سيريا ستار تايمز - وكالة إخبارية عالمية


تركيا تراوغ أمام اتهامات أممية باختطاف معارضين بالخارج .. استثمارات أردوغان بليبيا.. سم إخواني لابتلاع شمال أفريقيا


كشف موقع سويدي، عن مراوغة النظام التركي أمام اتهامات أممية له باختطاف معارضين من دول أجنبية. ورد دبلوماسيو الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على خطاب للأمم المتحدة بشأن عمليات الاختطاف والتجسس على منتقدي الحكومة باتهام حركة غولن بالتلاعب. ولم يقدم الدبلوماسيون أي معلومات واضحة عن عمليات الاختطاف غير القانونية. وكشف موقع "نورديك مونيتور" السويدي أن البعثة التركية الدائمة بالأمم المتحدة ردت على عمليات الاختطاف التي تجرى برعاية الدولة والإعادة القسرية للأتراك، من خلال مذكرة شفوية يعود تاريخها لـ11 يونيو/حزيران الماضي، وقدمتها للمكتب في جنيف. وأوضح الموقع السويدي أن عددا من مسؤولي الأمم المتحدة، بينهم: لوسيانو هازان، مقرر الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري، وفيليبي جونزاليس موراليس، المقرّر الخاص المعني بالمهاجرين، بعثوا خطابًا مشتركًا إلى الحكومة التركية يعربون فيه عن قلقهم بشأن عمليات الاختطاف الممنهجة خارج حدود الدولة والإعادة القسرية للأتراك من عدة دول. وعلى نفس المنوال، وجد الفريق الأممي المعني بمسألة الاحتجاز التعسفي في جلستين عقدتا أبريل/نيسان ومايو/أيار الماضيين أن حرمان ثلاثة أشخاص من الحرية بسبب صلاتهم بحركة غولن كان تعسفيًا ويفتقر إلى الأسس القانونية، كما أنه يمثل انتهاكًا للإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وفي الخطاب، طلب مقررو الأمم المتحدة معلومات بشأن الدور الذي يلعبه جهاز الاستخبارات التركية والمؤسسات الأخرى في عمليات الاختطاف سالفة الذكر. وجاء في الخطاب أن الحكومة التركية، بالتنسيق مع دول أخرى، أعادت أكثر من 100 تركي قسرًا إلى البلاد، وتعرض 40 منهم لاختفاء قسري، واختطف معظمهم من الشوارع أو منازلهم بجميع أنحاء العالم، وفي حالات عدة بصحبة أطفالهم.

ومع ذلك، لم تتطرق مذكرة الخارجية التركية لتلك الحقائق، بينما طلبت من أجهزة الأمم المتحدة عدم السماح لحركة غولن بإساءة استخدام تلك الآليات وتجاهل اتهاماتهم. لكن الحالات الواردة في الخطاب كشفت عن إساءة مبعوثي أردوغان استخدام المنشآت الدبلوماسية وخبرتهم في التخطيط لترحيل الأشخاص المعارضين. وأشار "نورديك مونيتور" إلى أن بعض السفراء الأتراك اضطعلوا بمهمة تنظيم المسائل المحلية للعمليات الاستخباراتية التي نفذها جهاز الاستخبارات بدول أخرى بهدف اختطاف الأتراك. واستشهد الموقع السويدي بالدور الذي لعبته سفارة أنقرة بكوسوفو في التخطيط لعمليات الاختطاف، فضلًا عن عملها كمركز احتجاز شهد إيداع بعض الأتراك به لفترة من الوقت سواء بمبنى السفارة أو محل إقامة السفيرة التركية آنذاك كيفيلجيم كيليتش في 29 مارس/آذار عام 2018، حتى أن أردوغان كافأ السفيرة السابقة نظير عملها وخدماتها في كوسوفو. كانت تقارير سابقة أوردها "نورديك مونيتور" كشفت عن العمليات التي نفذها جهاز الاستخبارات التركي المتعلقة بالتجسس على منتقدي حكومة أردوغان خارج حدود البلاد. وكشفت وثائق سرية في وقت سابق أن جهاز الاستخبارات التركي نفذ عمليات تجسس ضد معارضي نظام الرئيس رجب طيب أردوغان في أستراليا. وأظهرت الوثائق التي حصل عليها موقع "نورديك مونيتور" أن الاستخبارات التركية نظمت عمليات مراقبة غير قانونية وجمع معلومات عن أنشطة منتقدي أردوغان في أستراليا. كما كشفت وثائق أخرى عن تأسيس تركيا شبكة تجسس بألمانيا تستهدف المعارضين وتنقل أخبارهم إلى أنقرة ومن ثم فتح قضايا باتهامات ملفقة. وأورد الموقع أيضًا في وقت سابق أن السفارة التركية في بلجيكا متورطة في حملة لجمع المعلومات الاستخباراتية حول أنشطة منتقدي أردوغان. وطبقًا للوثائق الرسمية، حددت البعثات الدبلوماسية التركية المعارضين الموجودين في البلاد، وأبلغت وزارة الخارجية في أنقرة بشأنهم، ثم أرسلت المعلومات لاحقًا إلى شرطة أفيون قره حصار لفتح قضية ضد معارضي نظام أردوغان.

