أكبر عجز موازنة بين دول الخليج.. السعودية تعيش كابوسها الأسوأ وإجراءات التقشف ستدمر القطاع الخاص
تواجه المملكة العربية السعودية أسوأ أزمة في تاريخها منذ عقود طويلة، وباتت الإجراءات التقشفية اللازمة التي أعلن عنها وزير المالية السعودي محمد الجدعان مؤخرا تهدد بنسف وتدمير القطاع الخاص في المملكة.
انهيار القطاع الخاص
وترى وكالة “بلومبيرغ” أنَّ زيادة ضريبة قيمة المضافة في المملكة لثلاثة أضعافها وخفض بدلات وعلاوات الموظفين الحكوميين تحت عبء هبوط أسعار النفط وحالة الإغلاق لوقف تفشي فيروس كورونا المستجد، سيقوض الاستهلاك وبالتالي يضر القطاع الخاص الذي يمثل أساس رؤية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لتنويع الاقتصاد بعيداً عن النفط. ومن شأن زيادة ضريبة القيمة المضافة بحسب تقرير الوكالة الأمريكية، أن يساعد في السيطرة على عجز الموازنة، غير أنه سيقلل تنافسية المملكة مقارنة بدول الخليج الأخرى في محاولات اجتذاب المزيد من الاستثمار الأجنبي. وبحسب ترجمة موقع “عربي بوست” يقول جيمس ريف، كبير الاقتصاديين في مجموعة “سامبا فايننشال” السعودية: “هذه الإجراءات جذرية وتؤكد خطورة التحديات التي تواجه المملكة، وترسل هذه الإجراءات رسالة إلى الأسواق مفادها بأنَّ السلطات مستعدة لاتخاذ خيارات صعبة لإبقاء العجز ضمن الحدود، لكن الجانب السلبي هو أنَّ هذا يمثل ضربة أخرى لقطاع البيع بالتجزئة المنكوب بالفعل”. أكبر عجز موازنة هذا ويُتوقَّع بحسب تقرير “بلومبيرغ” أن تسجل السعودية أكبر عجز موازنة بين دول مجلس التعاون الخليجي، حيث أجبر التحول الذي أعلن عنه وزير المالية محمد الجدعان أمس، المحللين على خفض توقعاتهم عن معدل نمو أكبر اقتصاد في العالم العربي للمرة الثانية في غضون أسابيع قليلة فقط. ومن جانبه، خفّض جيمس ريف من مجموعة Samba توقعاته لعام 2020 ويتوقع أن ينخفض النمو بنسبة 3.7%، في حين بات جياس غوكنت من بنك JPMorgan Chase & Co.’s الأمريكي يعتقد أنَّ توقعاته بانكماش عام بنسبة 3% متفائلة للغاية، وبالمثل عدّل بلال خان من شركة Standard Chartered Plc البريطانية تقديراته إلى انخفاض بنسبة 5%. ومُني الاقتصاد السعودية بهبوط تجاوز نسبة الـ50% في أسعار النفط الخام خلال العام الجاري. ولا يزال النفط يمثل النسبة الأكبر من العائدات الحكومية، بالرغم من مرور 4 سنوات على تجديد الأمير محمد بن سلمان للاقتصاد، ويُضاف لهذا التراجع حظر تجول مشدد لاحتواء فيروس كورونا المستجد، مما يدفع المملكة نحو أكبر أزمة مالية تواجهها منذ عقود. وسجّلت الاحتياطيات الأجنبية، تراجعاً قياسياً بقيمة 27 مليار دولار في مارس، عندما سرّعت السعودية تراجع أسعار النفط من خلال الدخول في حرب أسعار مع روسيا. خيارات محدودة وفي غياب أي رغبة في تعويم العملة، والضغط لاحتواء عجز الموازنة الذي يتوقع صندوق النقد الدولي أن يصل إلى نحو 13% هذا العام، تقف المملكة أمام خيارات محدودة، وقد جمعت السعودية بالفعل 20 مليار دولار من أسواق الدين المحلية والعالمية منذ نهاية 2019. وقال الجدعان إنَّ الحكومة لا تعتزم استدانة أكثر من 220 مليار ريال لعام 2020، كما أعلنت سابقاً، في إشارة إلى أنَّ تركيزها سينصب على احتواء الفجوة في الميزانية. وتابع: “نريد أن نتأكد من أننا نحافظ على قوتنا المالية حتى نتمكن من دعم الاقتصاد ليخرج من حالة الإغلاق”. وستمثل الأشهر القليلة المقبلة اختباراً لحكمة نهج السعودية الذي وصفه طارق فضل الله، رئيس قسم الشرق الأوسط في شركة Nomura Asset Management، بأنه “تكديس للعديد من الإجراءات القاسية معاً”. في منطقة أسندت معظم صناعتها غير النفطية على الضرائب المنخفضة والعمالة الأجنبية الرخيصة، سيكون التحدي الذي تواجهه السعودية هو الحفاظ على التنافسية في وجه الدول المجاورة ذات ضريبة القيمة المضافة المنخفضة والمعدلات الأخرى القليلة. إلى جانب ذلك، تمتلك بعض هذه الدول، مثل الإمارات وقطر، بنية تحتية أفضل ويسمح للجاليات الأجنبية بمزيد من الحريات الاجتماعية. في هذا السياق، قال جون سفاكياناكيس، مدير الأبحاث الاقتصادية في مركز الخليج للأبحاث: “تستخدم الحكومة هذه الأزمة لتمرير الاقتطاعات الضرورية في فاتورة أجور القطاع العام، التي ستكون إيجابية على المدى الطويل. لكن رفع ضريبة القيمة المضافة سيؤثر على الاستهلاك ويضر بالقدرة التنافسية”.