عندما نتحدث عن بلد غامض مثل كوريا الشمالية، على المرء أن يكون حذراً، فالنظام الكوري الشمالي الذي يعتبر نفسه كوريا الحقيقية ووريثة مملكة هيرميت في القرن التاسع عشر، جعل الاكتفاء الذاتي أحد أركانه، ما أدى عملياً إلى عُزلَةٍ جعلت من الصعب جدًا الحصول على معلومات موثوقة.
لذا، يجب أخذ المعلومات حول الحالة الصحية السيئة لزعيم البلاد كيم يونغ-أون بحرص، بحسب صحيفة إل كونفيدنثيال الإسبانية. لكن، سواء كانت تلك المعلومات صادقة أم لا، فإنها تذكرنا على أن القائد الأعلى، وعلى الرغم من شبابه وما تقوله الدعاية الكورية الشمالية، إلا أنه وحش وقاتل. ليس هذا فحسب، بل أيضًا لم يُسَمِّ خليفة له. فماذا سيحدث إذا مات؟
في البداية، دعنا نذهب إلى الحقائق. فقد زعمت التكهنات التي نشرتها صحيفة ديلي إن كيه (صحيفة كورية dailynk)، والتي أعدَّها منشقون كوريون شماليون في سيول، أن سبب عدم تمكن كيم من حضور الاحتفالات في 15 إبريل، عيد ميلاد جده، ومؤسس سلالة كيم إيل سونغ، هو أنه خضع لجراحة القلب والأوعية الدموية قبل ذلك بثلاثة أيام في مستشفى شمال مقاطعة بيونغ يانغ.
وزاد الغموض بعد أن أكدت CNN، بعد اللجوء إلى مصادرها الخاصة، أن أجهزة المخابرات الأميركية تراقب الأوضاع. ووفقًا لتلك المقالة، قد تكون حياة كيم "في خطر شديد" بعد العملية. هناك العديد من العوامل التي تثير الشك. الأول هو أن صحيفة الديلي إن كيه تشير إلى أن كيم يونغ أون "يواصل التعافي من الوعكة الصحية في قرية على مشارف بيونغ يانغ"، وأن "معظم الأطباء عادوا إلى بيونغ يانغ بعد اعتبار حالة كيم مستقرة " لذلك، لن يكون هناك خطر وشيك بالموت.
ثانياً، وربما الأهم من ذلك، أن جيران كوريا الشمالية هادئون. فقد قال المتحدث باسم مكتب الرئاسة في كوريا الجنوبية كانغ مين سوك "حتى الآن، لم يتم الكشف عن أي علامات غير عادية داخل كوريا الشمالية". وقال مصدر من إدارة الاتصال الدولية، وهي الهيئة التابعة للحزب الشيوعي الصيني المسؤول عن شؤون كوريا الشمالية، لوكالة رويترز إنه لا يعتقد أن كيم في حالة حرجة.
وأخيرًا، يجب أن نتذكر أن الشائعات التي لا أساس لها حول أمراض قادة كوريا الشمالية كانت ثابتة منذ إنشاء جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية في عام 1948. وخلال سنوات، قيل إن كيم إيل سونغ كان يعاني من ورم في المخ بسبب كتلة غريبة في رأسه، والذي كان في الواقع بسبب سوء التغذية أثناء طفولته. في عام 2014، أخفى كيم يونغ أون نفسه لمدة شهر ونصف ليعاود الظهور، مع عدم تقديم أي توضيح على الإطلاق عن الحالة التي عانى منها (يعتقد بعض الخبراء أنه ربما عانى من هجمات النقرس المكثفة، على الرغم من أن المخابرات الكورية الجنوبية نسبت هذا إلى كيس دهني في قدم).
ومع ذلك، يبدو أن مشاكل القلب تحدث في الأسرة، فقد توفي والده، كيم يونغ إيل، بنوبة قلبية في عام 2011. وقد يكون لكل من الصين وكوريا الجنوبية مصلحة في الحفاظ على الهدوء في سيناريو لا أحد مستعد له، والآن أقل من أي وقت مضى.
المشكلة الرئيسية هي أن كوريا الشمالية لم يكن لديها قط رئيس لا ينتمي إلى فرع الذكور من عائلة كيم. ليس لكيم أبناء ذكور، وحتى إن حدث غير المتوقع وهو أن يوافق فيه المجتمع الكوري الشمالي المحافظ على أن تقوده امرأة، فابنته الوحيدة، كيم جو إيه، تبلغ 7 سنوات فقط. وإذا كانت أي قوة أجنبية تأمل أن تكون قادرة على لعب خدعة لأخيه غير الشقيق كيم يونغ نام، وهو الخيار الواقعي الوحيد نسبيًا في تعاقب الأسرة، فقد تحطمت آمالهم بسبب تسممه الشنيع في مطار كوالالمبور.
