سيريا ستار تايمز - وكالة إخبارية عالمية


توتر شديد ومناورات شرق المتوسط ..تركيا ترد بمناورات بالذخيرة الحية وترفض التراجع وأوروبا تدعم اليونان والناتو يدعو لخفض التصعيد ودعوات للتهدئة ووساطة ألمانية لاحتواء الحرب


تتصاعد حدة التوتر بين تركيا واليونان، وتُجري كل منهما تدريبات عسكرية على خلفية نزاعهما حول مناطق غنية بالغاز في شرق البحر الأبيض المتوسط. واستبعدت أنقرة التراجع للوراء، وأوضح الاتحاد الأوروبي انحيازه لليونان، في حين يجري وزير خارجية ألمانيا مباحثات مع الجانبين بهدف احتواء التصعيد. وأعلنت أنقرة وأثينا أنهما تجريان اعتبارا من يوم الثلاثاء تدريبات عسكرية متوازية في شرق المتوسط. ومن الجانب اليوناني، قال مصدر عسكري صباح اليوم إنه "تدريب للطيران قبالة جزر كريت وكاربوثوس وكاستيلوريزو اليونانية"، تشارك فيه قوات يونانية فقط. وستجري اليونان تدريبا مع الطيران الإماراتي قريبا، في حين جرى تمرين آخر في جنوب جزيرة كريت بين قوات يونانية وأميركية، وفق المصدر. ومن الجانب التركي، أعلنت وزارة الدفاع إجراء "تدريبات عسكرية انتقالية" بمشاركة "سفن تركية وأخرى حليفة"،في جنوب جزيرة كريت اليونانية. ووصفت وسائل إعلام تركية هذه التدريبات بأنها "ردّ" على الإشعار البحري (نافتكس) الذي أصدرته أثينا الأحد.

العمل مستمر ولا تراجع

وتؤجج جزيرة كاستيلوريزو غضب أنقرة. وتقع هذه الجزيرة على بعد كيلومترين من المياه التركية. وتعتبر أثينا أن المياه المحيطة بهذه الجزيرة تحت السيادة اليونانية، إلا أن أنقرة تردّ بالقول إن هذا الموقع يحرم تركيا من مساحات بحرية غنية بالغاز تمتدّ إلى مئات آلاف الكيلومترات. وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الاثنين "من الآن فصاعدًا، ستكون اليونان مسؤولة عن أدنى قلق قد ينشأ في المنطقة. تركيا لن تتخذ أدنى خطوة إلى الوراء". من جهته، أوضح وزير الطاقة التركي فاتح دونماز أن "سفن التنقيب (التركية) تواصل عملياتها كما هو مقرر"، متوقعًا "فتح آبار تنقيب في أماكن واعدة".

نافذة الحوار

ومع استمرار التصعيد، أوفدت ألمانيا وزير خارجيتها إلى أثينا وأنقرة لمحاولة تهدئة الأوضاع. وقال الوزير الألماني هايكو ماس إن "نافذة الحوار بين اليونان وتركيا يجب أن تكون مفتوحة الآن على وسعها وألا تغلق". وذكر ماس أن ألمانيا حثت اليونان وتركيا على حل الخلاف عبر إجراء محادثات مباشرة، محذرا من خطر المواجهة العسكرية. وقال "الوضع الحالي في شرق المتوسط يشبه اللعب بالنار؛ أي شرارة صغيرة يمكن أن تؤدي إلى كارثة". وأضاف الوزير "بدل استفزازات جديدة، نحن نحتاج إلى اتخاذ تدابير انفراج وإلى بدء محادثات مباشرة".

وتخشى ألمانيا -التي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي- "تصعيدًا جديدًا" بين تركيا واليونان، العضوين في حلف الأطلسي. وجاء في بيان صادر عن وزارة الخارجية الألمانية أن التصعيد "لا يمكنه إلا أن يلحق الضرر بالجميع، خاصة المعنيين مباشرة في المكان". وخلال لقاء عُقد قبيل ظهر اليوم، شدّد وزير الخارجية الألماني ورئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس على "ضرورة خفض التصعيد". وقالت الحكومة اليونانية في بيان "مبادرة ألمانيا التي تتولى رئاسة الاتحاد الأوروبي تعمل بشكل إيجابي في هذا الاتجاه". والتقى بعدها ماس نظيره اليوناني نيكوس ديندياس، قبل أن يعقد اجتماعًا بعد الظهر في أنقرة مع وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو.

الموقف الأوروبي

ولكن وزير الخارجية الألماني أكد في الوقت ذاته وقوف بلاده والاتحاد الأوروبي مع اليونان في أزمتها مع تركيا. وعلى لسان وزير خارجيته جوزيب بوريل، دعا الاتحاد الأوروبي أنقرة إلى أن توقف "فورا" عملياتها للتنقيب عن الغاز في البحر المتوسط. وأعرب وزير الخارجية اليوناني عن استعداد بلاده للحوار مع تركيا لنزع فتيل التوتر بخصوص موارد الطاقة في شرق البحر الأبيض المتوسط. وأكد الوزير اليوناني بعد اللقاء مع نظيره الألماني في أثينا أن بلاده ستواصل في الوقت ذاته الدفاع عما وصفها بحقوقها السيادية. وأضاف أن تركيا تواصل ما وصفها بالاستفزازات، وانتهاك القانون الدولي، رغم دعوات جيرانها وحلفائها لوقف تصعيد التوتر، على حد قوله.


