أردوغان يغطية على فشله بأزمة كورونا بتلك الحيلة..هشاشة النظام في التعامل مع الأزمات ويضع مصيره على المحك
انتقد معارضون أتراك، الإجراءات الاقتصادية لحكومة العدالة والتنمية ضد فيروس كورونا، وسعي نظام الرئيس، رجب طيب أردوغان لافتعال خلافات معهم للتغطية على فشله في إدارة الأزمة.
وفي تغريدة على حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، انتقد المرشح الرئاسي السابق، محرم إينجه، التابع لحزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، تصريحات أردوغان التي استهدف فيها الحزب. تصريحات أردوغان، أمس، حملت اتهامات للمعارضة بالسعي لحروب كلامية وشجار بين الحين والآخر، ليرد إينجه بقوله: "بينما أنت منشغل بمكافحة فيروس كورونا وبينما الشعب يعاني من البطالة والفقر، فلايمكنك الحفاظ على وحدة وتضامن تركيا بالشجار مع المعارضة أثناء خطابك مع الشعب". وأضاف: "لايمكنك أن تغطي على فشلك بعدم القدرة على توزيع الماسكات الطبية بافتعال أزمة مع أحزاب المعارضة". وفي تغريدة مماثلة، حذّر نائب الشعب الجمهوري عن مدينة إسطنبول، إلهان كاسيجي، من أوضاع اقتصادية مأساوية تنتظر تركيا بعد انتهاء أزمة فيروس كورونا، مشيرًا إلى أنها ستكون الأسوأ في تاريخ البلاد. وأضاف كسيجي: "تركيا ينتظرها بعد كورونا شتاءً نوويًا، فاقتصادنا قبل كورونا كان في طريقه من الشتاء إلى الشتاء الأسود، لكن بعد كورونا ستبدأ مرحلة الشتاء النووي". في سياق متصل، انتقد المتحدث الرسمي باسم الحزب، فائق أوزتراق، التدابير الاقتصادية التي اتخذها النظام الحاكم للتخفيف من التداعيات الاقتصادية لتفشي الفيروس بالبلاد. جاء ذلك في تصريحات صحفية أدلى بها أوزتراق عقب انتهاء اجتماع مجلس الإدارة المركزي بالشعب الجمهوري، ونقلها الموقع الإلكتروني لصحيفة "برغون" المعارضة. وقال أوزتراق إن حكومة العدالة والتنمية تكيل بمكيالين، حيث تفضل الموالين لها في المنح والعطايا على غيرهم من عامة الشعب. ووجه رسالة لنظام أردوغان بقوله: "لا تكونوا بخلاء، وكونوا كرماء مع الشعب مثل كرمكم مع الموالين لكم". وسجلت وزارة الصحة التركية، الإثنين، 2132 حالة إصابة جديدة بفيروس كورونا، و95 وفاة أخرى، ليصل إجمالي الوفيات إلى 2900. وأوضحت بيانات الوزارة أن عدد حالات الإصابة بالفيروس في البلاد بلغ 112 ألف و261 حالة، وتعافى 33 ألفا و791 شخصًا من الفيروس حتى الآن. وبهذه الأرقام، تعتبر تركيا الدولة الأولى بمنطقة الشرق الأوسط من حيث الإصابات، والسابعة على مستوى العالم. وفي وقت سابق، توقع تقرير للمعارضة التركية أن يكون لهذا الفيروس تداعيات سلبية كبيرة على الاقتصاد التركي، والتي تضمنت زيادة العاطلين عن العمل ليصل إلى 11 مليون شخص، وارتفاع سعر الدولار أمام العملة المحلية الليرة إلى حدود الـ8 ليرات مقابل الدولار الواحد. كما توقع التقرير انكماش القطاعات الزراعية والصناعية، فضلا عن قطاع الخدمات، وانكماش النمو الاقتصادي بشكل عام، إلى جانب ارتفاع معدلات التضخم. ويشير الخبراء كذلك إلى التداعيات المدمّرة المحتملة للوباء على قطاع السياحة الذي يؤمّن وظائف لمئات الآلاف. ويعيش الاقتصاد التركي قبل كورونا على وقع أزمة عملته المحلية منذ أغسطس/آب 2018، وسط عجز الحكومة المحلية والمؤسسات الرسمية عن وقف تدهورها، على الرغم من رزمة إجراءات وتشريعات متخذة. ويرى خبراء اقتصاديون أتراك أن الفترة المقبلة ستشهد مزيداً من الارتفاع في أسعار المنتجات والسلع المختلفة سواء في القطاع الخاص أو العام، مرجعين ذلك إلى ارتفاع نفقات الإنتاج وازدياد عجز الموازنة.