وبعد وفاة كيم يونغ إيل، ركزت جميع التحليلات على مدى قدرة وريثه على البقاء في السلطة، ولكن لا أحد يشك في نقل القيادة تلك. ويثير اختفاء كيم يونغ أون لأسباب طبيعية أو لسبب آخر تساؤلًا مختلفا تماما أو ربما ليس كثيرًا. ففي عام 2009، وفي مواجهة التدهور الواضح في صحة الحاكم كيم يونغ إيل آنذاك، وبدون الخلافة التي لم يتم تحديدها بعد، أعد مجلس الولايات المتحدة للعلاقات الخارجية (CFR) تقريرًا خاصًا عن "الاستعدادات لتغيير مفاجئ في كوريا الشمالية". وقد تناولوا فيه قضية اختفاء القائد.
ومن بين السيناريوهات التي رسمها ما يلي: نجاح الخلافة (الخيار الذي ساد أخيرًا، كما نعلم)، خيار آخر تم مناقشته من قبل بعض العناصر الرئيسية للنظام وولَّد صراعًا على السلطة وانتهى بالفشل. وسيظهر اليوم نفس الأوضاع التي كانت في السابق. ويعتقد بول ر.غريغوري، الباحث في معهد هوفر، وهو أحد الأكاديميين الذين فكروا علنًا فيما سيحدث في كوريا الشمالية بعد كيم، أن السيناريو الأكثر ترجيحًا هو نوع من القيادة تشترك فيها قيادة حزب العمال من كوريا، ربما برئاسة "الأبرز من بين أقرانه"، على غرار الجارة الصين.
يكتب غريغوري في مجلة فوربس: "تُظهر أوجه التشابه التاريخية مع اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية والصين، إلى أن كيم سيخلُفُه شكل أخف من الحكومة الجماعية، ويُظهر سلوك الدوائر المحيطة بالسلطة السوفيتية والصينية بعد وفاة ستالين وماو (...) أن تغيير النظام في كوريا الشمالية لن يمكّن زعيمًا أسوأ، ولكنه سيشرع في التحرك نحو قيادة جماعية أقل عداءً". سيكون فراغٌ في السلطة سيناريو خطيرًا للغاية بالنسبة لكوريا الشمالية، لذلك فإن النتيجة الأكثر احتمالية هي أن كبار المسؤولين في النظام يحاولون التصرف بسرعة لتولي زمام الأمور.
ولكن ماذا لو لم يتم التوصل إلى اتفاق في القيادة؟ يُشيرُ التقرير: "قد يؤدي هذا إلى إغراء بعض الأفراد أو الفصائل للاستيلاء على السلطة، مما يؤدي إلى قتال محتمل وربما عنيف من أجل القيادة. ومن المستحيل التكهن بما قد تكون عليه النتيجة، وما هو الاتجاه الذي قد تتخذه كوريا الشمالية وفقًا لذلك، لكن مُنافسة طويلة وربما عنيفة على السيادة في بيونغ يانغ ستخلق بلا شك توتراً هائلاً في بقية البلاد، نظرًا للمستوى الذي يتم فيه التحكم بالدولة من المركز".
إن أي كارثة سياسية داخلية أعاقت الخدمات الأساسية في كوريا الشمالية، حيث لا تزال ذاكرة المجاعة في التسعينيات حديثة العهد، ستولد موجة من اللاجئين إلى كل من الصين وكوريا الجنوبية. وهناك سيكون عدم الاستقرار أكبر من ذلك: التهديد بتدخل كوريا الجنوبية أو الأميركيين في الشمال يمكن أن يؤدي حتى إلى تدخل بكين واحتلال كوريا الشمالية عسكريا. وأضاف التقرير: "إن احتمال استيعاب كوريا الشمالية من قبل كوريا الجنوبية ونشر القوات الأميركية على الحدود الشمالية الشرقية للصين هي أمور تثير قلقًا كبيرًا (لبكين). ساعدت نفس المخاوف في إثارة دخول الصين إلى الحرب الكورية. وتشارك موسكو بالتأكيد مخاوف بكين، لكن روسيا تبدو أقل استعدادًا للتدخل إذا تدهور الوضع". وستُسبب هذه الأوضاع في هذه الحالة أزمة دولية كبيرة.
ما يمكننا استبعاده عمليًا هو نوع من التمرد الشعبي للإطاحة بالدكتاتورية. إن النظام القمعي فعَّال للغاية لدرجة أنه لا توجد إمكانية لتنظيم معارضة داخلية دون أن يتم الكشف عنها وتفكيكها على الفور. حتى في حالة الانهيار، فإن احتمال ظهور حركة ناجحة يكاد يكون معدومًا.
