سيريا ستار تايمز - وكالة إخبارية عالمية


إهمال مريع وانتهاكات مريرة.. العمالة الأجنبية تفضح قطر


ظروف مأساوية وإهمال مريع وانتهاكات مريرة لحقوق العمالة الأجنبية في قطر، كشف عنها أحد العمال الأجانب الذي تمكن من النجاة بنفسه. العامل الذي يدعى "نوح" روى عن تجربة عمله القاسية في قطر، وظروف المعيشة بها التي وصفها بأنها "كئيبة" و "مهينة للإنسانية" في مقال نشره بموقع "Migrant Rights " المعني بحقوق العمالة الأجنبية والمهاجرين. كما فضح تورط مؤسسات حكومية، في تلك الانتهاكات، مثل وزارة العمل ووزارة الداخلية، التي تجاهلت شكاويه المتعددة رغم أنه أرفقها بكل الأدلة التي تؤكد مصداقيتها، ومواقع تلك الانتهاكات على وجه الدقة.
وقالت المحكمة إنها قررت تغريم السفارة عشرين ألف جنيه استرليني (حوالي خمسة وعشرين ألف دولار) تعويضا عن تكاليف التقاضي التي تكبدها الموظف السابق في السفارة. وأضافت المحكمة البريطانية أن هناك تعويضا آخر سيتم تحديده لاحقا بسبب الأضرار التي لحقت بالمجني عليه. وخلال جلسة المحاكمة، قال المجني عليه إنه "دفع ثمنا باهظا يتمثل في تدهور صحته وتحمله عبئا نفسيا كبيرة بالإضافة إلى الخسائر المالية بسبب تعرضه للعنصرية والفصل التعسفي من جانب السفارة القطرية". وطالب المحكمة بتغريم السفارة القطرية وإصدار توصيات لها بتأهيل دبلوماسييها كي يتجنبوا مثل هذه الممارسات في المستقبل، وضمان عدم تكرار التجاوزات التي وقعت له ضد أي من الموظفين الآخرين حاليا أو في المستقبل. وكان أحمد قد لجأ إلى محكمة العمل في عام 2013 واتهم السفارة والملحق الطبي القطري عبد الله الأنصاري بفصله تعسفيا وممارسة التمييز والعنصرية ضده، ولكن المحكمة رفضت نظر القضية بسبب تمتع السفارة و الدبلوماسي بالحصانة. وفي عام 2018 قررت المحكمة العليا أن الحصانة الدبلوماسية لا تحمي السفارات والدبلوماسيين من قضايا العنصرية وهو الأمر الذي أعاد الأمل لدى أحمد وشجعه على العودة للمحكمة مرة أخرى. وقال الموظف الصومالي بالسفارة القطرية في لندن ضحية عنصرية الحمدين في حديث سابق لـ"العين الإخبارية" أنه تحمل الكثير من الإساءة محاولا الحفاظ على وظيفته، لكنه في النهاية اضطر للجوء إلى المحكمة لمعاقبة الملحق الطبي الذي اعتدى عليه بالضرب ووجه إليه إهانات لفظية وعنصرية مرات عدة. وأعرب أحمد عن سعادته بإنصاف القضاء البريطاني له، مشيداً بنزاهته وحياديته، مؤكداً أن ما وجده في السفارة القطرية بلندن يعكس الوجه القبيح للدوحة التي يظن دبلوماسييها أنهم استعبدوا الناس بعد أن ولدتهم أمهاتهم أحرارا. ونوَّه بأن الملحق الطبي القطري، كان دائماً يطلق عليه أوصافاً نابية، ولكنه كان يتحمل الإساءة بسبب حرصه على الحفاظ على وظيفته وهي مصدر دخله الذي يرعى به أسرته. لكن الانتهاكات وصلت إلى حد لا يطاق كما يقول أحمد، حيث أوضح "لن أنسى يوم العيد عام ٢٠١٣ عندما ضربني الدبلوماسي القطري بعنف على كتفي لدرجة أنني سقطت على الأرض ووصفني بالعبد والكلب والحمار". وأشار إلى أن الدبلوماسي القطري كان غاضبا بدعوى عدم فرش السجاد والاستعداد لصلاة العيد، ويتذكر الموظف الصومالي قائلا: "لم أكن مسؤولا عن فرش السجاد وقررت في هذا اليوم أن تتصدى للانتهاكات".
