سيريا ستار تايمز - وكالة إخبارية عالمية


رغم مرور 105 أعوام… صور الإبادة الأرمنية ما زالت حاضرة في عقول وقلوب شعوب العالم..صلوات وقداديس في عدد من المحافظات إحياء للذكرى 105 للإبادة الأرمنية


رغم مرور أكثر من 105 أعوام على ارتكاب العثمانيين جريمة الإبادة الجماعية الأرمنية إلا أن أصداء هذه الإبادة ما زالت تتردد حتى اليوم في شتى أرجاء العالم لكونها تعد من أبشع صور الانتهاكات المرتكبة بحق الإنسانية جمعاء والتي تتكرر في وقتنا الراهن على يد نظام أردوغان بحق شعوب ودول المنطقة سائرا في ذلك على خطا السلطنة العثمانية البائدة. صور الإبادة الأرمنية ما زالت تنبض في عقول وقلوب شعوب العالم ولاسيما في الذاكرة الوطنية للشعب الأرمني وهو ما أكدته في حديث رئيسة جمعية الصداقة السورية الأرمنية الدكتورة نورا أريسيان موضحة أن هذه هي الذكرى الخامسة بعد المئة لجريمة القتل الجماعية بحق الأرمن التي تصنف في القانون الدولي بأنها جريمة إبادة جماعية. وخلفت جريمة الإبادة الأرمنية نتائج عديدة على أرض الواقع لعل أبشعها حرمان الأرمن من وطنهم وممتلكاتهم وتهجيرهم في شتى أصقاع العالم ولذلك يحيي الأرمن هذه الذكرى بكثير من الإصرار لإعادة المطالبة بحقوقهم حسب الدكتورة أريسيان مبينة أن أهم ما يسعى إليه الأرمن هو تجريم تركيا بهذه الإبادة وتعويض حقوق الأرمن. ونوهت أريسيان بإقرار سورية من خلال مجلس الشعب في الثالث عشر من شباط العام الجاري بالإبادة الأرمنية مؤكدة أن اقرار وادانة عشرات الدول للجريمة يفتحان المسار للمطالبة بحقوق الأرمن التاريخية والاعتراف بالإبادة وإزالة نتائجها وهذا من أهم المبادئ والأهداف الوطنية لتعزيز القيم والحقوق في العالم وتحقيق العدالة للشعب الأرمني. كما نوهت أريسيان باحتضان الشعب السوري للأرمن حيث انهم رغم معاناتهم من سياسة التتريك على مدى قرون طويلة كانوا أول من احتضن الأرمن الناجين من بطش الإبادة الجماعية التي نفذت بأوامر مباشرة من العثمانيين مبينة أن السياسة التركية ما زالت تنتهج نهج الاجرام والاعتداء والقتل والإرهاب بحق الشعب السوري. أريسيان أشارت إلى أن ظاهرة الاحتضان السوري للأرمن على امتداد الجغرافيا السورية تجلت آنذاك في الصحافة السورية والكتابات الأدبية للمفكرين والأدباء السوريين ومذكراتهم موضحة أن الأرمن الناجين الذين استقروا في سورية وأبناءهم عبروا أيضا من خلال هويتهم عن انتمائهم ووفائهم لسورية وانخرطوا في الحياة الاجتماعية السورية وتركوا بصماتهم في الحياة السياسية والثقافية والاقتصادية. عضو مجلس الشعب جانسيت قازان أكدت من جانبها أن جرائم الإبادة المرتكبة من قبل العثمانيين بحق شعوب المنطقة والتي كان أبشعها بحق الشعب الأرمني تكررت على مر التاريخ بحق عدة قوميات ووصل إجرامهم لإقليم القوقاز وقاموا بتهجير مواطنيه قسرا إلى تركيا ومنهم الشركس ومارسوا ضدهم أبشع أنواع التعذيب حتى أنهم كانوا ينقلونهم بالبواخر ويلقونهم أحياء في عرض البحر الأسود وأبادوا قومية الأوبخ في القوقاز عن بكرة أبيها. وتابعت قازان ان جرائم الإبادة المرتكبة من قبل العثمانيين جوبهت برفض شعبي واسع من شعوب المنطقة ولاسيما في سورية ولبنان وفلسطين تجسد باحتضانهم للأرمن والشركس وغيرهم من القوميات حيث تمتعوا بكامل حقوقهم في الوقت الذي تشدد فيه العثمانيون بتطبيق سياسة التتريك على هذه القوميات داخل تركيا في محاولة فاشلة لدفن معالم الإبادة المرتكبة بحقهم وآثارها. قازان أكدت ان الاحتلال العثماني الذي حكم بالقوة البلدان العربية لم يستطع أن يزعزع تمسك السوريين بهويتهم وأرضهم ولغتهم مشيرة إلى أن نظام أردوغان الاستبدادي حاول منذ نحو تسع سنوات احتلال شمال سورية ولكنه فشل بمواجهة الجيش العربي السوري الذي أحبط مخططات النظام التركي وأطماعه.


