سيريا ستار تايمز - وكالة إخبارية عالمية


الولايات المتحدة إلى الانهيار : تعامل ترامب مع فيروس كورونا؟.. عدو خفي لا مثيل له..البحث عن كبش فداء..الرئيس أدمن لقاء الصحفيين


أسابيع قليلة فصلت بين تصريحات للرئيس الأميركي دونالد ترامب أكد فيها عدم وجود مخاطر على بلاده من وباء كورونا، وبين قوله يوم الجمعة الماضي إن الولايات المتحدة تمر بفترة "ذروة انتشار فيروس كورونا" الذي أصاب حتى الآن أكثر من نصف مليون مواطن وتسبب في وفاة ما يقرب من عشرين ألفا. غيّر ترامب آراءه ومواقفه من فيروس كورونا ومخاطره إلى أن أصبحت إستراتيجية "أميركا أولا" -التي نادى بها ترامب- حقيقة واقعة فيما يتعلق بأعداد إصابات وموتى كورونا الأميركيين والتي تخطت ضحايا الفيروس في دول العالم الأخرى.

سيريا ستار تايمز رصدت رحلة ترامب تجاه فيروس كورونا من أربع مراحل:

المرحلة الأولى: الإنكار والاهتمام بقضايا أخرى

30 نوفمبر/تشرين الثاني 2019 أشارت تقارير مختلفة إلى رصد الاستخبارات الأميركية وجود عدوى غريبة تنتشر بمدينة ووهان الصينية، وأشارت شبكة "أي بي سي" إلى أن وكالة المخابرات المركزية (سي آي أي) أبلغت البيت الأبيض وحذرت من أن ذلك يمكن أن يمثل خطرا كبيرا حال انتقال العدوى للولايات المتحدة. 31 ديسمبر/كانون الأول 2019 أخبرت الصين حينها منظمة الصحة العالمية بوجود فيروس كورونا أواخر 2019. وبعد ثلاثة أيام تلقى الرئيس ترامب رسميا تقريرا مفصلا من جينا هاسبل رئيسة وكالة الاستخبارات المركزية يتحدث عن مخاطر فيروس كورونا. في ذات اليوم، اتخذ ترامب قرارا بتصفية الجنرال قاسم سليماني قائد سرايا القدس الإيرانية، واتجه تركيزه بصورة كاملة لاحتمالات التصعيد العسكري مع طهران. اتجه تركيز ترامب وكبار مساعديه على المحاكمة التي أجراها مجلس الشيوخ بهدف عزل الرئيس، حتى انتهت بالتصويت بعدم إدانة ترامب في الخامس من فبراير/شباط. 22 يناير/كانون الثاني 2020 أجاب ترامب عن سؤال من شبكة "سي إن بي سي" حول فيروس كورونا خلال مشاركته في مؤتمر دافوس في سويسرا، وقال "أنا غير قلق على الإطلاق من احتمال وجود وباء، لدينا فقط حالة واحدة لشخص قدم من الصين. سيكون الأمر على ما يرام". 29 يناير/كانون الثاني أرسل بيتر نافارو المستشار الاقتصادي لترامب مذكرتين للرئيس جاء فيهما أن "فيروس كورونا قد يقتل ما يزيد على نصف مليون شخص في الولايات المتحدة وسيكلفها ستة تريليونات دولار من الخسائر الاقتصادية". 31 يناير/كانون الثاني تم تشكيل فريق عمل بالبيت الأبيض للتعامل مع انتشار فيروس كورونا، ثم أعلن ترامب وقف الطيران من وإلى الصين. 10 فبراير/شباط أكد ترامب خلال خطاب له في مؤتمر انتخابي بولاية نيوهامبشاير أنه "بحلول أبريل/نيسان ومع بدء اشتداد الحرارة سيختفي الفيروس". المرحلة الثانية: كل شيء تحت السيطرة تميزت المرحلة الثانية بإدراك البيت الأبيض لوجود مخاطر وشيكة، في وقت استمر فيه الرئيس ترامب في القول إن "كل شيء تحت السيطرة" والمخاطر على بلاده قليلة. 25 فبراير/شباط صرح ترامب خلال زيارته الرسمية للهند بالقول "إن وباء كورونا تحت السيطرة في الولايات المتحدة، هناك 59 إصابة فقط منهم 45 حالة انتقلت إليهم العدوى في الخارج". بعد عودته لواشنطن بدأت الاتهامات توجه للرئيس بسبب تقليله من خطورة فيروس كورونا، خاصة بعدما قال إن "انتشار الفيروس محليا ليس أمرا محتوما" في تغريدة له. 28 فبراير/شباط أوقف ترامب الطيران من وإلى أوروبا، ثم أدعى خلال زيارته لمركز السيطرة على الأمراض والوقاية في مدينة أتلانتا بولاية جورجيا "توافر اختبارات الكشف عن فيروس كورونا لأي مواطن أميركي يرغب في ذلك، لدينا أعداد كبيرة منها" وقد تناقضت تلك الكلمات مع الواقع بصورة كاملة. 9 مارس/آذار غرد ترامب بالقول "الإعلام المزيف والديمقراطيون يقومون بكل ما لديهم من قوة لمضاعفة المخاوف من فيروس كورنا في الوقت الذي يؤكد فيه الخبراء أن مخاطر الفيروس ضئيلة جدا على المواطنين الأميركيين". 11 مارس/آذار أعلنت منظمة الصحة العالمية تحول فيروس كورونا إلى وباء عالمي، وحذرت دول العالم من ضرورة اتخاذ الخطوات اللازمة للتعامل مع الوباء الخطير.