تصف الصحفية النيوزيلندية آنا فيفيلد، مؤلفة سيرة كيم "الوريث العظيم"، التي سافرت إلى كوريا الشمالية عشرات المرات، الوضع في مقابلة على النحو التالي: "على الرغم من أن العديد من الكوريين الشماليين يرفضون فكرة زعيم الجيل الثالث ويعرفون أن ما يقال عنه هو خيال، ولا يوجد حتى الآن أي معارضة في كوريا الشمالية. لا يوجد سولجينيتسين (أديبٌ ومعارضٌ سوفييتي) كوري شمالي، ولا توجد أدبيات "samizdat" (نوع من الكتابة والنشر يُمارسه منشقون سوفييتيون سرًّا في اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية السابقة وذلك تحديًّا للرقابة)، ولا توجد حتى أي كتابات". تضيف فيفيلد: "عندما سألت امرأة أخبرتني عن تجاهلها للنظام ولماذا لا يحاول الكوريون الشماليون القيام بشيء حيال ذلك، قالت إنك إذا عارضت النظام فأنت لا تحاول تغييره، فأنت تحاول الهرب فقط. هذا لأن نظام العقاب في كوريا الشمالية شديد القسوة: إذا كنت تنتقد النظام، فيمكن إرسال ثلاثة أجيال من عائلتك إلى الجولاج (اسمٌ يُطلق على معسكر كوري شمالي وذلك لمُشابهته لمعسكرات الاتحاد السوفييتي)".
في المقابل، إذا حدث نوع من الانتقال، فسيحدث في أفضل الأوقات. في كوريا الجنوبية، أعيد انتخاب الرئيس التقدمي Moon Jae-in، المؤيد لتقارب مع بيونغ يانغ، بالأغلبية المطلقة. والبيت الأبيض أيضًا في وضع مصالحة بعد أن كتب الرئيس دونالد ترمب إلى كيم يونغ أون في أواخر مارس يعرض عليه مساعدة أميركية في مكافحة فيروس كورونا، مما يقلل من احتمال حدوث رد فعل معادي. ربما يكون التغيير المعتدل موضع ترحيب في الخارج. وعلاوة على ذلك، يمكن أن تعتمد على الدعم من جميع الجبهات، سواء بين حلفاء بيونغ يانغ التقليديين وبين منافسيها.
يقول جون ديلوري، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة يونسي في سيول، حول الوضع الصحي لكيم يونغ أون في مقال نشرته سي إن إن: "من السهل أن تكون مخطئًا في هذا الأمر". من المرجح أن يتعافى كيم، على افتراض أن المعلومات المتعلقة بجراحته صحيحة في المقام الأول، ولكن هناك الآن خيار لعدم حدوث ذلك. يمكننا أن نفترض، في هذه الحالة، أن يُصبح المجتمع الكوري الشمالي جنازةً عملاقة تُظهِر ألمها بشكل علني - حقيقي أو مقصود - وبشكل مبالغ فيه لأيام، كما حدث بعد وفاة والده وجده. من هناك يبدأ المجهول، وربما يكون من الأفضل لبقية العالم أن تبدأ بالتفكير بذلك.
وذكرت تقارير، أن رئيس كوريا الشمالية كيم يونغ أون غادر عاصمة كوريا الشمالية بيونغ يانغ إلى مكان مجهول، بحسب ما أوردته صحيفة "نيويورك بوست" New York post.
أتى الخبر بعد تداول عدة إشاعات حول العالم تقول إن صحة الرئيس كيم بدأت تتدهور عقب إجراءئه عملية جراجية. وادعت أخبار كوريا الجنوبية بأنه من المرجح أن رئيس كوريا الشمالية توجه إلى مدينة وونسان في إقليم كانغوون ليشرف على مشروع إنشائي هناك، ولا يرون أي دليل على أنه فقد سلطته في كوريا الشمالية. كما نقلت الصحيفة فيديو للرئيس الأميركي دونالد ترمب وهو يشكك في الادعاءات التي تقول إنه (كيم) في حالة صحية حرجة، حيث قال "أتمنى أنه بخير، وأعتقد بأنه تقرير مزيف". يأتي ذلك فيما قالت "رويترز"، إن الصين أرسلت فريقا لكوريا الشمالية يضم خبراء طبيين لتقديم المشورة بشأن الزعيم الكوري الشمالي كيم يونغ أون حسبما قال ثلاثة أشخاص مطلعون على الوضع.
