لماذا الهند دون الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي ستكون ساحة المعركة الرئيسية للعالم ضد Covid-19؟
مع إغلاقها لمدة 21 يوما، انضمت الهند إلى قائمة الدول التي تتخذ خطوات استثنائية لمحاربة كورونا وستحدد نتائجها مستقبل هذا الوباء. فهل تستطيع الهند مساعدة العالم في محاربة كارثة كبرى؟ أعلن رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، عن خطوة غير مسبوقة يوم الثلاثاء الماضي، لوضع "البلد بأكمله في حالة حظر" لمدة 3 أسابيع حتى 14 أبريل. وأخبر مودي الهنود أن إنقاذ الأرواح هو "أولويته الأولى"، وطلب أن يظل الناس في منازلهم، وأكد مجددا أن الإبعاد الاجتماعي هو الطريقة الوحيدة لكسر حلقة العدوى التي انتشرت بسرعة حول العالم. وحذر مودي: "اخرج من منزلك في الـ 21 يوما القادمة، وستعيد البلاد إلى الوراء 21 عاما". ويمكن القول إن هذه ليست مبالغة. في الواقع، بعدد سكان يبلغ أكثر من 1.3 مليار نسمة، فإن كيفية استجابة الهند لهذه الأزمة الآن، يمكن أن يحدد مسار جائحة Covid-19 للعالم بأسره. وأوضح الدكتور مايكل جيه رايان، المدير التنفيذي لبرنامج الطوارئ الصحية لمنظمة الصحة العالمية، أن مستقبل التفشي يعتمد إلى حد كبير على ما يحدث في البلدان الكبيرة والمكتظة بالسكان مثل الهند. وحذر رايان يوم الاثنين الماضي من أن الهند يجب أن تواصل اتخاذ "إجراءات كبيرة على مستوى الصحة العامة وعلى مستوى المجتمع، لاحتواء هذا المرض والسيطرة عليه وقمعه وإنقاذ الأرواح.
- تحديات Covid-19 في الهند ليس من المستغرب أن تواجه الهند عدة عقبات رئيسية في معركتها ضد Covid-19؛ عدم كفاية تمويل الرعاية الصحية ونقص المياه النظيفة ومرافق النظافة في العديد من المناطق، والسكان ذوي الكثافة العالية المذكورة أعلاه، على سبيل المثال لا الحصر. وتشير التقديرات إلى أن زهاء 420 شخصا يعيشون على كل كيلومتر مربع من الأرض في العديد من المدن الكبرى في البلاد، وهو وضع يجعل من دون شك "الإبعاد الاجتماعي" و"العزلة الذاتية" أمرا مستحيلا، دون سياسة إغلاق مفروضة بصرامة، وحتى ذلك الحين فإنه سيظل صعبا. ويعتبر القانون الفعال الذي يحكم الرعاية الصحية العامة، فجوة واضحة أخرى في معركة الهند ضد جائحة Covid-19. في حين أعلنت الحكومة أن المرض "كارثة تم الإبلاغ عنها" بموجب قانون إدارة الكوارث، ما يمنح سلطات مركزية معينة للحكومة المركزية على الولايات ويتيح تخصيص المزيد من الأموال للأزمة، إلا أن الحقيقة هي أن الهند تفتقر إلى تشريع مخصص لحالة الوباء. والقانون الأساسي الذي تلجأ إليه في إدارة حالات الطوارئ للرعاية الصحية، هو قانون أمراض الأوبئة في العصر الاستعماري البالغ من العمر 123 عاما لعام 1897، والذي تم سنه لمحاربة الطاعون الدبلي.
لذا، يبدو استعداد الهند للتعامل مع الوباء العالمي غير كاف، خاصة عند النظر إليه في سياق مدى سوء احتواء البلدان المتقدمة مثل إيطاليا وإسبانيا والولايات المتحدة، للمرض، حتى مع كثافات السكان المنخفضة نسبيا وأنظمة الرعاية الصحية الأكثر تقدما. وأبلغت إيطاليا عن أول حالة إصابة بفيروس كورونا في 20 فبراير، ولكن في غضون أسابيع، تجاوزت حجم تفشي المرض في الصين، المركز الأصلي لتفشي الوباء، وقُتل أكثر من 8200 شخص خلال أكثر من شهر. وعلى الرغم من وجود نظام رعاية صحية ممول جيدا وإغلاق على مستوى الدولة منذ أكثر من أسبوعين، فقد نفدت أجهزة التهوية والأسرّة في إيطاليا، للمرضى الجدد، وشهدت إصابة أكثر من 6000 من موظفي الرعاية الصحية بالفيروس. وبالمثل، ارتفع عدد الوفيات في إسبانيا إلى أكثر من 4000 حالة هذا الأسبوع، حيث سجلت البلاد أكثر من 57000 حالة إصابة مؤكدة. وكانت خدمات الجنازة في مدريد مرهقة تماما لدرجة أن مسؤولي المدينة اضطروا إلى تحويل حلبة للتزلج على الجليد إلى مشرحة مؤقتة، للتعامل مع زيادة عدد الوفيات. وحذرت منظمة الصحة العالمية من أن الولايات المتحدة، التي أبلغت عن أكثر من 85000 حالة إصابة بفيروس كورونا، وأكثر من 1200 حالة وفاة، قد تظهر كمركز جديد للفيروس.
- سيناريو يوم القيامة أم أمل في النجاح؟
حتى الآن، يبدو أن الهند كانت محظوظة، حيث تم الإبلاغ عن 16 حالة وفاة فقط في الأسابيع الأربعة الماضية - ولكن بعض الخبراء يحذرون من أن هناك سيلا من الحالات الجديدة قد يكون قريبا جدا. وفي أسوأ السيناريوهات، يمكن أن يصاب 60% من إجمالي سكان الهند – زهاء 800 مليون شخص - بالفيروس القاتل، وفقا للدكتور رامانان لاكسمينارايان، مدير مركز الأمراض والاقتصاد والسياسة الذي يقع مقره في الولايات المتحدة، ومستشار لمنظمة الصحة العالمية والبنك الدولي. ومع ذلك، هناك بعض الأمل إذا قمنا بتقييم سجل الهند الحافل في إدارة الأوبئة السابقة والقضاء على الأمراض الفتاكة. وكما أشارت منظمة الصحة العالمية، قادت الهند العالم للقضاء على قاتلين صامتين: الجدري وشلل الأطفال. وفي مؤتمر صحفي في جنيف، أشار الدكتور رايان إلى أن الجدري "قتل عددا أكبر من الناس على هذا الكوكب، أكثر من كل الحروب معا" وأن الهند، من خلال "التدخلات الصحية العامة المستهدفة، أنهت هذا المرض وقدمت هدية عظيمة للعالم". وقال رايان إن الهند قضت أيضا على شلل الأطفال، وهو قاتل صامت آخر، وقامت "بعمل هائل في المراقبة: تحديد الحالات والتطعيم والقيام بكل ما يلزم. وإذا استطاعت الهند القيام بذلك في الماضي، فهناك أمل في أن تتمكن منه مرة أخرى. وبالتالي، فإن الإغلاق لمدة 3 أسابيع - إذا تم تنفيذه بنجاح - بالإضافة إلى الإجراءات الأخرى التي أدخلتها الحكومة، يمكن أن يحد من انتشار الوباء. وستكون الأيام القليلة القادمة حاسمة في هذه المعركة، وسيراقب العالم عن كثب تطور الأحداث.