دعم فاضحه للإرهاب ..عدم الثقة ..غالبية الأتراك يرفضون نظام أردوغان الرئاسي ويستغل كورونا لتحقيق أطماعه
كشف استطلاع للرأي أجرته شركة أبحاث تركية، السبت، عن رفض غالبية الشعب التركي للنظام الرئاسي في حكم البلاد، ورغبتهم في عودة النظام البرلماني. وقالت صحيفة "جمهورييت" المعارضة، إن شركة استشارات البحوث والدراسات الاستيراتيجية(SAD)، هي من أجرت الاستطلاع، ونشرت نتائجه السبت. الاستطلاع الذي جاء بمناسبة مئوية تأسيس البرلماني التركي، التي احتفل بها الخميس الماضي، شمل 76 ولاية، خلال الفترة من 15 إلى 20 أبريل/نيسان الجاري.
ووفق الصحيفة، فإن الاستطلاع وجه أسئلة حول رأي الأتراك ومدى رضاهم وثقتهم في مؤسسات الدولة عقب الانتقال من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي العام 2018. السؤال الأول من الاستطلاع، كان حول المكان الأولى بمناقشة وحل المشكلات الرئيسية التي تواجهها البلاد، فأجاب 64.6% بأنه البرلمان، فيما أجاب 19.2% بأنه الرئاسة، وقال 2.9% إنها الأحزاب. أما السؤال الثاني فكان "هل تعتقدون أن النظام الرئاسي يعمل؟"، فأجاب 31.2% بنعم، بينما قال 32.5% إنه يعمل جزئيًا، و36.3% أجابوا بـ"لا". والسؤال الثالث هو "هل أنتم راضون بشكل عام عن النظام الرئاسي؟"، فأجاب ما يقرب من 32% من المشاركين بنعم، أما نسبة غير الراضين فبلغت 47.3%، وبإضافة نسبة المترددين إليهم يكون الإجمالي 52.2%. وفي نقطة أخرى طرح الاستطلاع سؤالًا مفاده: "ما هو أفضل ذراع يعمل بالنظام الرئاسي في إطار الفصل بين السلطات؟"، وردًا على ذلك قال 8.6% إنه "السلطة التشريعية (البرلمان)"، و41.8% قالوا: "السلطات التنفيذية (الرئاسة)، و2.3% قالوا "القضاء"، و47.2% قالوا "لا يوجد أي شيء". تراجع شعبية أردوغان و"كورونا" يرفعان أسهم المعارضة وردًا على سؤال: "هل ترون أن دور البرلمان أصبح أكثر فاعلية بعد الانتقال للنظام الرئاسي؟"، قال 12.4% من المشاركين بالاستطلاع "نعم"، و15.3% قالوا "نعم جزئيًا"، و18.7% قالوا "لم يتغير شيء"، و53.6% قالوا "بات أقل فاعلية". وأكثر من 90% من المشاركين بالاستطلاع شددوا على أن البرلمان التركي بحاجة إلى تغيير جذري، وذلك في رد منهم على سؤال حول هذا الشأن.
وكشفت نتائج الاستطلاع أن 34.2% من المشاركين لا يثقون بالمؤسسة السياسية، و28.6% أجابوا بـ"نثق ولا نثق"، و37.2% قالوا "لا نثق". في سياق متصل طرح الاستطلاع سؤالًا آخر مفاده: "هل ترون أن وجود البرلمان ضمانة للشعب"، فأجاب 53.1% من المشاركين بـ"نعم"، و27.8% بـ"نعم جزئيًا"، و19.1% بـ"لا". وأجرت تركيا في 17 أبريل/نيسان 2017 استفتاءً على تعديلات دستورية، تم بموجبه إقرار النظام الرئاسي المعمول به حاليًا، وتسبب في العديد من الأزمات السياسية والاقتصادية للبلاد، حيث أثبت فشله، وفق مراقبين ومعارضين أتراك.
