سيريا ستار تايمز - وكالة إخبارية عالمية


مزاعم رسمية تثير الشكوك..تأجيل نشر إس- 400.. هل تخشى أنقرة كورونا أم عقوبات واشنطن؟


أعلنت تركيا،تأجيل تفعيل ونشر منظومة الدفاع الصاروخي الروسية (إس-400) التي اشتراها نظام الرئيس رجب طيب أردوغان من موسكو العام الماضي، بزعم تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) بالبلاد. في حين أن معارضين ومراقبين يقولون في المقابل إن سبب التأجيل هو خوف أنقرة من عقوبات أمريكية محتملة حال تفعيل المنظومة، فضلًا عن الأزمة الاقتصادية التي تعيشها تركيا منذ سنوات بسبب السياسات التي يتبناها النظام الحاكم، وأدت لتراجع البلاد في مختلف المجالات. الصفقة التي أبرمت بين تركيا وروسيا وتم بموجبها شراء تلك المنظومة، تسببت في حالة من الجدل ما زالت مستمرة حتى اليوم داخل حلف شمال الأطلسي (ناتو) التي تعارض دول فيه وعلى رأسها الولايات المتحدة، الصفقة على اعتبار أن تلك الأنظمة لن تتوافق مع نظيراتها الخاصة بالحلف، وتمثل كذلك تهديدا لطائراته. وكانت تركيا قد قررت في 2017، شراء منظومة (إس- 400) من روسيا مقابل 2.5 مليار دولار، بعد تعثر جهودها لشراء أنظمة الدفاع الجوي "باتريوت" من الولايات المتحدة. وبالفعل تسلمت أنقرة هذه المنظومة، الصيف الماضي، وسط مطالبات من واشنطن والدول الغربية بالتخلي عنها، لأن أنظمة الرادار الخاصة بهذه المنظومة يمكنها تسجيل بيانات المقاتلات الأمريكية ومن ثم حصول روسيا عليها. ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل إن الولايات المتحدة هددت أنقرة بفرض عقوبات اقتصادية عليها إذا أصرت على شراء تلك الأنظمة، على أن تكون هذه العقوبات في أبريل/نيسان المنصرم الذي كان مقررًا لبدء نشر المنظومة في البلاد. وسبق للرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن قال إن منظومة "إس-400" سيتم تشغيلها في أبريل، إلا أن النظام زعم أن جائحة "كورونا" ركزت الجهود التركية على مكافحة تفشي المرض، بالإضافة إلى محاولة دعم اقتصاد يواجه ثاني ركود خلال عامين، وفي الأسابيع الأخيرة لم يثر أردوغان وحكومته القضية علناً.

مزاعم رسمية تثير الشكوك

متحدث الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، زعم أن "تأخر نشر منظومة (إس-400) جاء بسبب أزمة تفشي فيروس كورونا، لكن نشرها سيمضي قدماً كما هو مقرر له"، دون أن يذكر تاريخًا محددًا لذلك. تصريحات قالن جاءت خلال مشاركته في ندوة نظمها المجلس الأطلسي (مركزه واشنطن)، عبر الإنترنت، والتي لفت فيها إلى أن هناك العديد من "الأزمات" بين واشنطن وأنقرة، من بينها منظومة الدفاع الروسية. المسؤول التركي امتنع في تصريحاته عن الخوض في أية تفاصيل بخصوص المدة التي ستنتظرها أنقرة حتى يتسنى لها نشر المنظومة، ما أثار سلسلة من علامات الاستفهام، والأسئلة التي تظل عالقة بدون إجابة حول ما إذا كان هذا القرار سيكون دائمًا ولن تنشر المنظومة بالفعل أم لا. وبرر قالن شراء بلاده للمنظمة الروسية برفض الولايات المتحدة طلب بلاده لشراء منظومة "باتريوت"، مضيفًا "فبدأ الرئيس (رجب طيب أردوغان) للبحث عن بديل، وكان ذلك (إس-400)". متحدث الرئاسة التركية في الوقت ذاته ذكر أن بلاده ما زالت مستعدة لشراء منظومة "باتريوت" الأمريكية، مضيفا: "لكن أن يكون ذلك دون شروط مسبقة".

