قانون أردوغان للعفو يحمي الجريمة ويعاقب كاشفيها
"لماذا يحبس الصحفي الذي كتب عن الرشوة بينما يبقى المرتشون بالخارج؟" سؤال طرحه زعيم المعارضة التركية كمال قليجدار أوغلو، في معرض انتقاده لمشروع قانون "العفو العام" الذي تبناه نظام الرئيس رجب طيب أردوغان. استنكار لوضع عده قليجدار أوغلو تكريسا لوجود اللصوص في بلد يعاني من الفساد في ظل وضع اقتصادي هش. ويناقش البرلمان التركي، الثلاثاء، مشروع قانون العفو العام، الذي قدمته حكومة حزب العدالة والتنمية، وتم قبوله الجمعة من قبل لجنة العدل بالبرلمان. ويهدف المقترح إلى تخفيف عقوبة السجن أو قضاء ما تبقى منها في المنزل لكل أنواع الجرائم، بمن فيهم المتهمون بالاتجار في المخدرات، لكنه استثنى من ذلك المعتقلين السياسيين الذين توجه لهم عادة تهمة "الإرهاب". وقال قليجدار أوغلو: "هذا المقترح غير عادل وبمثابة ترسيخ لوجود اللصوص، وتأكيد لانعدام الضمير في البلاد، ومن ثم فإنه إما أن يتحول لقانون منصف سنعارضه"، بحسب صحيفة "جمهورييت" المعارضة. وتابع: "في الوقت الذي يقضي فيه بحبس كاتب 3 أعوام لأنه كتب مقالا عن الفساد، يطلق سراح موظف فاسد دون أخذ عقوبة، بموجب ذلك القانون، وهذا لن يسمح به أي ضمير".
ويوجد بالسجون التركية 80 ألفاً من تجار المخدرات، و45 ألف لص، و37 ألف إرهابي، و32 ألف متهم في جريمة قتل، و32 ألف متهم بإصابة آخرين، و27 ألف متهم بالابتزاز، و22 ألف متهم في جرائم جنسية، و3 آلاف متهم بالإضرار بالممتلكات، و3 آلاف محتال، و3 آلاف مدانون بجرائم منظمة". وأردف قائلا: "كل هؤلاء سيشملهم قانون العفو الجديد المقترح بينما يغض الطرف عن أصحاب الرأي والمعارضين القابعين في سجون أردوغان". وشدد على أنه "عندما يطلق سراح اللصوص بينما يظل من فضح هؤلاء داخل السجن، فهذا يعني أن الدولة هي من ترسخ هيكل اللصوص عن طريق البرلمان". واستطرد قائلا: "القانون بمثابة فرض للرقابة والوصاية على الإعلام الحر، كيف نقبل هذا؟ على أردوغان أن يخرج ويشرح هذا، فلماذا يحبس الصحفي الذي كتب عن الرشوة بينما يبق المرتشون بالخارج، فهذا عفو عن سارقي الدولة". كما جدد زعيم المعارضة التركية تأكيده على عدم رفضهم القانون من حيث المبدأ، مضيفًا: "نريد فرض العدالة والضمير عليه، وهذا ما لا يوافق عليه حزب العدالة والتنمية الحاكم".
ونصت التعديلات المذكورة على خفض شرط العفو المبكر على سجناء جرائم العنف الجنسي وتجارة المخدرات ليتم تفعيله على من قضوا 65% من عقوبتهم عوضا عن نسبة 75% التي يتم العمل بها حاليا. ولم يتضمن المقترح الحكومي حول تخفيف عقوبة السجن جرائم القتل العمد وقضايا الإرهاب التي تسرف حكومة حزب العدالة والتنمية في إلصاقها بالمعارضين، بمن فيهم المعتقلون السياسيون وبتهمة الانتماء إلى جماعة رجل الدين (فتح الله غولن)، والذين يعتبرون ضحايا اتهام الرئيس أردوغان لهم بتدبير مسرحية الانقلاب صيف عام 2016. وفي حال إقرار التعديلات فإنه سيكون من الممكن إخلاء سبيل 100 ألف شخص من بينهم 60 ألف مُدان في جرائم المخدرات.
وبحسب وسائل إعلام تركية فإن التعديلات المقترحة ترفع حد عقوبة السجن في المنزل المطبقة على السجناء من النساء والأطفال وكبار السجن من 6 أشهر إلى عام للنساء والأطفال وكبار السن ممن أتموا 65 عاما، ومن عام إلى عامين لكبار السن ممن أتموا 70 عامًا، ومن 3 سنوات إلى 4 لكبار السن ممن أتموا 75 عامًا. وستطبق عقوبة السجن في المنزل على السجناء الذين ستثبت التقارير الطبية أن الأوضاع في السجن تهدد حياتهم بسبب مرض عنيف أو إعاقة يعانون منها من بين السجناء الذين حكم عليهم بعقوبة السجن لمدة 5 سنوات أو أقل بعض الشيء أو السجناء الذين تحولت عقوبتهم إلى السجن أثناء قضائهم فترة عقوبة الغرامة المالية. وكان أوغور بويراز، المحامي التركي البارز، قد قال في فبراير/شباط الماضي إن حزمة العفو العام هذه، "ليس الهدف منها إنصاف المظلومين وإنما إنقاذ المتهمين المقربين من السلطة".