عنصرية مسؤولي تنظيم "الحمدين" لم تكن ضد أفراد فحسب، بل كانت ضد شعوب بأكملها، ففي مايو/ آيار ٢٠١٩، أزاح مسؤول قطري عن وجه جديد من وجوه تنظيم "الحمدين" العنصرية، حيث خرج أكبر الباكر، أمين عام المجلس الوطني للسياحة في الدوحة، على الملأ واصفاً المصريين بأنهم "أعداء"، وأن بلاده لن تعطي تأشيرات لهم. جاء ذلك في رده على سؤال حول ما إذا كانت قطر ستفتح التأشيرات للسياح المصريين الراغبين بالقدوم إليها لأن منحهم تأشيرات كانت صعبة في الماضي، ليجيب الباكر قائلا: "لن نعطي التأشيرات لأعدائنا، ستكون مفتوحة لأصدقائنا". واحتفى الإعلاميون الموالون لتنظيم الحمدين من حضور المؤتمر من قناة "الجزيرة" وغيرها من وسائل الإعلام القطرية بتصريح الباكر الذي أعلن فيه علنا العداء لدولة عضو بالجامعة العربية، بل وقاموا بالتصفيق له بعد إجابته، في مؤشر آخر يعكس خطورة الدور الذي يقوم به إعلام "الحمدين" في تكريس ونشر سياسة العنصرية.
هذه المرة ليست الأولى التي يصف فيه "الباكر" دولة عربية بالعدو، ففي سابقة خطيرة في تاريخ العلاقات الخليجية والعربية، تخالف كل العادات والأعراف والقيم والأخلاق، وصف الباكر الإمارات بأنها "عدو" لبلاده في تصريح له في يناير/كانون الثاني 2019، ما يؤكد عنصرية المتجذرة في التنظيم الحاكم بقطر ومسؤولية والإعلام الموالي له ضد شعوب الدول الداعية لمكافحة الإرهاب. وقطعت الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب (السعودية والإمارات والبحرين ومصر)، في يونيو/حزيران من عام 2017، العلاقات الدبلوماسية وخطوط النقل مع قطر، بسبب دعم الدوحة للإرهاب.
الصدمة الأكبر التي كشفها العامل أن كل تلك الانتهاكات تقع في شركة تابعة لمؤسسة قطر، التي تترأسها موزا بنت ناصر والدة أمير قطر، وهي مؤسسة تروج لنفسها باعتبارها نموذج مثالي للحفاظ على حقوق العمال. كما أعرب عن صدمته أيضا من قيام الشركة برفع عدد العمال في الغرفة التي يعيشون فيها من 6 إلى 8 بعد ظهور فيروس كورونا المستجد "كوفيد 16"، وتخصيص دورة مياة واحدة لكل 14 عامل، بعد أن كانت هناك حمام لكل 9 عمال، أي أن الأمور سارت من سئ إلى أسوأ.
ولا تزال قطر تضرب أسوأ الأمثلة في معاملة العمال الوافدين على أراضيها، وتركت الباحثين عن الرزق فريسة لفيروس كورونا. ورصدت العديد من المنظمات الحقوقية ووسائل الإعلام العالمية قيام النظام القطري بالتضحية بالعمال الأجانب وتعريض حياتهم لخطر الإصابة بالفيروس نتيجة ضعف إجراءات حمايتهم وتدني ظروفهم المعيشية. وأكدت تقارير لـ"فورين بوليسي" و"نيويورك تايمز" الأمريكية و"الجارديان" البريطانية وإذاعة "إر.إف.إي" الفرنسية، إضافة إلى تحقيقات منظمات "هيومن رايتس ووتش" ومنظمة العفو الدولية وميجرانتس رايتس، أن العمال يذهبون كل يوم إلى "إعدامهم". وانتقدت منظمة العفو الدولية في وقت سابق تعريض الحكومة القطرية آلاف العمال والمهاجرين في المنطقة الصناعية بالعاصمة الدوحة لخطر الإصابة بكورونا. وكشفت المنظمة الدولية في سلسلة تغريدات عبر "تويتر" عن: "أن أجزاء من المنطقة الصناعية في قطر، – وهي بمثابة مخيمات سكنية لعدد كبير من العمال المهاجرين- قد تم إغلاقها بشكل مُحكم بعد إصابة مئات من عمال البناء بكورونا". وأكدت المنظمة أنه يتوجب على الحكومة القطرية أن تضمن بقاء حقوق الإنسان في جوهر محاولات الوقاية والاحتواء من فيروس كورونا، وضمان حصول الجميع على الرعاية الصحية والوقائية والعلاج لجميع المتضررين، وبدون تمييز.

سيريا ستار تايمز - syriastartimes,