وعلى خلاف دول العالم التي استنفرت كل طاقاتها وجهودها لمواجهة فيروس كورونا والحد من انتشاره تعاطى رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان مع تفشي الفيروس في بلاده بشكل غير مبال متجاهلا أرواح مواطنيه لكنه ما لبث أن سارع إلى استغلال هذه الأزمة ليس لاحتوائها وانما لتحقيق غاياته السلطوية ومن بينها التنكيل بمنتقديه ومعارضيه والتأثير في شعبيتهم بين الأتراك. التخبط في إدارة أزمة كورونا لدى النظام التركي ظهر منذ بداية استفحالها في تركيا حيث فرضت سلطات أردوغان الحظر في البلاد بشكل مفاجئ ودون سابق إنذار ما تسبب بفوضى عارمة في المدن التركية لتأمين المواد الغذائية والمعيشية وهو ما دفع وزير الداخلية سليمان صويلو إلى الاستقالة ومن ثم رفضها من قبل أردوغان ذاته في مشهد سلط الضوء على حجم الخلافات الداخلية التي يعاني منها هذا النظام. وفي محاولة لامتصاص الغضب والنقمة داخل المجتمع التركي على سوء إدارته لأزمة كورونا لجأ البرلمان التركي الذي يهيمن عليه حزب العدالة والتنمية الحاكم إلى تبني قرار للإفراج عن السجناء بحجة التخفيف من الاكتظاظ في السجون مع انتشار الفيروس وبينهم مرتكبو جرائم خطيرة لكنه استثنى العديد من الصحفيين والسياسيين والناشطين والمواطنين العاديين الذين دخلوا السجن لمجرد انتقادهم الحكومة. أردوغان الذي اعتبر نفسه في حرب بين نارين وهما أما التركيز على الإجراءات الاحترازية وتعطيل حركة الاقتصاد أو إبقاء الحركة الاقتصادية وتجاهل دعوات الإغلاق الكلي لتلافي الوقوع في أزمة اقتصادية أقسى من تلك التي تعاني منها البلاد كرس جل وقته للتنكيل بمعارضيه ومنتقديه واصفا إياهم بـ “الأوبئة والفيروسات” وحاول سحب البساط من تحتهم وعدم تمكينهم من الإقدام على أي فعل من شأنه تعزيز شعبيتهم بين الأتراك محاولاً بذلك احتكار أي تقدم مفترض في الأزمة لصالحه وحارماً خصومه من أي مبادرة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. وبإيعاز من رئيس النظام التركي بدأت وزارة الداخلية التركية الأسبوع الماضي تحقيقاً مع رئيسي بلديتي إسطنبول وأنقرة أكرم إمام أوغلو ومنصور يافاش وهما من حزب الشعب الجمهوري المعارض لأنهما أعلنا عن حملة لجمع التبرعات من أجل مساعدة الفقراء والمحتاجين في ازمة كورونا ما دفع أردوغان لتحجيمهما والتضييق عليهما واتهامهما بإنشاء دولة داخل الدولة أو تأسيس كيان مواز للدولة لينسب لنفسه أي فعل أو مبادرة في إطار تقديم المساعدات والإعلان عن حملة لجمع التبرعات تصب في صالح نظامه في النهاية. سيمون تيسدال الكاتب في صحيفة الغارديان البريطانية قال في مقال مؤخرا إن أردوغان تعامل مع أزمة كورونا من خلال وضع الاقتصاد ومكتسباته السياسية أولا قبل الحفاظ على أرواح الناس مؤكدا أنه متهم مثل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتسييس الأزمة. تيسدال أشار في مقاله إلى قيام أردوغان بحظر جهود جمع الأموال من قبل مجالس المدن التي تسيطر عليها المعارضة في إسطنبول وإزمير وأنقرة نتيجة الأداء المثير للإعجاب لعمدة إسطنبول إمام أوغلو المنافس الرئاسي المحتمل له في انتخابات عام 2023 وهو ما اقلقه أكثر من مسالة تفشي الوباء. من الواضح أن أزمة كورونا كشفت هشاشة نظام أردوغان في مواجهة الأزمات ولا سيما التي ورط بلاده بها منذ أعوام من بينها دعم الإرهاب في سورية وليبيا وغيرهما والتدخل في شؤون عدد من دول المنطقة كالعراق إضافة إلى الفشل في إدارة الأزمة الاقتصادية الخانقة في الداخل التركي وسياسات الترقيع في إنقاذ الاقتصاد المأزوم مع خسارة ملايين الأتراك وظائفهم بسبب كورونا دون وجود خطط لإعادة توظيفهم ما يضع مصير هذا النظام على المحك.