أردوغان يبعث بمساعدات للخارج وحالة مزرية بالداخل ويتجاهل أوجاع أوروبا من كورونا ويبتزها باللاجئين
تحاول تركيا تلميع صورتها في خضم وباء فيروس كورونا من خلال إرسال معدات طبية إلى إسرائيل وإيطاليا وإسبانيا وحتى الأدوية لأرمينيا، لأهداف وأبعاد أخرى غير معلنة، رغم الحالة المزرية بالداخل، وفق وكالة الأنباء الفرنسية.
ووفق الوكالة، فإن تركيا لديها أهداف ورسائل من وراء المساعدات بينها "الثأر الرمزي" من القوى الغربية التي أطلقت على الإمبراطورية العثمانية لقب "رجل أوروبا المريض" قبل انهيارها. كما تسعى إلى تعزيز صورة "العم السخي" إلى بعض الدول التي كانت تحت حكم العثمانيين التي يحلم رئيس البلاد رجب طيب أردوغان بعودتها مجددا وطمأنة الداخل بأن بلادهم قوية وتساعد الآخرين رغم الانهيار الاقتصادي. وأشارت إلى أبعاد أخرى تكمن وراء المساعدات وهي التقرب لأوروبا، وحلم دخول التكتل، وكذلك الحفاظ على حلفائها كما في مليشيا الوفاق في طرابلس الليبية خشية انهيارها أمام الوباء الذي يجتاح العالم. وسارعت تركيا، المتضررة بشدة جراء الوباء الذي أودى بحياة نحو 1300 شخص في البلاد، إلى إرسال أطنان من المساعدات وسط حالة مزرية بالداخل جراء الأوضاع الاقتصادية المتدهورة التي تعيشها البلاد وانعكست بالسلب على حياة الأتراك. فيما اعتبرت تقارير إعلامية أن هذه المساعدات إن كانت بهدف الإنسانية كان أولى بها جحافل اللاجئين التي يدفع بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نحو الحدود مع اليونان، ضمن ابتزازه المستمر لأوروبا، متجاهلا أوجاع قارة يمزق أوصالها فيروس كورونا. وحتى، أمس الإثنين، بلغت وفيات كورونا في أوروبا 80370 حالة من أصل 962979 إصابة، حيث تعد أكثر القارات تأثرا بالوباء.
تلميع الصورة
ونقلت فرانس برس عن المتخصصة في الدبلوماسية التركية بمعهد باريس للدراسات السياسية، جنى جبور، أن لجوء تركيا إلى المساعدة الإنسانية لتلميع صورتها ليس بجديد. وأضافت أن الرئيس رجب طيب أردوغان الذي يحن إلى زمن إمبراطورية عثمانية أطلقت عليها القوى الغربية لقب "رجل أوروبا المريض" قبل انهيارها، ينتهز هذه الفرصة ليأخذ بثأر رمزي. وأوضحت جبور "أن الأمر يتعلق بإظهار أن تركيا هي قوة نافذة، ولديها القدرة على تقديم المساعدة إلى الدول الأوروبية، التي أصبحت بدورها مريضة بالمعنى الحرفي والمجازي". ولتعزيز هذه الصورة الموجهة لإرضاء الرأي العام التركي بشكل خاص، تلجأ أنقرة إلى إلقاء الضوء بعناية على كل عملية شحن للمعدات الطبية إلى أوروبا وإقلاع الطائرة التي تبث مباشرة على شاشة التلفزيون، ونشر امتنان المستفيدين الحار في الصحف، وفق المصدر ذاته. يذكر أنه بعد فترة من "التعتيم والإنكار" اللذين تحدثت عنهما المعارضة وحقوقيون، أعلنت تركيا، في العاشر من مارس/آذار الماضي، عن أول إصابة بالفيروس، ثم أول وفاة بعد أسبوع من ذلك. إلا أنه وقبل أن يمر شهر، تفشى الوباء بشكل كبير في البلاد، حيث بلغ عدد الإصابات، حتى الإثنين، أكثر من 62 ألفا، فيما وصل عدد الوفيات إلى 1296، وفق وزير الصحة التركي فخر الدين قوجة.
