سيريا ستار تايمز - وكالة إخبارية عالمية


الدولة التي لم يلحظ الإعلام العالمي أزمتها بسبب كورونا


لعلّ النموذج الكندي هو من أشدّ النماذج تصديقاً للتغير المرتقب في النظام الدولي بعد كورونا، بفعل حاجة جميع الدول إلى إعادة النظر في علاقاتها وسياساتها.


تكاد كندا تكون في صدارة الدول المتأثرة سلباً بوباء "كوفيد 19" لسببين: - طبيعة الفيروس نفسه وما يفرضه على العالم. - موقعها الجغرافي بالقرب من الولايات المتحدة الأميركية. لطالما اتَّسمت علاقة كندا بالولايات المتحدة بطابعٍ من التبعية الاقتصادية التي تعززها الصورة المعنوية للحياة الأميركية، على الرغم من أن المجتمعات الكندية تمتلك عناصر قوة لا تتوافر في الولايات المتحدة. ومنذ إعلان السلطات الكندية إغلاق مرافقها العامة واتخاذها إجراءات الحجر في 23 آذار/مارس الفائت، كانت الدولة الباردة تسير بالاتجاه الصحيح للاحتواء المبكر للوباء، وخصوصاً مع عدم وقوع طفرة في الحالات المعلنة في الأسابيع الماضية على امتداد الأراضي الكندية. لكن ما تواجهه كندا حالياً يتجاوز الخطط الصحيحة لاحتواء الأزمة، ذلك أنّ قلقها الرئيسي ينبع من الجارة الأميركية التي تشهد ركوداً اقتصادياً لا يزال في بداياته، ويتجه إلى أن يكون الأصعب في تاريخها. على الرغم من حجم الأراضي الكندية، فإنّ اقتصادها يعتمد بشكل واسع على التبادل التجاري مع الولايات المتحدة الأميركية. يتداول شعبا البلدين مثلاً شائعاً منذ عشرات السنين: "حين تُصاب الولايات المتحدة بالبرد، تُصاب كندا بالتهاب رئوي". ومع وجود "كورونا، على الكنديين مواجهة مخاطر نوعين من الالتهاب الرئوي"! وعلى العكس من الاقتصاد الأميركي الذي يملك مقومات الصمود لأشهر طويلة، في ظل تعليق واسع للنشاط الاقتصادي والصناعي والتجاري، فإن كندا لا تمتلك تَرَف الصمود لفترة طويلة، بل إن التقديرات المتخصصة تتحدث عن حاجة البلاد إلى إغلاق كامل لمصانعها مدة عامين على الأقل بهدف احتواء الوباء، كما أن الحديث يتزايد عن المفاضلة بين حياة البشر أو الحفاظ على الاقتصاد من الانهيار، وسط ترجيح للخيار الأول بطبيعة الحال، كنتيجة يتحتم عليها تحمل أضرار الخيار الثاني قريباً. ومع اتجاه القطاعين الخاص والعام نحو التكنولوجيا لتطوير الأعمال وتأمين استمراريتها، فإن المشكلة الرئيسية التي يواجهها الاقتصاد الكندي تكمن في الارتباط الوثيق بالأسواق الأميركية وغياب الامتداد العالمي الملائم. وفي ظلّ الأزمة التي تعصف بكل دول العالم، تحاول كندا البحث عن مخارج للتوسع دولياً، لكنّ هذه المساعي لا تستهدف قطاعات تقليدية، بل تستهدف بالدرجة الأولى السلع البديهية التي تعاني الولايات المتحدة من نقص فيها، كأدوية التعقيم والأجهزة الطبية والمناديل الورقية وما يرتبط بالتعقيم والتنظيف! وتبدو المهمَّة الكندية بالغة الصعوبة مع انتشار ثقافة "القرصنة الدولية" لشحنات الكمامات وغيرها من الأدوات الطبية البدائية حتى، بينما لا يمكن التعويل على الولايات الأميركية في هذا الوقت. ولعلّ النموذج الكندي هو من أشدّ النماذج تصديقاً للتغير المرتقب في النظام الدولي بعد كورونا، بفعل حاجة جميع الدول إلى إعادة النظر في علاقاتها وسياساتها، والانخراط أكثر في أحلاف دولية ثابتة تقوم على مصالح مشتركة لا تبعية لقطب واحد. وبناء عليه، يبحث الكنديون حالياً عن حلول تضمن استعدادهم لمرحلة ما بعد كورونا، غير أنَّ التوصّل إلى هذه الحلول يتطلّب التحرّر من تبادلات تجارية تصل قيمتها إلى 600 مليار دولار مع الولايات المتحدة بين صادرات وواردات، لصالح عملية متوازنة تضمن تعدّد قنوات تجارية مع بقية دول العالم.

سيريا ستار تايمز - syriastartimes,