قالت وزارة الدفاع التركية إنها ستجري مناورات بحرية شرقي البحر الأبيض المتوسط، تتضمن التدريب على إطلاق النار في الأول والثاني من الشهر المقبل، في حين عبر حلف شمال الأطلسي (ناتو) عن قلقه من التصعيد في المنطقة، ودعا أنقرة وأثينا للحوار. وحددت قيادة القوات البحرية في أنقرة في نشرة ملاحية إحداثيات منطقة المناورات في البحر، طالبة من جميع السفن الابتعاد عن منطقة المناورات لضمان سلامتها. وأعلن وزير الدفاع التركي خلوصي أكار صباح اليوم أن منطقة المناورات تقع جنوب مدينة إسكندرون في محافظة هاتاي (جنوبي تركيا)، مشددا على أن بلاده لن تسمح بأي خطوة تحرمها من حقوقها في المنطقة. وأكد أكار في تصريحات صحفية اليوم أنه لا يمكن القبول بمنطق اليونان القائل إن لهم الحق في كل شيء وإقصاء حقوق تركيا.


الاستعانة بفرنسا والإمارات


وفي تعليقه على دعم باريس وأبو ظبي لأثينا، قال إن اليونان نفسها واثقة من أنها لن تصل إلى نتيجة من خلال الاستعانة بفرنسا والإمارات، مشيرا إلى أن الاتفاقية المبرمة بين مصر واليونان تلحق الضرر بالطرفين، وأن مصر هي الخاسر الأكبر منها.


وكانت وزارة الدفاع اليونانية أعلنت بدء تدريبات عسكرية مشتركة مع فرنسا وإيطاليا وقبرص شرقي البحر المتوسط، اعتبارا من اليوم وحتى الجمعة المقبل. وقالت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي إن شرق المتوسط يتحول إلى فضاء للتوترات، وإن احترام القانون الدولي يجب أن يكون هو القاعدة لا الاستثناء. وأضافت الوزيرة الفرنسية أن رسالة بلادها بسيطة، وهي أن الأولوية للحوار والتعاون والدبلوماسية من أجل أن يكون شرق المتوسط فضاء للاستقرار واحترام القانون الدولي، وليس ميدانا لطموحات البعض. ورد وزير الدفاع التركي بقوله إنه "رغم تصريحات سكرتير عام الناتو المنطقية والساعية للتهدئة، فإن تصريحات وزيرة الدفاع الفرنسية حول المناورات استفزازية، ولا يمكن فهمها أو فهم سياقها".


قلق ودعوات للحوار


وسبق أن عبر أمين عام حلف الناتو ينس ستولتنبرغ عن قلقه من تصاعد الأوضاع في شرق المتوسط. وأضاف -في مؤتمر صحفي جمعه اليوم مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل- أنه على تواصل مستمر مع اليونان وتركيا، مؤكدا ضرورة حل الأزمة بالحوار ووقف التصعيد بين الطرفين. وفي وقت سابق، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى ضرورة خفض التوتر شرق البحر المتوسط، وحل الخلافات بين الدول المعنية طبقا للميثاق الأممي. وقال ستيفان دوجاريك -المتحدث باسم غوتيريش- خلال مؤتمر صحفي "نتابع بوضوح هذه التطورات شرق المتوسط (…) ومع وجود هذا العدد من الأطراف المنخرطة، فكما تعرفون هناك قوات عسكرية مختلفة ومناورات تُجرى؛ ولذلك نحث جميع الأطراف المعنية على الحوار".


ترامب على خط الأزمة


وفي السياق ذاته، قال البيت الأبيض إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عبّر في اتصال هاتفي مع رئيس وزراء اليونان كيرياكوس ميتسوتاكيس عن قلقه من التوتر القائم حاليا بين اليونان وتركيا في شرق البحر المتوسط. وأضاف بيان للبيت الأبيض أن ترامب دعا الدولتين العضوين في حلف شمال الأطلسي إلى الحوار بشأن نزاعهما على الحقوق في موارد الطاقة شرقي البحر الأبيض المتوسط. وكان ترامب بحث في اتصال هاتفي مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان أيضا القضايا الثنائية والإقليمية، ومنها قضية شرق المتوسط. من جهتها، قالت الرئاسة التركية في بيان إن الرئيس التركي أوضح خلال الاتصال أن بلاده "لم تكن الطرف الذي يخلق حالة من عدم الاستقرار في شرق المتوسط"، وأن تركيا "أثبتت دعمها للحوار وخفض التصعيد عبر إقدامها على خطوات ملموسة".