جحافل جديدة من اللاجئين يدفع بهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نحو الحدود مع اليونان، ضمن ابتزازه المستمر لأوروبا، متجاهلا أوجاع قارة يمزق أوصالها فيروس كورونا. مأساة صحية تشهدها القارة العجوز لم تمنع أردوغان من تحريك ألفي سوري نحو الحدود التركية مع اليونان، في انتهاك لافت لأدنى أخلاقيات التعامل في خضم الأوضاع الإنسانية الصعبة. دنيا؛ امرأة سورية من بين الذين دفع بهم الرئيس التركي إلى محنة اللجوء مجددا، قالت في تصريح هاتفي لصحيفة "دي فيلت" الألمانية: "جاءت الحافلات يوم الجمعة، وتحركنا في وقت متأخر من الليل، لقد كانت ليلة مرهقة للغاية، لكننا محظوظون بالوصول إلى إزمير (مدينة تقع غربي تركيا)". وتأمل الأرملة البالغة من العمر 30 عاما في عبور البحر المتوسط إلى اليونان، مضيفة: "على أي حال، الأتراك قالوا لنا إن عبور البحر ليس مشكلة".
أردوغان يتجاهل أوجاع أوروبا من كورونا ويبتزها باللاجئين
ووفق "دي فيليت"، فإن دنيا تعد واحدة من ألفي لاجئ أخرجتهم السلطات التركية من معسكر الاعتقال في مدينة عثمانية نهاية الأسبوع الماضي، وهي مدينة قريبة من الحدود مع سوريا، وأحد الأماكن المستبعدة من حظر التجوال الذي فرضته أنقرة. وقطعت الحافلات التي وفرتها السلطات التركية، 1100 كيلومتر من عثمانية إلى إزمير في 13 ساعة على الأقل.
وتابعت دنيا مستعرضة للصحيفة الألمانية تفاصيل رحلتها: "قبل أن نبدأ، سألنا الجنود ما إن كنا نريد العودة لسوريا، أو الذهاب إلى أوروبا". وأضافت: "لم يكن لدينا خيار، لذلك قررنا الذهاب إلى إزمير تمهيدا للعبور إلى اليونان
أردوغان يغيّر طريق العبور
ووفق مقاطع فيديو اطلعت عليها "دي فيلت"، فإن العديد من الشباب يعبرون البحر المتوسط في قوارب مطاطية إلى جزيرة ليسبوس اليونانية القريبة، ما يعني أن النظام التركي غيّر طريق عبور اللاجئين إلى اليونان. ونهاية فبراير/شباط الماضي، كدست أنقرة 20 ألف لاجئ على ضفة نهر ايفروس الحدودي مع اليونان، وحاول هؤلاء عبور النهر تحت حراسة الجنود الأتراك لمدة شهر. لكن اليونان حافظت على إغلاق حدودها، ولذلك قرر النظام في تركيا، على الأرجح، تغيير طريق العبور إلى جاره الأوروبي. وبحسب الصحيفة "تحاول تركيا الآن الضغط على الاتحاد الأوروبي عبر هذا الطريق الجديد، معتبرة أن هذا نهج "غير مسؤول على أي حال، وخطير للغاية في ظل تفشي فيروس كورونا". وتابعت: "رغم تعهد الاتحاد الأوروبي بمنح تركيا مساعدات إضافية في مارس/آذار الماضي، إلا أن أردوغان يريد ابتزاز بروكسل مجددا من أجل مزيد من الأموال لإنقاذ اقتصاده الذي يعاني بشدة تحت وطأة كورونا". وفي اليونان، على الجانب الثاني من البحر المتوسط، حصلت أثينا على صور من الأقمار الصناعية، وتقارير استخباراتية تفيد بتجمع الآلاف من اللاجئين في الجانب التركي. ووفق التقارير، يتزايد عدد اللاجئين بشكل يومي في الجانب التركي، حيث تريد أنقرة تفريغ 9 مراكز أساسية لتجمع اللاجئين في منطقة الحدود مع سوريا، وإرسالهم إلى اليونان عبر البحر. وتقول الصحيفة الألمانية إن تركيا تلعب لعبة خطيرة للغاية؛ لأن عبور البحر خطير، ويعرض كثيرا من الأرواح للخطر، فيما يشكل تكدس اللاجئين بهذا الشكل فرصة لانتشار كورونا. وحتى يوم الإثنين، بلغت وفيات كورونا في أوروبا 80370 حالة من أصل 962979 إصابة، حيث تعد أكثر القارات تأثرا بالوباء.