المرحلة الثالثة: عدو خفي لا مثيل له

12 مارس/آذار عطلت المدارس وأغلقت الشركات وتوقفت المصانع عن العمل بعد انتشار الفيروس في العديد من الولايات، وانهار سوق الأسهم وول ستريت وخسرت مؤشرات الأسهم 35% من قيمتها خلال أيام قليلة. 13 مارس/آذار أعلن ترامب حالة الطوارئ القومية في أنحاء البلاد، وهو ما سمح بتخصيص مليارات الدولارات للولايات للتعامل مع تداعيات الوباء. 17 مارس/آذار دعا ترامب الأميركيين "للبقاء في منازلهم لأسبوعين، واتباع قواعد التباعد الاجتماعي لمنع انتشار الفيروس". قدم ترامب نفسه كرئيس دولة في حالة حرب ضد ما وصفه بعدو غير مرئي، قبل أن يضيف خلال ظهوره المتكرر في المؤتمر الصحفي بالبيت الأبيض "أرى نفسي، بطريقة ما رئيسا في وقت حرب، نحن نخوض حربا، وهو موقف صعب جدا جدا". وأضاف "أدركت المخاطر مبكرا وكنت أتوقع ما أعلنته منظمة الصحة العالمية مؤخرا من تحول فيروس كورونا لوباء عالمي". غرد ترامب للاستعداد لعودة فتح قطاع الأعمال وعودة العمال والموظفين لمكاتبهم ومصانعهم بحلول أعياد الفصح في 12 من أبريل/نيسان، قائلا "لا يمكن أن يكون العلاج أسوأ من المرض، أريد العودة وإنهاء الإغلاق بحلول عيد الفصح، لماذا لا أتصور أنه يمكننا فعال ذلك". 27 مارس/آذار وقع ترامب على تشريع الكونغرس القاضي بتقديم حزمة مساعدات اقتصادية هي الأضخم في التاريخ الأميركي مقدارها 2.3 تريليون دولار توجه للولايات وللقطاع الخاص وشركات الطيران والفنادق، كما ينال كل أميركي يقل دخله عن 75 ألف دولار سنويا 1200 دولار إضافة إلى خمسمئة عن كل طفل. أشارت بيانات وزارة العمل إلى وصول إجمالي طلبات الحصول على إعانات البطالة خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة إلى 17 مليون شخص، وهو الرقم الأكبر في التاريخ الأميركي.