موقف أمريكي قاطع

سفير الولايات المتحدة لدى أنقرة، ديفيد ساترفيلد، شارك في الندوة نفسها، وشدد في كلمة له على أن بلاده أبلغت أنقرة موقفها من هذه المنظومة بشكل جلي، مشيرًا في هذا الصدد إلى العقوبات التي مررها الكونجرس في وقت سابق ضد تركيا حال قيامها بنشر "إس-400". وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، أقر مجلس الشيوخ الأمريكي، مشروع قانون الميزانية الدفاعية الأمريكية لعام 2020، ونص على فرض عقوبات على تركيا. وينص مشروع الموازنة على عدم تسليم تركيا مقاتلات،"إف35" بسبب استمرارها في استيراد منظومات"إس-400" الروسية، وضرورة فرض عقوبات على أنقرة في إطار قانون "مكافحة أعداء أمريكا من خلال العقوبات" المعروف اختصارًا باسم (كاتسا) والذي صدر في أغسطس/آب 2017. ورغم تلك التهديدات واصلت أنقرة الإيفاء بالتزاماتها ببنود صفقة المنظومة مع روسيا، وأرسلت جنودًا لها إلى موسكو للتدريب على كيفية استخدامها، وبدأت أنقرة تتسلم المنظومة اعتبارًا من يوليو/تموز الماضي. السفير الأمريكي جدد تأكيد بلاده على أنه "من غير الممكن عمل منظومة (إس-400) الروسية في نفس الوقت مع مقاتلات (إف-35)، وهذا أمر تعرفه أنقرة جيدًا". وأشار السفير ساترفيلد كذلك إلى أن العقوبات الأمريكية المحتملة على أنقرة في هذا الصدد ليست مقصورة على قانون "مكافحة أعداء أمريكا من خلال العقوبات"، بل هناك بعض التشريعات والقوانين الأخرى التي تهدف لفرض عقوبات على شراء معدات دفاعية روسية من قبل أنقرة. ولفت الدبلوماسي الأمريكي إلى أن هناك اختلافات في وجهات النظر بين أنقرة وواشنطن، والموضوعات العالقة مثل المنظومة الروسية، وهي أمور ينبغي حلها لتعزيز العلاقات بين البلدين. تصريحات الدبلوماسي الأمريكي تأتي في نفس اليوم الذي أخذ الإعلام الموالي لأردوغان طيلة اليومين الماضيين يتغنى بمساعدات طبية قدمتها أنقرة لواشنطن لدعمها في مواجهة جائحة كورونا، وأن واشنطن أشادت بالأمر على كافة المستويات.

أسباب اقتصادية أيضا

وقبل أيام قدم النائب البرلماني عن حزب "الخير" المعارض، رئيس لجنة سياسات الأمن الوطني بالحزب، آيتون تشيراي، استجوابا برلمانيا لوزير الدفاع خلوصي آكار، عن مصير المنظومة. المعارض التركي، تشيراي، قال إن نظام العدالة والتنمية الحاكم، أصرّ على شراء نظام الدفاع الروسي رغم ما تسبب فيه من أزمات كبيرة بالسياسة الخارجية، ورغم تكلفته المرتفعة التي تقدر بمليارين ونصف المليار دولار". وأضاف سائلًا وزير الدفاع: "هل ستترك تلك المنظومة لتخرب وتفسد في المخازن، كما سبق وأن ذكرت وكالة رويترز ذلك؟". وأردف: "سبق وأن أعلن وزير الدفاع أن هذه المنظومة التي جاءت أولى شحناتها في شهر يوليو/تموز الماضي، سوف يتم الانتهاء من تركيبها وتفعيلها بحلول شهر أبريل/نيسان الجاري". وتابع: "ولكن مؤخرًا ذكر العديد من الصحف العالمية، مثل وكالة "رويترز"، أن جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) تسببت في تأجيل عمليات التركيب، وأن بعض الاستعدادات التقنية لم تكتمل، وأنها لن تكتمل إلا بعد أشهر". واستطرد تشيراي: "لكن على ما أعتقد أن السبب الرئيس في هذا التأخير ليس مسألة الاستعدادات التقنية، وإنما هو الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تعاني منها البلاد بسبب السياسات التي يتبناها النظام الحاكم على مدار 18 عامًا، أي منذ أن جاء لسدة الحكم". وأشار إلى أن "وكالة رويترز ذكرت كذلك أن القرار الذي اتخذته وزارة الخارجية الأمريكية بوقت سابق، أي قبل جائحة كورونا، والخاص بفرض عقوبات اقتصادية على تركيا في شهر أبريل/نيسان، بالتزامن مع تركيب المنظومة وتفعيلها، ما زال ساريا". وأضاف تشيراي: "يبدو أن النظام التركي بزعامة أردوغان قد استسلم لخوفه من التهديدات والعقوبات الأمريكية". وتضمن الاستجواب المقدم من المعارض المذكور عدة أسئلة لوزير الدفاع منها: "هل بالفعل تم تأجيل عملية تركية المنظومة الروسية وتفعيلها، كما قالت وكالة رويترز؟ ولو كان هذا صحيحًا إلى متى تم التأجيل؟". وأضاف متسائلًا: "وإن كان التأجيل غير محدد المدة، فهل هذا يعني أن هذه المنظومة لن يتم تركيبها وتفعيلها؟ وإن كان الأمر كذلك هل سيكون مصيرها أن تخرب في المخازن وتتحلل كما قالت رويترز أيضًا؟". وتابع: "ونظرًا لتأجيل تفعيل المنظومة، هل ستتأجل العقوبات الاقتصادية التي أعلنت الولايات المتحدة أنها ستفرضها في أبريل بالتزامن مع تفعيل المنظومة الصاروخية؟ وإذا لم تتأجل العقوبات، ألن تكون هذه أفشل صفقة شراء أسلحة في تاريخ الجمهورية التركية؟!". واستطرد: "كيف ووفق أية مسوغات تم اتخاذ قرار هذه المنظومة رغم أنه كان واضحًا من البداية أنه ستكون له تبعات وتداعيات سياسية واقتصادية، وسيؤثر على علاقاتنا الخارجية بالبلدان الأخرى، فضلا عن تكلفته المادية الثقيلة على البلاد والمواطنين؟".

سيريا ستار تايمز - syriastartimes,