تصاعدت حدة التوتر بين تركيا واليونان منذ أن أرسلت أنقرة سفينة المسح "عروج ريس" إلى مياه متنازع عليها في شرق البحر المتوسط هذا الشهر في خطوة وصفتها أثينا بأنها غير قانونية. وتدور خلافات شديدة بين تركيا واليونان، العضوين في حلف شمال الأطلسي، بشأن السيادة على موارد النفط والغاز في المنطقة، بناء على وجهات نظر متباينة بشأن امتداد الجرف القاري لكل من الدولتين في المياه التي تنتشر فيها جزر معظمها يونانية. وذكر مكتب أردوغان في بيان أن الرئيس التركي أوضح خلال الاتصال، أن بلاده "لم تكن الطرف الذي يخلق حالة من عدم الاستقرار في شرق المتوسط"، وأن تركيا "أثبتت دعمها الحوار وخفض التصعيد عبر إقدامها على خطوات ملموسة". وفي وقت سابق  دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى ضرورة خفض التوتر شرق البحر المتوسط، وحل الخلافات بين الدول المعنية طبقا للميثاق الأممي، بينما نددت ألمانيا بالمناورات العسكرية في المنطقة. وجاءت دعوة الأمين العام للأمم المتحدة خلال رد ستيفان دوجاريك -المتحدث باسم غوتيريش- على أسئلة صحفيين، بشأن موقف الأمين العام من إعلان وزارة الدفاع اليونانية عن تدريبات عسكرية مشتركة جنوب جزيرة كريت شرقي المتوسط، مع كل من قبرص وإيطاليا وفرنسا، بين الثلاثاء والجمعة. وقال دوجاريك خلال مؤتمر صحفي "نتابع بوضوح هذه التطورات شرق المتوسط (..) ومع وجود هذا العدد من الأطراف المنخرطة، فكما تعرفون هناك قوات عسكرية مختلفة ومناورات تُجرى.. ولذلك نحث جميع الأطراف المعنية على الحوار". وأضاف "وعلى تلك الأطراف أن تحل خلافاتها استنادا إلى المبادئ المنصوص عليها في الميثاق (الأممي)".

تنديد ألماني

من جهتها، نددت وزيرة الدفاع الألمانية أنيغريت كرامب كارنباور بالمناورات العسكرية المتقابلة التي تجرى في شرق المتوسط، معتبرة أنها "لا تساعد" على خفض التوتر بين تركيا واليونان في هذه المنطقة. وتقوم ألمانيا -التي تتولى رئاسة الاتحاد الأوروبي في النصف الثاني من عام 2020- بمهمة وساطة حاليا بين أثينا وأنقرة. وضمن مظاهر التصعيد الحالية في مياه المتوسط، قالت اليونان إنها تعتزم مدّ الحد الغربي لمياهها الإقليمية في البحر الأيوني (أحد فروع البحر الأبيض المتوسط)، وسط أزمة بالغة التصعيد في مياه المتوسط، وتحذير تركي من مغبة "الأخطاء التي قد تؤدي لتدمير بعض الدول". وأكد رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس أن بلاده تعتزم مد الحد الغربي لمياهها الإقليمية في البحر الأيوني إلى 12 ميلا. وقال للنواب خلال نقاش بشأن ما إذا كان البرلمان سيوافق على اتفاق تم التوصل إليه في الآونة الأخيرة على الحدود البحرية بين اليونان وإيطاليا، "ستوسع اليونان مياهها الإقليمية الغربية إلى 12 ميلا بحريا من 6 أميال".

تدريبات عسكرية مشتركة

وفي السياق ذاته، أعلنت وزارة الدفاع اليونانية عن بدء تدريبات عسكرية مشتركة مع فرنسا وإيطاليا وقبرص شرقي البحر المتوسط، اعتبارا من اليوم وحتى يوم الجمعة المقبل. وقالت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي إن شرق المتوسط يتحول إلى فضاء للتوترات، وإن احترام القانون الدولي يجب أن يكون هو القاعدة لا الاستثناء. وأشارت الوزيرة إلى أن بلادها ستبدأ مع شركائها القبارصة واليونانيين والإيطاليين مناورة عسكرية بدءا من أمس بوسائل جوية وبحرية. وأضافت أن رسالة بلادها بسيطة، وهي أن الأولوية للحوار والتعاون والدبلوماسية من أجل أن يكون شرق المتوسط فضاء للاستقرار واحترام القانون الدولي، وليس ميدانا لطموحات البعض. في غضون ذلك، قالت وزارة الدفاع التركية إنها تواصل تدريبات قواتها البحرية مع نظيرتها التابعة للدول الحليفة. وبحسب تغريدة لوزارة الدفاع التركية نشرتها على حسابها في تويتر، فقد أجرت الفرقاطة بارباروس وسفينة حربية أخرى تدريبات بحرية مع المدمرة الأميركية "وينستون تشرشل" شرقي المتوسط.

سيريا ستار تايمز - syriastartimes,