وأتم أردوغان، عامه الأول في 24 يونيو/حزيران الماضي، كرئيس للبلاد بعد تحويل نظام الحكم في الجمهورية التركية من برلماني إلى رئاسي عقب الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي جرت يوم 24 يونيو/حزيران 2018، في خطوة اعتبرها كثيرون انقلابا على القواعد التي رسمها "مؤسس الجمهورية" مصطفى كمال أتاتورك عام 1923. وبهذه المناسبة سلطت العديد من وسائل الإعلام التركية، الضوء على ما تحقق وما لم يتحقق من الوعود التي قطعها أردوغان على نفسه، وأكد للناخبين آنذاك أنه قادر على تحقيقها في ظل نظام رئاسي قوي، وهو بصدد مداعبة أحلامهم حينئذ؛ لاختياره رئيسا بصلاحيات وسلطات مطلقة ما دفع البعض لوصف هذا النظام بـ"نظام الرجل الواحد". ولفتت العديد من الصحف إلى أن معظم الوعود التي قطعها أردوغان على نفسه، ومنى بها الأتراك لم تتحقق، ما أدى إلى تراجع تأييد الأتراك للنظام الرئاسي كنتيجة منطقية لفشل الرئيس في تحقيق تلك الوعود، وأبرزها القضاء على البطالة، وتقوية الاقتصاد ورفع الاستثمار، إضافة إلى تنامي الغضب من زيادة القمع. ولا شك أن الفوز الكبير الذي حققه مرشح المعارضة التركية لرئاسة بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، المنتمي للشعب الجمهوري في اقتراع الإعادة، وتمكنه من إلحاق هزيمة مدوية بمرشح حزب العدالة والتنمية رئيس الوزراء الأسبق بن علي يلدريم، أعاد فتح النقاش حول النظام الرئاسي الذي دخل حيز التنفيذ عقب الانتخابات البرلمانية والرئاسية المبكرة في 24 يونيو/ حزيران 2018، عقب إقراره في استفتاء على التعديل الدستوري الذي أجرى في 17 أبريل 2017. ومؤخرًا، دعا زعيم المعارضة التركية، كمال قليجدار أوغلو، إلى كتابة دستور جديد للبلاد يعيد العمل بالنظام البرلماني بدلًا من النظام الرئاسي. وتعالت الأصوات في تركيا مؤخرًا من كافة أحزاب المعارضة من أجل العودة للنظام البرلماني بعدما أثبت النظام الرئاسي فشله سياسيًا واقتصاديًا، كما يقول المعارضون. وفي فبراير/شباط الماضي، كشفت نتائج استطلاعات الرأي الواردة من مؤسسات مختلفة دعم 54% من الشعب للنظام البرلماني، بينما تعكس الأخريات نسب تأييد بنحو 64 و63% وظلت نسبة التأييد للنظام الرئاسي عند مستوى 35%".
واتهمت صحيفة "لوموند" الفرنسية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأنه يستغل جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) لتحقيق مطامعه الإقليمية، مشيرة إلى أن أردوغان يستغل انشغال العالم في الوباء بتعزيز وجوده في المناطق التي يحتلها في ليبيا وسوريا. وتحت عنوان "في تركيا.. أردوغان يستغل الوباء في مطامعه الإقليمية"، قالت الصحيفة الفرنسية إن "أردوغان مقتنع بأن معركة (كوفيد -19) يمكن خوضها لأسباب جيوسياسية".
وأوضحت أن أردوغان يعتقد أنه في ظل النظام العالمي الجديد الذي يفترض أن يظهر بعد الوباء، فإن تركيا يجب أن تلعب دورا قياديا، مشيرة إلى تصريحات أردوغان لأنصاره قائلا: "للمرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية، نشهد إعادة هيكلة جديدة للعالم. إن تركيا لديها الفرصة لتكون في قلب هذه العملية". ووفقاً للصحيفة الفرنسية، فإن تلك الفكرة تغري المتطرفين من حزب العدالة والتنمية (حزب أردوغان) الذي يتولى السلطة منذ ثمانية عشر عاما. ولفتت "لوموند" إلى أنه منذ تراجع شعبية حزب أردوغان بسبب ضعف الأداء لاحتواء أزمة فيروس كورونا، والوضع الاقتصادي المتردي الذي تشهده البلاد، فإن ذلك الفشل دفعهم لإحياء أسطورة الغزو التركي واستعادة الإمبراطورية العثمانية.
وأوردت الصحيفة الفرنسية ما قاله إبراهيم كاراجول، رئيس الحكومة التركية الأسبق ورئيس تحرير صحيفة "يني شفق"، بشأن اقتناعه بأن "المعجزة التركية للسيطرة على المنطقة" في متناول اليد. وكتب كاراجول، في افتتاحية نُشرت الأسبوع الماضي، قائلاً: "إن البلاد تستعد لها منذ سنوات، تحت قيادة أردوغان، لا شيء مستحيل"، مضيفاً: "كانت الإمبراطورية العثمانية عائلة كبيرة منتشرة في ثلاث قارات. خلال الحرب العالمية الأولى، تم تفريق هذه العائلة وتقسيمها واستعبادها. (...) جمعها أردوغان، وغيّر مسار التاريخ". وأشارت "لوموند" إلى أن تركيا، إحدى دول المنطقة الأكثر تضرراً من وباء (كوفيد-19) الذي أسفر عن وفاة 2491 حالة، و101790 حالة إصابة، تظهر أكثر من أي وقت مضى "كقوة إغواء" بمسرحية إرسال المساعدات الطبية إلى أوروبا، في حين أنها من أكثر الدول المتأثرة بالوباء. وأشارت "لوموند" إلى أن أردوغان لا يزال يمارس الإكراه، باستئناف شحنات الجنود والمعدات باتجاه إدلب، شمال غرب سوريا، مستغلاً انشغال دول العالم في جائحة كورونا، لدعم عشرات مراكز المراقبة الإضافية للجيش التركي في الأراضي التي يسيطر عليها في سوريا. وفي ليبيا، تواصل الطائرات بدون طيار التركية خدمة ما يسمى حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج، التي تواصل غاراتها على الجيش الوطني الليبي رغم سقوط البلاد في أزمة الجائحة العالمية. وأوضحت الصحيفة الفرنسية أن أردوغان يسعى لتحسين سمعة بلاده من جهة أخرى، التي شوهها بانتهاكات لحقوق الإنسان، وفقدانه الديناميكية الاقتصادية، والاستبداد.