المرحلة الرابعة: البحث عن كبش فداء

خلال الأسابيع الأخيرة، ألقى ترامب باللوم على جهات مختلفة وحملها مسؤولية انتشار الفيروس: الصين أطلق ترامب على كورونا "الفيروس الصيني" وألقى باللوم على بكين بسبب تسترها ومحاولة خداع العالم بخصوص كورونا خلال أسابيع انتشاره الأولى، وقال في المؤتمر الصحفي بالبيت الأبيض يوم 21 مارس/آذار "كنت أتمنى أن تبلغنا الصين مبكرا عما يحدث، كان يمكن الاستعداد بصورة أفضل". الاتحاد الأوروبي انتقل ترامب بعد ذلك إلى لوم الاتحاد الأوروبي بسبب الإصابات الكثيرة التي ظهرت في نيويورك، وكان مصدرها دول أوروبية، واعتبر أن "فشل الاتحاد الأوروبي في تقييد السفر من الصين والمناطق المتضررة من الفيروس كما فعلت الولايات المتحدة تسبب بظهور هذه الإصابات". الإدارات السابقة لم تنج الإدارات السابقة خاصة سلفه باراك أوباما من لوم ترامب عن خسائر أميركا البشرية والمالية جراء تبعات فيروس كورونا، وأشار في كلمته للأمة الأميركية يوم 13 مارس/آذار أنه ورث "أرفف ومخازن فارغة من المستلزمات الطبية الضرورية من إدارة أوباما، ما تركته الإدارة السابقة لم يسمح بإجراء الاختبارات اللازمة لكل الأميركيين". حكام الولايات كانوا آخر من وجه إليهم ترامب أسهم الاتهامات على "تقاعسهم عن القيام بواجباتهم" والاستعداد المبكر لمواجهة تبعات فيروس كورونا، ونال حاكما ولاية نيويورك (أندرو كومو) وولاية ميتشيغان (غريتشن ويتمار) على نصيب الأسد من هذه الانتقادات، وطالبهم بعدم تسيس قضية كورونا خدمة لأهداف سياسية ضيقة.