أطماع تركيا في ليبيا ليست وليدة اليوم، وإنما تعود لعهد العقيد الراحل معمر القذافي، حين أدركت أنقرة أن حصولها على موطئ قدم بالبلد الغني بالنفط لن يؤمن لها اقتصادها فحسب، وإنما يمنحها فرصة ابتلاع منطقة شمال أفريقيا بأكملها.

مخطط طويل الأمد ترصده سيريا ستار تايمز، ضمن سلسلة تقارير عن أطماع أردوغان في أفريقيا، حيث تعري الأحداث والتطورات الراهنة في ليبيا محاولة إخضاعها للنفوذ التركي وجعلها بؤرة خراب وأطماع وملعباً لتسجيل أهداف أخرى في المنطقة. ومنذ عهد القذافي، سعت أنقرة للاستحواذ على ليبيا، عبر بوابة الاستثمارات الاقتصادية التي تعتبر بمثابة الشجرة الكبيرة التي أخفت وراءها أطماعها العسكرية والاقتصادية في شمال أفريقيا. وشكلت زيارة الوفد التركي رفيع المستوى، قبل أيام، إلى العاصمة طرابلس، واحدة من محطات البحث عن جني الأرباح بعد أن ضمنت خراب هذا البلد، وسط ترويج من حكومة ما يسمى بـ"الوفاق" غير الشرعية وإعلام تركي لـ"استثمارات تركية بقيمة 120 مليار دولار|".

خداع القذافي

الغدر ونقض العهود عادة متأصلة ومتجذرة لدى الأنظمة والتيارات الإخوانية، وليبيا واحدة من النماذج التي خدعها النظام التركي بالتقرب منها بالاستثمارات وزيادة حجم التبادل التجاري، تمهيدا لـ"الاستثمار الأكبر". فالعلاقات الاقتصادية بين طرابلس وأنقرة كانت توصف في عهد القذافي بـ"الجيدة"، وهو ما تبرزه المؤشرات الاقتصادية بين البلدين. وارتفع التبادل التجاري بين البلدين خلال فترة حكم حزب العدالة والتنمية الإخواني في تركيا إلى 10 مليارات دولار، فيما بلغ حجم الاستثمارات الإجمالي نحو 18.5 مليار دولار وهو الأعلى بين دول شمال أفريقيا، أنجز منها قرابة 4 مليارات دولار تركزت على قطاعات النفط والبناء والتعمير، قبل سقوط نظام القذافي في 2011. كما كانت ليبيا سوقاً كبيرة لاستيعاب العمالة التركية التي فاق عددها 25 ألف عامل في 2011، وكان السياح الليبيون من أهم مصادر الدخل السياحي السنوي لتركيا، وفق إحصائيات رسمية في البلدين.

تجسس اقتصادي

ومع اندلاع أحداث فبراير/ شباط 2011 في ليبيا، كشف النظام التركي عن وجهه وأهدافه الحقيقية من تركيز وجوده الاقتصادي في هذا البلد العربي، بعدما أعلن ما أسماه "دعم خيار الشعب الليبي في ثورته". غير أن مزاعم أردوغان بـ"تسبيق الحرية على المصالح" لم تدم طويلاً، وبدأ الليبيون يكتشفون "خديعة تركيا الكبرى"، عقب تعزيز النظام التركي نفوذه داخل بلادهم بجماعة الإخوان، بعد أن احتضنهم في أنقرة واسطنبول، وفتح لهم منابر الفتنة الإعلامية لخدمة مصالحه. وسرعان ما استولت جماعة الإخوان على قرار ما يعرف بحكومة «الوفاق» عقب تشكيلها بدعم تركي قطري عسكري ولوجيستي. وذكرت وسائل إعلام ليبية في السنوات الأخيرة، أن الاستثمارات التركية في عهد القذافي لم تكن إلا "مشاريع استخباراتية" لدراسة البيئة الجغرافية والسياسية والعسكرية والاقتصادية لليبيا. ولاحقا، سعى نظام أردوغان لتعزيز نفوذه في ليبيا بجلب آلاف المرتزقة والدواعش فيما دخل الجيش الوطني الليبي، منذ 2014، في «معركة حقيقية مع تركيا على الأرض»، وفق تصريح المتحدث باسم الجيش الليبي اللواء أحمد المسماري.

