تنقل 2.5 مليون برميل من منتجات النفط.. هجوم إلكتروني يغلق شبكة خطوط أنابيب وقود أميركية
أغلقت شركة كولونيال بايبلاين (Colonial Pipeline) -أكبر مشغل لأنابيب الوقود في الولايات المتحدة- شبكتها بالكامل، التي تعتبر مصدر ما يقرب من نصف إمدادات الوقود في الساحل الشرقي للولايات المتحدة، بعد هجوم إلكتروني قالت الشركة إنه نجم عن برنامج فدية (ransomware). تعتبر هذه الحادثة واحدة من أكثر عمليات الفدية الرقمية تأثيرا على الإطلاق التي يتم الإبلاغ عنها، وقد لفتت الانتباه إلى مدى تعرض البنية التحتية للطاقة في الولايات المتحدة للخطر أمام المتسللين. وأثار الإغلاق مخاوف من ارتفاع أسعار مضخات البنزين قبل ذروة موسم الصيف.
وتنقل كولونيال 2.5 مليون برميل يوميًا من البنزين والديزل ووقود الطائرات ومنتجات مكررة أخرى عبر 5500 ميل (8850 كيلومترا) من خطوط الأنابيب التي تربط المصافي على ساحل الخليج بشرقي وجنوبي الولايات المتحدة. وقالت كولونيال إنها أغلقت أنظمة لاحتواء التهديد بعد أن علمت بالهجوم أمس الجمعة. وقالت إن هذا الإجراء أوقف العمليات مؤقتا وأثّر على بعض أنظمة تكنولوجيا المعلومات الخاصة بها. وفي حين أن تحقيق الحكومة الأميركية لا يزال في مراحله المبكرة، قال مسؤول سابق ومصدران في الصناعة إن المتسللين هم على الأرجح مجموعة محترفة لمجرمي الإنترنت. وقال المسؤول السابق إن المحققين يبحثون في مجموعة يطلق عليها اسم "دارك سايد" (DarkSide)، المعروفة بنشر برامج الفدية وابتزاز الضحايا في دول ما بعد الاتحاد السوفياتي. وقالت كولونيال إن الحادث استخدم فيه برنامج الفدية، وهو نوع من البرامج الضارة المصممة لإغلاق الأنظمة عن طريق تشفير البيانات والمطالبة بالدفع لاستعادة الوصول إليها.
وقالت كولونيال إنها أشركت شركة للأمن السيبراني لإجراء تحقيق، واتصلت بوكالات إنفاذ القانون والوكالات الفدرالية. وقالت مصادر في صناعة الأمن السيبراني إن شركة "فاير آي" (FireEye) للأمن السيبراني تم إحضارها للرد على الهجوم. وقالت هيئات حكومية أميركية إنها كانت على علم بالوضع. حيث قالت وزارة الطاقة إنها تراقب الآثار المحتملة لإمدادات الطاقة في البلاد، في حين قالت كل من وكالة الأمن السيبراني وأمن البنية التحتية وإدارة أمن النقل لوكالة رويترز إنهما تعملان على معالجة الوضع. وقال إريك غولدشتاين مساعد المدير التنفيذي لقسم الأمن السيبراني "نحن منخرطون مع الشركة وشركائنا بين الوكالات فيما يتعلق بالوضع. وهذا يؤكد التهديد الذي تشكله برامج الفدية على المؤسسات بغض النظر عن الحجم أو القطاع". ولم تذكر كولونيال مزيدا من التفاصيل أو تحدد المدة التي سيتم إغلاق خطوط الأنابيب فيها، وقال ألجيردي بيبيكايت رئيس الإستراتيجية الإلكترونية في مركز الأمن السيبراني التابع للمنتدى الاقتصادي العالمي "أصبحت نقاط الضعف في الأمن السيبراني مشكلة منهجية". وأضاف بيبيكايت أنه "ما لم يتم تضمين إجراءات الأمن السيبراني في مرحلة تطوير التكنولوجيا، فمن المحتمل أن نشهد المزيد من الهجمات المتكررة على الأنظمة الصناعية مثل أنابيب النفط والغاز أو محطات معالجة المياه". وارتفعت العقود الآجلة للبنزين في بورصة نيويورك التجارية 0.6% بعد الإعلان عن الإغلاق لأول مرة يوم الجمعة، في حين ارتفعت عقود الديزل الآجلة 1.1%، وكلاهما تجاوز المكاسب في النفط الخام. وانخفضت الأسعار النقدية لساحل الخليج للبنزين والديزل وسط توقعات بتراكم الإمدادات في المنطقة. وقال رئيس شركة ليبو أويل أسوشيتس الاستشارية أندرو ليبو "مع مرور كل يوم، يصبح تأثيره أكبر وأعظم على تكرير نفط ساحل الخليج". سيتعين على شركات التكرير أن تتفاعل بخفض معالجة الخام لأنها فقدت جزءًا من نظام التوزيع. وقال أحد المشاركين في السوق لوكالة رويترز إن أسعار ساحل الخليج قد تتضاعف أكثر، في حين أن الأسعار في ميناء نيويورك قد ترتفع، وهي مكاسب قد تنذر بزيادات في المضخات الشمالية الشرقية. وقال كريس برونك الأستاذ المساعد لنظم معلومات الحاسوب في جامعة هيوستن ومستشار كبير سابق في وزارة الخارجية الأميركية، "هذه صفقة كبيرة، وإذا لم تتوفر التجاوزات اليدوية أو النسخ الاحتياطية، فقد يستغرق التخفيف من هذا الحادث وقتا أطول مما نرغب". وقال بن ساسي عضو مجلس الشيوخ الجمهوري عن ولاية نبراسكا وعضو لجنة مجلس الشيوخ المختارة للاستخبارات، إن الهجوم الإلكتروني كان بمثابة تحذير لأشياء قادمة. وأضاف "هذه مسرحية ستجرى مرة أخرى ولسنا مستعدين بشكل كاف"، موضحا أنه يتعين على المشرعين تمرير خطة بنية تحتية تقوي القطاعات ضد هذه الهجمات. وكانت شركة كولونيال قد أغلقت في السابق خطوط إنتاج البنزين والمقطرات خلال إعصار هارفي الذي ضرب ساحل الخليج في عام 2017. وقد ساهم ذلك في شح الإمدادات وارتفاع أسعار البنزين في الولايات المتحدة بعد أن أجبر الإعصار العديد من مصافي التكرير في الخليج على الإغلاق.