إحياء للذكرى 105 للإبادة الأرمنية التي تعرض لها الأرمن على يد العثمانيين وراح ضحيتها ما يزيد على 1.5 مليون شخص أقيمت اليوم في عدد من المحافظات صلوات وقداديس اقتصرت على القائمين عليها دون حضور مصلين تطبيقاً للإجراءات الاحترازية الخاصة بالتصدي لفيروس كورونا. ففي مطرانية الأرمن الأرثوذكس لأبرشية دمشق وتوابعها أقيم قداس إلهي وصلاة لطلب شفاعة الشهداء القديسين ترأسه المطران آرماش نالبنديان وقال خلاله “إن إحياء هذه الذكرى من على هذا الهيكل المقدس في دمشق يحمل في طياته معنى إضافياً، لأن هذه الأرض السورية الطيبة كانت الملاذ والملجأ والخلاص وجسرا مر عليه أجدادنا من براثن الموت إلى أحضان الحياة.. صلاتنا اليوم هي صلاة الشكر.. سننشئ أبناءنا وأحفادنا وأجيالنا القادمة على العرفان بالجميل للشعب السوري لكل ما قدمه لنا من مساندة ومساعدة”. وتابع نالبنديان “نحن الأبناء البارون الذين قدمنا ونقدم وسنقدم دوما الشكر للأم سورية ومهما فعلنا لن نستطيع إيفاءها حقها.. وانطلاقا من ذلك وبمبادرة من مطرانية الارمن الأرثوذكس بدمشق تم تشييد نصب العرفان بالجميل تجاه الشعب العربي السوري في عاصمة أرمينيا يريفان عام 2011 لوقفته الإنسانية والأبية تجاه الأرمن في محنتهم وهو نصب تذكاري يشير أيضاً إلى الصداقة الأبدية بين الشعبين”. وأعرب نالبنديان عن شكر وتقدير الشعب الأرميني لقرار مجلس الشعب السوري الذي اقر الإبادة الأرمنية على يد الدولة العثمانية وأدانها إضافة إلى إدانته أي محاولة من أي جهة كانت لإنكار هذه الجريمة وتحريف الحقيقة التاريخية حولها. شارك في القداس مار تيموثاوس متى الخوري النائب البطريركي لبطريركية أنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس وحضره السفير الأرميني بدمشق ديكران كيفوركيان. وكانت أجراس الكنائس الأرمنية في دمشق والعالم وفق (المطران آرماش نالبنديان) قد قرعت في تمام الساعة الحادية عشرة من صباح اليوم إحياء لذكرى الإبادة الأرمنية. وفي حلب أقيمت في كنيسة السيدة العذراء للأرمن الأرثوذوكس بحي الفيلات صلاة إحياء لذكرى الإبادة الأرمنية تحدث خلالها (ماسيس زوبويان) مطران أبرشية حلب وتوابعها للأرمن الأرثوذكس عن أهمية إحياء ذكرى الإبادة الأرمنية على أيدي المجرمين العثمانيين والصلاة لأرواح الشهداء الأبرياء الذين قضوا فيها ولشهداء الجيش العربي السوري الذين يخوضون معارك الشرف ضد الإرهاب. ووجه زوبويان الشكر والامتنان للشعب السوري الذي احتضن الشعب الارمني في محنته، داعياً المجتمع الدولي إلى الاعتراف بهذه المجزرة وإدانة ما ارتكبه العثمانيون من إبادة بحق الأرمن. بعد ذلك تم وضع أكاليل الزهور على النصب التذكاري لشهداء الإبادة الأرمنية في الكنيسة. وفي مدينة اللاذقية أقيمت بكنيسة السيدة العذراء للأرمن الأرثوذكس صلاة على أرواح شهداء الإبادة الأرمنية ترأسها راعي كنيسة الأرمن الأرثوذكس باللاذقية فاسكين كوشكيريان كما تمت