استثمار في الدم الليبي

منذ ذلك الوقت، دخل التواجد التركي في ليبيا مرحلة جديدة من "الاستثمار في الدم الليبي"، بعد أن بدأت أطماعه وأجنداته تتكشف عقب ضبط عشرات الشحنات من الأسلحة القادمة من تركيا إلى ميليشيات طرابلس والتنظيمات والجماعات الإرهابية المتحالفة معها في الغرب الليبي. وباجتماع توليفة الفوضى والخراب، تحولت ليبيا إلى نقطة التقاء أطماع أردوغان في استعادة "أوهام الدولة العثمانية الاستعمارية" مع ما يسمى بـ"مشروع الخلافة الإخواني ». ومعها، تنوع معها الخراب التركي في ليبيا بين إيواء وتمويل وحماية الجماعات الإرهابية، ثم استيرادها من مناطق نزاع أخرى وإخراج ورقة الدواعش التي أشعل بها الشرق الأوسط.

خيانة حكومة الإخوان

لم ينتظر أردوغان طويلا ليكشف عن أطماعه في ليبيا، مستغلا تسليم حكومة فائز السراج سيادة وقرار ليبيا لنظامه، حيث وقعت أنقرة وميليشيات طرابلس، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، اتفاقاً لإنشاء "منطقة اقتصادية خالصة»، تمتد من الساحل التركي الجنوبي من البحر المتوسط إلى الساحل الشرقي الليبي، أتبعته باتفاق عسكري آخر لحماية ودعم ميليشيات ومرتزقة الوفاق. وبموجب الاتفاق، تتولى تركيا حقوق التنقيب عن النفط شرق البحر المتوسط، وهو المشروع الذي أدانته اليونان وقبرص ومصر والإمارات العربية المتحدة وفرنسا، واعتبرته غير قانوني، وأصدرت، في مايو/أيار الماضي، بياناً مشتركا يدين تصرفات أنقرة. كما كشفت الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو على رأس وفد «رفيع من رجال الأعمال»، حقيقة رهان النظام التركي على جماعة الإخوان التي تحكم طرابلس تحت يسمى "حكومة الوفاق" المرفوضة شعبياً، لتحقيق مكاسب اقتصادية كبيرة، تكون بمثابة ثمن لدعمها العسكري لمرتزقة الوفاق. وخلال الزيارة، أقر مرتضى قارانفيل، رئيس مجلس الأعمال التركي الليبي التابع لمجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية التركي، بأن حجم الاستثمار التركي في ليبيا "قفز إلى 120 مليار دولار في جميع القطاعات أبرزها المقاولات »، بحسب إعلام تركي رسمي. وتوقع قارانفيل، في المقابل، أن تكون 2020 سنة واعدة بشكل كبير" في حجم التبادل التجاري بين أنقرة وميليشيات طرابلس. وبعد أن ساهمت في تدمير ليبيا، اتضح أن الأطماع التركية وأعين أردوغان تتجه صوب حصوله على الحصة الأكبر من مشاريع إعادة الإعمار، والاستحواذ على أكبر المشاريع في حقول النفط.

أردوغان.. حلم الغاز وكابوس المستنقع

سعي النظام التركي ومن ورائه مليشيات السراج المسنودة أيضا بالدواعش والمرتزقة للسيطرة على سرت والجفرة، يؤكد وفق مراقبين حقيقة التواجد الاستعماري التركي في ليبيا للسيطرة على الهلال النفطي وبقية ثروات البلاد. ويمثل الهلال النفطي 60 % من احتياطات النفط الليبي، ويمتد على مسافة 205 كيلومتر، من مدينة طبرق شرقاً إلى السدرة غرباً على ساحل البحر المتوسط. وتسيل احتياطات ليبيا من النفط لعاب النظام التركي اللاهث وراء تدمير ليبيا للاستيلاء عليها وعلى ثرواتها، خصوصاً وأن للبلد الأول أكبر احتياطي نفطي في أفريقيا يقدر بـ40 مليار برميل، ويحتل المرتبة الخامسة عربياً، فيما تبلغ نسبة النفط الليبي من الاحتياطي العالمي 3.76 %. كما تعتبر ليبيا من أبرز الدول الغازية، حيث تحتل المركز الـ21 عالمياً باحتياطات تقدر بحوالي 54.6 تريليون قدم مكعب، بحسب بيانات شبه رسمية.

سيريا ستار تايمز - syriastartimes,