الرئيس أدمن لقاء الصحفيين

وكشفت صحيفة نيويورك تايمز عن خلافات داخل الإدارة الأميركية أخّرت التعاطي مع فيروس كورونا المستجد لأسابيع، بينما أوضحت مصادر أن الرئيس بات يتعامل مع اللقاء بالصحفيين كمتنفس يومي في ظل الحد من حركته، وسط استطلاعات رأي تشير لتراجع شعبيته مقابل خصمه الديمقراطي جو بايدن. ونقلت نيويورك تايمز أن عددا من كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية حذروا الرئيس دونالد ترامب في يناير/كانون الثاني الماضي من خطر تفشي وباء فيروس كورونا في البلاد. وأوردت الصحيفة وفقا لوثائق اطلعت عليها أن التحذيرات جاءت بعد أسبوع من تأكيد أول إصابة بالفيروس في الولايات المتحدة، وأن المسؤولين دعوا إلى اتخاذ إجراءات احترازية حازمة. غير أن ترامب كان بطيئا في استيعاب حجم المخاطر واتخاذ الإجراءات المناسبة وفقا لذلك. وأضافت أن ترامب اتخذ أول إجراء بعد ستة أسابيع من إبلاغه بالتحذيرات لكنّ تركيزه بقي منصبا على حماية مكاسب الاقتصاد، مما ساهم في تأخير التعامل مع الجائحة. وأضافت نيويورك تايمز أنه مع نهاية فبراير/شباط الماضي كان من الواضح لفريق الصحة العامة الأميركي أن المدارس والشركات الواقعة ضمن النقاط الساخنة يجب أن تغلق. لكن بسبب خلافات داخل البيت الأبيض، استغرق الأمر ثلاثة أسابيع أخرى لإقناع ترامب بأن عدم التحرك بسرعة للسيطرة على انتشار الفيروس ستكون له عواقب وخيمة. يشار إلى أن الولايات المتحدة باتت الدولة الأكثر تأثرا بالفيروس على مستوى العالم من حيث أعداد الوفيات والإصابات، فقد تجاوز عدد الوفيات الناجمة عن الإصابة بفيروس كورونا فيها عشرين ألفا، بينما تجاوزت الإصابات نصف مليون. إدمان الظهور وفي سياق متصل، يبدو أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يعتبر اللقاءات مع رجال الإعلام للحديث عن آخر مستجدات جائحة كورونا في بلاده المتنفس الرئيسي خلال اليوم، في ظل القيود التي تفرض عليه ملازمة البيت الأبيض. فالظهور في اللقاءات الصحفية التي تنقلها شاشات التلفزيون يذكر الأميركيين بأنه لا يزال يقود إدارة أخطر أزمة تواجهها البلاد، كما أن معدلات المشاهدة جيدة. لكن بعض المستشارين يفضلون عدم الإفراط في الظهور، وقد أوصوا بشكل غير علني بألّا يقضي ترامب وقتا طويلا في تلك اللقاءات الإعلامية كي لا ينصرف انتباهه عن التحدي الذي يواجهه، ولتجنب الدخول في جدل ومشاكسات مع الصحفيين. وقال مصدر مطلع "تم اقتراح الأمر بضع مرات، لكنه (ترامب) يعتقد أن الأمر رائع مع كل معدلات المشاهدة المرتفعة تلك". في البداية، أظهرت استطلاعات الرأي ارتفاع معدلات التأييد لترامب قي تعامله مع أزمة الجائحة، لكن ذلك لم يصل للوضع المعتاد عندما يتعلق الأمر بأزمة وطنية من قبيل التأييد لجورج دبليو بوش بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001. وفي ضربة أخرى، بدا أن التأييد لترامب يتراجع مقابل منافسه الديمقراطي جو بايدن في أغلب استطلاعات الرأي على المستوى الوطني في الآونة الأخيرة، على الرغم من أن بايدن لم يعد يظهر سوى عبر الفيديو من حجرة في منزله، بسبب عدم قدرته على إقامة تجمعات انتخابية في ظل قيود كورونا. وتسبب كل ذلك في إثارة قلق مستشاري الرئيس داخل البيت الأبيض وخارجه. وبينما يتفاخر ترامب بالأعداد الكبيرة من الأميركيين الذين يتابعون اللقاءات الإعلامية، يشعر بعض مستشاريه أنه سيظهر مسيطرا على الأمور بشكل أفضل إذا أدلى ببعض التصريحات الافتتاحية فقط وترك المجال بعد ذلك لفريق العمل المختص بالأزمة ليقدم التفاصيل. وقال جمهوري مقرب من البيت الأبيض، "لا أعتقد أن هذا الأمر يصب في صالحه... إذا نظرت لاستطلاعات الرأي فأرقام التأييد لمنصبه منخفضة جدا. وهذا في وقت ذروة تلك الأزمة. بمرور الوقت أعتقد أن الأمور ستتدهور بالنسبة له، إذ لم يخرج حقا عن نطاق التفوا حول الرئيس في تلك الأزمة". الرئيس يتحسر ويقول مستشارون إن ترامب يتحسر بشكل غير علني على تردي الوضع الاقتصادي بعد أن كانت قوة الاقتصاد أوائل هذا العام جوهرة تاج رئاسته وأفضل حجة يدفع بها لإعادة انتخابه في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل. ومع تغير روتينه اليومي بسبب قيود وإجراءات مكافحة المرض، أصبحت اللقاءات اليومية مع رجال الإعلام علاقة ترامب الأساسية بالعالم الخارجي. ويقول مساعدون للرئيس إن مشاركته يوميا لم تكن بالحسبان في البداية، لكنها أصبحت أساسية بعد ذلك. وقال مصدر مطلع "لم يعد قادرا على الخروج من المنزل الآن وهو أمر صعب. أعتقد أنه يتوق فحسب للقاء الناس والظهور على التلفزيون". وبعد الإدلاء بالبيان الافتتاحي يشرف الرئيس على بقية الإفادة، وقد تدوم جلسة "سؤال وجواب" لأكثر من ساعتين. لكن كليف سيمز -وهو مسؤول سابق لدى ترامب في البيت الأبيض- يقول، إن الرئيس يستغل ظهوره جيدا. ويضيف "إنه يصب في صالح قوته كمتواصل جيد ويجعل له وجودا مستمرا في حياة الناس خلال الأزمة".

سيريا ستار تايمز - syriastartimes,