إقامة نصب تذكاري للشهداء ووضع أكاليل الورود عليه. وألقى رئيس المجلس الملي للطائفة الأرمنية فاهي كرجكيان كلمة بعد انتهاء الصلاة تحدث فيها عن وقائع المجزرة التي بدأت باعتقالات وإعدامات لنخبة من المفكرين والأدباء والأعيان الارمن وأودت بحياة نحو 1.5 مليون مواطن أرميني وتشريد مئات الآلاف خارج بيوتهم منوها بموقف سورية التي استضافت الارمن وهيأت لهم سبل العيش الكريم وفرص العمل ليصبحوا جزءا لا يتجزأ من الشعب السوري يمارسون حقوقهم وواجباتهم في الدفاع عن قضيتهم وعن بلدهم الثاني سورية ويبذلون الدماء للدفاع عنه بوجه ما يتعرض له من حرب إرهابية مجرمة. كما وجه كرجكيان التحية لسورية التي تبنى مجلس الشعب فيها قرارا يدين ويقر جريمة الإبادة الجماعية المرتكبة بحق الأرمن داعيا المجتمع الدولي إلى الاعتراف بها وقال “سنردد دوما بصوت واحد شكرا سورية شعبا وقيادة على هذه المواقف”. الأب كوشكيريان قال في تصريح للصحفيين “إن الطائفة الأرمنية تحيي هذه الذكرى في كل عام لتقول للعالم أجمع اننا لم ولن ننسى هذه الجريمة البشعة التي ارتكبتها الدولة العثمانية بحق الشعب الأرميني والتي كان هدفها الإبادة الجماعية”، منوهاً بمواقف سورية شعبا وقيادة لجهة احتضان الشعب الأرمني ومساندة قضيته في جميع المحافل الدولية. وفي تصريحات لمراسلنا أشارت تاكوهي نازاريان ممثلة اللجنة المشرفة على مدرسة الشهداء الخاصة بأبناء الطائفة الأرمنية باللاذقية إلى أن إحياء هذه الذكرى يأتي لإعلاء الصوت والتذكير بالطبيعة العدوانية والوحشية للدولة العثمانية وضرورة مساندة القضية الأرمينية من قبل المجتمع الدولي لافتة إلى الدعم والمساندة التاريخية التي حظي بها الأرمن من الشعب السوري “الذي منحهم المنازل والأراضي الزراعية ليتمكنوا من العمل وكسب الرزق”. وقال ابراهيم جبور عضو المجلس الملي للطائفة الأرمنية “جئنا اليوم لنقول إننا لن ننسى الإبادة الأرمنية وستبقى مقبرة مرقدة في دير الزور شاهدا حيا على وحشية الدولة العثمانية والتي تجدد اليوم صورتها القاتمة عبر ممارساتها اللاإنسانية بحق الشعب السوري من خلال دعم واحتضان الإرهابيين الذين يقتلون الشعب السوري وينتهكون سيادة الأرض السورية”. يذكر أن الإبادة الأرمنية جرت بين الأعوام 1915 و 1923 وشملت عمليات قتل وذبح وإبادة بحق الشعب الأرميني وكانت ذروتها في ال 24 من نيسان عام 1915 حيث اتخذ حزب الاتحاد والترقي التركي قرارا يقضي بإبادة الأرمن وترحيل القاطنين منهم في الإمبراطورية العثمانية وفق مرسوم حكومي. وأعلنت أرمينيا في ال 23 من نيسان عام 2015 شهداء الإبادة الأرمنية المليون ونصف المليون الذين سقطوا من أجل ايمانهم والوطن قديسين لتضع دمشق في الـ26 من الشهر ذاته حجر الأساس للنصب التذكاري لشهداء الإبادة الأرمنية القديسين في الساحة التي تحمل اسمهم والمجاورة لمطرانية الأرمن الأرثوذكس قرب قوس باب شرقي بدمشق.

سيريا ستار تايمز - syriastartimes,