وتأتي زيارة الأطباء والمسؤولين الصينيين وسط تقارير متضاربة عن صحة كيم. ولم يتسن لرويترز أن تحدد بعد ما الذي تمثله رحلة الفريق الصيني فيما يتعلق بصحة كيم. وقال اثنان من الأشخاص الثلاثة إن وفدا برئاسة عضو كبير في إدارة الاتصال الدولي بالحزب الشيوعي الصيني غادر بكين إلى كوريا الشمالية يوم الخميس. وهذه الإدارة هي الهيئة الصينية الرئيسية التي تتعامل مع كوريا الشمالية المجاورة. وامتنعت المصادر عن كشف هويتها نظرا لحساسية الموضوع.
أظهرت صور أقمار اصطناعية راجعها مركز أبحاث مختص بكوريا الشمالية مقره واشنطن قطارا خاصا يرجح أنه خاص بالزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون عند منتجع داخل البلاد هذا الأسبوع، وذلك وسط تقارير متضاربة بشأن تدهور صحة كيم ومكانه. واندلعت عاصفة من التكهنات يوم السبت بشأن تدهور صحة زعيم كوريا الشمالية بعد خضوعه إلى عملية جراحية في القلب، بحسب وسائل إعلام. وقال موقع "تي إم زي"، وفقا لمصادر آسيوية، إن صحة كيم جونغ أون تدهورت كثيرا وأدخل العناية المركزة مطلع هذا الشهر، ولكن "خطأ فادحا" من الجراحين في العملية الجراحية اللاحقة، وضعته بين الحياة والموت. وأضاف الموقع المختص بأخبار المشاهير، إن كيم جونغ أون توفي، أو أنه على فراش الموت، وفقا لتقارير إخبارية ظهرت من الصين واليابان. وفجرت نائبة رئيس محطة تلفزيونية مدعومة من هونغ كونغ، الخبر، عندما أعلنت أن الزعيم الكوري الشمالي "قد مات". ونشرت نائبة رئيس المحطة الخبر على موقع ويبو الصيني للتواصل الاجتماعي، وقالت أن مصدرها قوي جدا ومؤكد. لكن لم يتسن التأكد من هذه التقارير من أي مصدر رسمي سواء في كوريا الجنوبية الدولة التي تسخر مخابراتها لمراقبة جارتها الشمالية، أو من الولايات المتحدة التي قلل رئيسها دونالد ترامب من التقارير التي تحدثت عن حالة كيم الخطيرة. وسبق أن ثارت تكهنات مماثلة في فترات غاب فيها الزعيم الكوري الشمالي عن الحياة العامة، لكن ثبت عدم صحتها في النهاية.
والتقط موقع نورث 38 المتخصص في مراقبة كوريا الشمالية عبر الأقمار الصناعية، صوار تظهر قطارا يرجح أنه تابع للزعيم الكوري متوقفا في محطة سكة حديد القيادة، لخدمة مجمع منتجع وونسان منذ 21 أبريل على الأقل، وفقا لصور الأقمار الصناعية. وجود القطار لا يثبت مكان وجود الزعيم الكوري الشمالي ولا يشير إلى أي شيء يتعلق بصحته، ولكنه يضفي وزنا على التقارير التي تفيد بأن كيم يقيم في منطقة النخبة على الساحل الشرقي للبلاد. ويمكن رؤية القطار الذي يبلغ طوله 250 مترا تقريبا، على الرغم من أنه مغطى جزئيا بسقف المحطة، في محطة سكة حديد مخصصة للاستخدام من قبل عائلة كيم.
ويضم مجمع وونسان 9 بيوت ضيافة كبيرة ومركزا ترفيهيا. ويوجد في وسط المبنى مبنى كبير تم تشييده بعد فترة وجيزة من وصول كيم جونغ أون إلى السلطة في عام 2014. ويشمل أيضا منفذا محميا، ونطاق للرماية، ومبنى ترفيهي ورصيف مغطى يعتقد أنه يخت ضخم.
وكان آخر ظهور علني لكيم جونغ أون تفتيشا لمجموعة جوية في مطار غير مسمى في غرب كوريا الشمالية، تشير الصور وصور الأقمار الصناعية إلى أنه كان في مطار سونشون، على بعد حوالي 50 كم شمال شرق بيونغيانغ. ومنذ ذلك الحين، نقلت التقارير عن مصادر مختلفة ادعت أنه تم رصده وهو يتجول في منطقة ونسان للتعافي في مجمع في شمال غرب البلاد في هيانغسان بدرجات متفاوتة من الصحة.
وانفجر موقع تويتر بالأنباء المحيطة بالزعيم، معظمها كانت ساخرة، ومتهكمة لحالة الطبيب الجراح الذي أخفق في إنقاذ كيم. وانتشرت آلاف التغريدات التي تتطرق للموضوع، من عدة زوايا كوميدية وجادة. وتفرض كوريا الشمالية ستارا حديديا على المعلومات، خاصة تلك المتعلقة بالزعيم وأسرته.