تمرد بسجن تركي رفضا لمقترح أردوغان لـ العفو العام
كشفت وسائل إعلام تركية، عن وقوع حالة تمرد داخل أحد السجون جنوب شرقي البلاد، يعتم عليها نظام الرئيس رجب طيب أردوغان، رفضا يستثني المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي. وبحسب ما ذكره الموقع الإخباري التركي "بولد ميديا"، جاءت حالة التمرد هذه بأحد السجون بمدينة باطمان عاصمة ولاية تحمل الاسم نفسه، جنوب شرقي البلاد. وأوضح أن حركة التمرد هذه شهدتها العنابر المخصصة للمعتقلين السياسيين، رفضا لمشروع قانون "العفو العام" الذي يتبناه نظام أردوغان، ويستثنيهم من تخفيض فترة العقوبة، ولا يعاملهم محاملة المجرمين والمتحرشين ومغتصبي النساء. المصدر ذكر كذلك أن النيابة العامة بالمدينة المذكورة زعمت أن السجن اندلع به حريق، نافيا أن تكون هناك حالة من التمرد بداخله.
وأضاف الموقع "مقترح العفو العام الذي تقدم به حزب العدالة والتنمية، الحاكم، وحليفه الحركة القومية المعارض، لتخفيف فترات العقوبات لبعض المساجين بسبب تفشي فيروس كوورنا، لم يشمل المعتقلين السياسيين". وأردف "وعلى إثر ذلك جاءتنا أنباء من مصادر موثوقة تفيد بأن هناك حالة تمرد بين معتقلي الرأي والسياسة داخل سجن باطمان، بعد أن تنامى لعلمهم أنهم غير مشمولين بالمقترح المذكور". وأشار إلى أن "هؤلاء المعتقلين أخذوا يرددون هتافات عبروا من خلالها عن رفضهم المقترح، وانتقادهم نظام أردوغان، وقاموا بإضرام النيران في العنابر والزنازين الخاصة بهم، ما اضطرت إدارة السجن إلى الدفع بفرق الإطفاء والإسعاف لمكان الحادث". وبيّن أن "قوات الشرطة الخاصة وعددا كبيرا من المدرعات شكلت طوقا أمنيا بمحيط السجن"، مشيرا إلى أن حاكم الولاية توجه إلى المكان". وأفاد الموقع بأن هناك الكثير من مقاطع الفيديو المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة تؤكد صحة هذه المعلومات، حيث تعالت في تلك المقاطع أصوات المعتقلين وهم يرددون الهتافات، وتصاعد ألسنة اللهب أيضا. في السياق ذاته توافدت عائلات المسجونين بأعداد كبيرة إلى السجن، للاطمئنان على سلامة ذويهم، فيما منعت إدارة السجن المحامين من الدخول للوقوف على أوضاع موكليهم في ظل تلك الأحداث. فرع منظمة "حقوق الإنسان" التركية في باطمان أصدرت هي الأخرى بيانا حول الأمر، وذكرت فيه أن هناك أعدادا كبيرة تقف أمام السجن، مطالبة الجهات الرسمية بإصدار بيان تكشف فيه حقيقة ما يجري. بدورها أصدرت نقابة المحامين بالمدينة بيانا أكدت فيه أنها تتابع تطورات الموضوع عن كثب، وأن الحريق اندلع في عنابر المسجونين السياسيين، في تأكيد لما قالته المصادر للموقع الإخباري. تجد الإشارة إلى أن تركيا تشهد حالة من الجدل منذ فترة، بسبب المقترح المذكور الذي قدمته الحكومة للبرلمان، وتم قبوله الجمعة من قبل لجنة العدل بالبرلمان. ويهدف المقترح لإجراء تعديلات في قانون العقوبات، يتضمن بنودا لتخفيف عقوبة السجن أو قضاء ما تبقى منها في المنزل لكل أنواع الجرائم، بمن فيهم المتهمون بتهم مخلة للشرف وتجار المخدرات، غير أنه استثنى من ذلك المعتقلين السياسيين الذين توجه لهم عادة تهمة "الإرهاب". ونصت التعديلات المذكورة على خفض شرط العفو المبكر على سجناء جرائم العنف الجنسي وتجارة المخدرات، ليتم تفعيله على من قضوا 65% من عقوبتهم عوضا عن نسبة 75% التي يتم العمل بها حاليا.
ولم يتضمن المقترح الحكومي حول تخفيف عقوبة السجن لجرائم القتل العمد وقضايا “الإرهاب”، التي تسرف حكومة حزب العدالة والتنمية في إلصاقها بالمعارضين، بمن فيهم المعتقلون السياسيون والمعتقلون حاليا بتهمة الانتماء إلى جماعة رجل الدين "فتح الله غولن"، والذين يعتبرون ضحايا اتهام الرئيس أردوغان لهم بتدبير مسرحية الانقلاب صيف عام 2016. وفي حال إقرار التعديلات فإنه سيكون من الممكن إخلاء سبيل 100 ألف شخص، من بينهم 60 ألف مُدان في جرائم المخدرات. وقالت وسائل إعلام تركية إن التعديلات المقترحة ترفع حد عقوبة السجن في المنزل المطبقة على السجناء من النساء والأطفال وكبار السجن من 6 أشهر إلى عام للنساء والأطفال وكبار السن ممن أتموا 65 عاما، ومن عام إلى عامين لكبار السن ممن أتموا 70 عاما، ومن 3 سنوات إلى 4 لكبار السن ممن أتموا 75 عاما. وستطبق عقوبة السجن في المنزل على السجناء الذين ستثبت التقارير الطبية أن الأوضاع في السجن تهدد حياتهم بسبب مرض عنيف أو إعاقة يعانون منها، من بين السجناء الذين حكم عليهم بعقوبة السجن لمدة 5 سنوات أو أقل بعض الشيء، أو السجناء الذين تحولت عقوبتهم إلى السجن أثناء قضائهم فترة عقوبة الغرامة المالية. هذا وبالإمكان تطبيق عقوبة السجن في المنزل على النساء اللاتي وضعن حملهن حديثا وتلقين عقوبة بالسجن لمدة 3 سنوات أو أقل بعض الشيء. وكان أوغور بويراز، المحامي التركي البارز، قال في فبراير/شباط الماضي إن حزمة العفو العام هذه "ليس الهدف منها إنصاف المظلومين وإنما إنقاذ المتهمين المقربين من السلطة". وأضاف المحامي قائلا "الأيام الأخيرة بتنا نسمع عن أحداث فساد قامت بها العديد من الهيئات والمؤسسات كالهلال الأحمر، وهناك مقربون من أردوغان يعاقبون بتهم التهرب الضريبي، وسوف يستفيد كل هؤلاء ممن يحاكمون في هذه القضايا من تلك الحزمة عند صدور قانون العفو".