كورونا هو البداية فقط.. تهديدات أشدّ خطورة على البشرية
لئن كان فيروس كورونا المُستجدّ يندرج تحت فئة الأوبئة والأمراض الطبيعية، إلا إذا ما أثبت العلم سبباً آخر له في المستقبل، فإن درجة تهديده لا تُقاس بما يمكن أن تكون عليه التهديدات الأخرى.
نشأ علم المستقبليات مع تواتُر تقديرات علماء طبيعة وأخصائيين في مجالات شتّى في استشراف مصير البشرية على ضوء ممارسات البشر أنفسهم أو نتيجة تفاعلهم مع ابتكاراتهم التكنولوجية. وبطبيعة الحال تتّخذ تقديرات هؤلاء العلماء أهمية لا مجال لمُقارنتها بتقديرات علماء السياسة كفوكوياما أو أمثاله، ممّن يدورون في دائرة ضيّقة لا يمكنها أن تلحظ النطاق الأوسع لحراك البشر والأمم. ويمكن تصنيف التهديدات التي تمثّل خطورة على مستقبل البشرية ضمن الأنواع التالية: -التهديد البيئي: يشمل هذا المحور كل ما يرتبط بالبيئة من احتباسٍ حراري وتبدّل في المناخ وشحّ في المياه وتصحّر وما يمكن أن ينجم عن ذلك كذوبان ثلوج القطبين وزيادة التلوّث، وكل ما يرتبط بالضَرَر الذي يُسبّبه الإنسان للبيئة؛ بما في ذلك الأوبئة والأمراض الناتجة من هذا التهديد. -الكوارث الطبيعية: للوهلة الأولى قد يبدو هذا النوع هو الأقل خطورة بين التهديدات، ولكن الاحتمالات العلمية لا توافق على ذلك. تشمل الكوارث الزلازل والبراكين. في التاريخ أمثلة على تغيّرات كبيرة في حياة البشرية بفعل كوارث من هذا النوع، لذا يُدرج العلماء الكوارث الطبيعية ضمن قائمة التهديدات البالغة الخطورة. -سباق التسلّح: حتى الأمس القريب، كان يُعتبر سباق التسلّح النووي الخطر الأكبر في العالم، لكنّ المفاهيم المُرتبطة بالصِراع السياسي والاقتصادي بين الدول تغيَّرت لتشمل كل نوع من القوَّة التي من شأنها إبادة البشرية. وبالتالي يشمل هذا السباق كل تطوير لسلاحٍ غير تقليدي. -الذكاء الصناعي: تتركّز جلّ مخاوف العلماء في عدم وجود أجوبة شافية على أخلاقيات تطوير الذكاء الصناعي، فضلًا عن عدم قدرة البشر على التحكّم بهذا الذكاء متى ما تجاوز الذكاء البشري. بعض التجارب التي أجراها علماء في هذا المجال مُخيفة بالفعل، وتُشير إلى أننا أمام قدرة علمية فائقة قد تخرج عن السيطرة في المستقبل القريب. -الهندسة الجينية: تراود البشر غريزة التفوّق منذ القِدَم. في الوقت الراهِن، تمتلك العديد من الدول مشاريع تشمل هذا القطاع تحت عناوين طبية، ولكن استخدامات هذا العِلم تعني أيضاً البحث عن "تعديل" خصائص البشر ليكونوا متفوّقين و"خالدين". قد يبدو ذلك أقرب إلى الأفلام السينمائية حالياً، لكنه احتمال وارد جداً في المستقبل القريب. ولئن كان فيروس كورونا المُستجدّ يندرج تحت فئة الأوبئة والأمراض الطبيعية، إلا إذا ما أثبت العلم سبباً آخر له في المستقبل، فإن درجة تهديده لا تُقاس بما يمكن أن تكون عليه التهديدات الأخرى أعلاه، خاصة وأن النماذج التاريخية المُشابهة لكورونا أثبتت استمرار الحياة البشرية بالرغم من خطورتها، في حين أن التهديدات الأخرى قد تكون غير مسبوقة في معظمها.