سيريا ستار تايمز - وكالة إخبارية عالمية


ابتزاز والحصول على تعويضات مالية ووقف النمو الاقتصادي وتشويه صورة الصين عالمياً وشيطنتها


ثمّة محاولة أميركية واضحة لشيطنة الصين ومعاقبتها من خلال تحميلها مسؤولية تفشي وباء كورونا في العالم ومطالبتها بتعويضات مالية وتحريض دول العالم الأخرى، وخاصة في الدول الغربية الحليفة للمساهمة في هذه الحملة السياسية والإعلامية والمطالبة بتعويضات مماثلة وفرض عقوبات على بكين في حال عدم استجابتها. البداية جاءت من أستراليا التي دعت إلى إجراء تحقيق في مصدر فيروس كورونا، في استجابة لاتهام الرئيس الأميركي دونالد ترامب الصين بأنها مصدر الوباء وأنها قصرت في الإبلاغ عن خطورته في بداية تفشي الفيروس وربما أخفت معلومات عن العالم في هذا السياق، بحسب زعمه. وبينما طلب ترامب من الاستخبارات الأميركية التحقيق في مصدر الفيروس وأسباب انتشاره هل هي طبيعية أم نتيجة حادث عرضي أو مؤامرة متعمدة، فإن ألمانيا وبريطانيا عادتا للتردد مجدداً في السماح لعملاق التكنولوجيا الصيني "هواوي" بالعمل في أراضيهما.
وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية أن ترامب يريد تعويضاً صينياً لكل وفاة أميركية نتيجة مرض كورونا بقيمة عشرة ملايين دولار. وإذا حسبنا قيمة تعويضات الضحايا الأميركيين حتى اليوم المقدرين بأكثر من 62 ألف وفاة، فإن قيمة التعويضات ستتجاوز الـ600 مليار دولار أميركي. وإذا وصل عدد الوفيات الأميركية المائة ألف فقد يصل المبلغ إلى تريليون دولار، هذا فضلاً عن احتمال مطالب ترامب بكين بتعويضات أخرى عن الخسائر الاقتصادية الأميركية التي تقدر بتريليونات الدولارات. ففي الأسبوع الماضي، طالبت صحيفة "بيلد" الألمانية بـ160 مليار دولار كتعويض من الصين عن الأضرار التي لحقت بألمانيا من فيروس كورونا، وهو ما استثار رداً غاضباً من السفارة الصينية في برلين. وقدم المدعي العام في ولاية ميزوري الأميركية، إريك شميت، دعوى قضائية في محكمة اتحادية تهدف إلى تحميل بكين مسؤولية تفشي المرض، وإلى حض الكونغرس على تشريع قانون يسمح بمقاضاة الصين على مسؤولية تفشي الوباء والتسبب بمقتل عشرات آلاف الأميركيين. على أي حال، فإن قيمة الديون الأميركية التي اشترتها الصين على شكل سندات تعادل نحو 1.12 تريليون دولار أي قد يقترب أو ربما يقل عن قيمة التعويضات الأميركية المطلوبة، وهو ما يعني تصفير الديون الأميركية المتوجبة للصين. هذه المطالبات الغربية للصين بتعويضات تستفز القيادة والشعب الصينيين وتذكرهما بالغرامات التي فرضها تحالف الدول الثماني على الصين إثر غزوها رداً على "انتفاضة الملاكمين" ضد الهيمنة الأجنبية والتبشير المسيحي في بلادهم في شهر حزيران / يونيو من عام 1900، والتي أسفرت عن أعمال عنف وإعدامات للأجانب والمسيحيين في الصين. إذ طلب الأجانب والصينيون المسيحيون اللجوء في حي المفوضيات في بكين وقام تحالف الأمم الثماني –المؤلفة من جيوش أميركية ونمساوية-مجرية وبريطانية وفرنسية وألمانية وإيطالية ويابانية وروسية– بغزو بكين لرفع الحصار عن حي المفوضيات الذي دام 55 يوماً والذي فرضه الجيش الإمبراطوري الصيني والملاكمون. فقد أرسل التحالف 20 ألف جندي إلى الصين لهزيمة الجيش الإمبراطوري، ووصل الجنود إلى بكين في الرابع عشر من آب / أغسطس، وأنهوا بذلك حصار حي المفوضيات. تلا ذلك نهب للعاصمة والأرياف المحيطة بها، وإعدام من دون محاكمة لمن يشتبه بانتمائه لحركة الملاكمين. كما فُرض على الإمبراطور مرسوم في السابع من أيلول / سبتمبر عام 1901 يقضي إعدام المسؤولين الحكوميين الذين دعموا الملاكمين، واشترط بقاء القوات الأجنبية في بكين، وأجبر الصين على دفع غرامة قدرها 450 مليون تايل من الفضة – أي نحو 10 مليار دولار وفقاً لأسعار الفضة في عام 2018 – على مر السنوات الـ39 التالية للأمم الثماني المنخرطة في النزاع. ولا شك أن هذه الاستراتيجية الأميركية – الغربية لا تهدف فقط إلى ابتزاز الصين والحصول على تعويضات مالية منها، بل هي تريد وقف النمو الاقتصادي الصيني وتشويه صورة الصين عالمياً وشيطنتها وتصويرها كناشرة لوباء كورونا القاتل عن عمد أو تقصير، وبالتالي إضعاف قوة بكين السياسية والاقتصادية وتأخير قدرتها قدر المستطاع على ملء الفراغ في القيادة العالمية الذي سيخلفه تراجع الولايات المتحدة.

متابعة الاعلامية : أيمن لبابيدي,