منذ بدء فرض الحجر الصحي على الأشخاص في الكثير من البلدان، لم تهدأ مواقع السوشال ميديا بعرض النكات ومقاطع الفيديو الساخرة المتعلقة بمعاناة الأمهات مع أطفالهنّ؛ فهناك من ربطتهم بالحبال كي تُكمل عملها من المنزل، وأخرى تبكي جراء قفز ومشاغبة أطفالها في المنزل وركضهم من غرفة لأخرى، عدا عن فيديوهات أخرى تحكي المعاناة نفسها. لذلك، نجد بعض الأمهات لا يحبذنَ عطلة المدارس، خاصة إن كان أطفالهنّ من ذوي الحركة المفرطة أو الطلبات الزائدة، فيسببون لهنّ اضطرابا وتوترا نتيجة سلوكياتهم السيئة والمزعجة التي تضجّ بالمنزل كله. عطلة إجبارية توجب فرض السيطرة
المتخصص في الدراسات الاجتماعية الدكتور فارس العمارات يردّ سوء المعاملة التي تصدر من الأم في عطلتهم غير المتوقعة، أي ليست عطلة نهاية العام الدراسي، لعدم توفر الوقت المناسب عندها للقيام بواجباتهم وتنفيذ متطلباتهم كافة، نظرا لعدم اعتيادها على البقاء معهم فترة طويلة، إما لقضاء ساعات في عملها، أو إن كانوا في المدرسة، لذا تجد في عطلتهم مسألة مزعجة تدعو للقلق. ومن الأمهات من تلجأ للتهديد والصراخ والإهانة والضرب أحيانا كشكل من أشكال عقابهم، خاصة إن كانوا من ذوي السلوكيات الحادة، وكثرة الحركة وعدم التقيد بالأوامر، وهذا ما ينعكس على سلوكياتها، فتصبح أكثر شراسة وعنفا، لضيق المساحة التي لا تهيئ لها الفرصة والوقت من أجل إكمال ما عليها من التزامات. بالإضافة لذلك، تجد في ضيق وقتها وهي تتابع أمورهم وطلباتهم، حرمانا لها من الهدوء وفرصة احتساء فنجان القهوة، إلى جانب حرمانها من النوم أثناء النهار، لا سيما إن كانت تقضي ساعات الليل في التحضير لأعمال اليوم التالي. وهذا ما تؤيده الأخصائية النفسية والتربوية الدكتورة سوزان السباتين بالقول إن العديد من الأمهات يشتكينَ حالة من الاستياء والضجر جراء الحجر المنزلي الذي كان استجابة لمنع حدوث عدوى الكورونا، لذلك، سيكون تواجد الأطفال والزوج على مدار الساعة داخل البيت أمرا صعبا على الزوجة. فمن جهة، ستفقد الوقت الذي كانت تنجز به أغلب مسؤولياتها المنزلية بالإضافة إلى حرمانها من أوقات الراحة واحتساء فنجان القهوة بهدوء، وصعوبة حصولها على قسط من الراحة والنوم جراء الصراخ والفوضى التي تعمّ المكان. كما لم تغفل السباتين عن قائمة طلباتهم التي لا تنتهي، وعدم محافظتهم على نظافة البيت، خصوصا أن هذه الفترة تتطلب التنظيف والتعقيم بشكل مستمر. ويعود العمارات ليؤكد أحقية المرأة بأن يكون لديها بيئة مناسبة لأداء الأعمال الخاصة بها والتي كانت متراكمة عليها منذ زمن، فيتبيّن لها أن وجود الأطفال خلال العطلة لن يمكّنها من إنجاز الأعمال بشكل دقيق وسريع؛ لأن وجودهم يعيقها عن ذلك، لا سيما إن كان عملها هو مصدر رزقها الذي تؤمن من خلاله التزامات المنزل واحتياجات أطفالها. تنظيمهم مسألة مهمة من هنا، لا بد للأم أن توازن ما بين توفير بيئة آمنة ومستقرة وسليمة لأطفالها في العطلة، ومحاولة تنظيم أمورهم بدءا من لحظة استيقاظهم حتى نومهم، إذ يتعين عليها عمل برامج تسعى فيها إلى التغيير اليومي في التعامل، وتحفيز السلوك الذي ربما يكون فيه نوع من الاستفزاز في بعض الأوقات من أجل خلق منافسة بين الإخوة وبالتالي الانشغال واللّهو بالمهام الموكلة إليهم، وبتنفيذها بإتقان، كما يرى العمارات. أما الأخصائية السباتين، فتنصح الأمهات بضرورة بناء روتينيات جديدة سواءً لأغراض النظافة ضد الفيروس ومن أجل الصمود النفسي أيضا، بدءاً من دعوتهم لمشاركتها في الطبخ وإعداد أصناف من الحلويات التي يحبونها، وتحديد وقت مناسب لمشاركتهم مشاهدة الأفلام والمسرحيات.
بالإضافة إلى تحويل المشاجرات بين أبنائها إلى أجواء من المرح والفكاهة ونشر التفاؤل، كي لا تتفاقم المشاكل أكثر، لحين مرور تلك المرحلة بسلام.