جرحى مسيرات العودة.. إصرارٌ متزايدٌ على استرجاع الأرض والحقوق
رغم مضي ما يزيد على 70 عاماً على احتلالها، لا يزال شعب فلسطين المؤمن بحقه يقف ثابتاً كالوتد، مطالباً بأرضه، متمسكاً بتاريخه وجغرافيته، وغزة خير شاهد ودليل.
يثبت القطاع المحاصر منذ ما يزيد عن 14 عاماً، عمق تمسك الشعب الفلسطيني بأرضه، ورغم استخدام جيش الاحتلال الإسرائيلي لمعظم امكانياته البشرية والمادية، لم يستطع أن يكسر إرادة الفلسطينيين أو يجبرهم على الاستسلام.
لم يكتف الاحتلال بالحصار، بل شن على غزة اعتداءات متكررة، ودمّر الحجر وقتل البشر، لكن الغزيين أدهشوا العالم بقدرتهم على خلق سبل المواجهة رغم عنجهية الاحتلال وتهميش المجتمع الدولي لها، فكانت مسيرات العودة وكسر الحصار، آخر وسيلة للضغط على الاحتلال والرد على جرائمه.
جرحى مسيرات العودة: مستمرون برغم الحصار والقتل والتعذيب
المصور الصحفي في غزة عطية درويش، والذي أصيب أثناء تصويره فعاليات مسيرات العودة يوم 14 كانون الأول/ديسمبر من العام 2018، بقنبلة غاز أصابت وجهه، يقول إن الإصابة أثّرت بشكل كبير على عينه وسمعه وعلى شكل وجهه، إذ أن العظام في وجهه من الجهة الشمالية تهشمت وتكسرت، ولم تستطع العمليات التي أجراها في غزة، ومصر، والأردن، أن تعيد نظره وسمعه، ولا أمل في استرجاعهما.
الإصابة التي أحدثتها قوات الاحتلال في وجهه، بعد الاستهداف المتعمد، لم تكن سهلةً أبداً، والعلاج أيضاً، وفق ما قاله درويش .
ويضيف أن "أبرز ما نعانيه كجرحى، هو الحصار على غزة، وتأثيره على الوضع المادي في القطاع".
ويشير درويش إلى أن الإصابة أثرت على عمله بشكل كبير، مؤكداً أن "الوضع النفسي سيء، نصف وجهي راح! حتى النوم على الجهة الشمالية من وجهي غير ممكنة بسبب الآلام فيها". يختم المصور الفلسطيني حديثه بالتأكيد على أن مسيرات العودة جعلت العالم يسمع بالقضية الفلسطينية وحق العودة من جديد، وشدد على أن الفلسطينيين هم أصحاب هذه الأرض، و"سنستمر رغم ما نتعرض له من استهداف وقتل وتعذيب وحصار". أما الجريح الفلسطيني محمد أبو ريدة الذي أصيب أيضاً أثناء مشاركته بمسيرات العودة، بات مقعداً في منزله، بعد أن أصابت رصاصة متفجرة الحبل الشوكي في جسده.
ويقول أبو ريدة أإنه حتى الآن لم يستطع التأقلم مع إصابته التي شلّت رجليه، وأوقفته عن العمل، مشيراً إلى أنه يستمر بالعلاج على أمل عودة الحركة في رجليه. ووجّه الجريح الفلسطيني رسالة أثناء حديثه، وقال "أجسادنا وأرواحنا فداء للوطن، ومسيرات العودة خطوة مهمة لكسر الحصار عن غزة وتثبيت حق العودة". درويش وأبو ريدة هما جريحان من أصل آلافٍ أصيبوا أثناء مطالبتهم بكسر الحصار المستمر منذ العام 2007 إلى الآن.
الحصار يخنق القطاع الطبي ويعطل حياة الجرحى
يعاني هؤلاء الجرحى من قلة المال والمساعدات، فالفقر استشرى في القطاع المحاصر، والمستشفيات تعاني من قلة الأجهزة الطبية والأدوية، ووصلت أزمة المستشفيات إلى ذروتها العام الماضي، فما حالها الآن؟ بحسب وزارة الصحة في غزة فإن "مريضاً واحداً من كل مريضين يتوفر له العلاج، وكثير من المرضى حرموا العلاج، وآخرون يُطلب منهم إحضار العلاج من الخارج لعجز المستشفيات عن تأمينه". وبلغ عدد شهداء مسيرات العودة الإجمالي من 30 آذار/مارس عام 2018 حتى 15 حزيران/ يونيو عام 2019 حوالى 215 شهيداً، بينهم 12 إمرأةً، وفق احصاءات وزارة الصحة الفلسطينية. فيما بلغ عدد الجرحى 17581، بينهم 1174 إمرأة، و 3646 طفل. وتقول تقارير إن قوات الاحتلال الإسرائيلي استهدفت المدنيين المشاركين بمسيرات العودة على حدود قطاع غزة برصاصات موجهة إلى أماكن قاتلة وباستخدام الرصاص المتفجر، الحي، أو المطاط، وقنابل غاز، أو قنابل متفجرة. كما أقام الاحتلال الإسرائيلي منطقة عازلة على طول الشريط الحدودي لقطاع غزة بعرض يزيد عن 1500 متراً، في محاولة للتخفيف من آثار مسيرات العودة. توقفت المسيرات حالياً في ظل الاجراءات الهادفة للحد من انتشار فيروس كورونا، لكن أهالي غزة يؤكدون على أن هذه المسيرات ستستأنف، ولن تتوقف حتى تحقيق المطالب بكسر الحصار والعودة إلى الأراضي الفلسطينية السليبة.