دولة أوروبية تتحول لأكبر ساحة لاختبار السيارات الصينية في العالم
يقوم أكثر من 12 من صانعي السيارات الصينيين بتصدير طرز السيارات الكهربائية إلى أوروبا والولايات المتحدة. فيما يستفيد معظم مصنعي تلك السيارات من النرويج باعتبارها ساحة اختبار، حيث تقوم شركات صينية مثل "بي واي دي BYD"، و"نيو Nio"، و"إكس بنغ Xpeng"، وأكبر شركة لصناعة السيارات في الصين، "سايك SAIC"، بشحن جل أساطيل سياراتها الكهربائية إلى أكبر منتج للنفط والغاز في أوروبا الغربية.
ورغم أن أرقام المبيعات في النرويج منخفضة نسبيا، لكن شركات صناعة السيارات الصينية تسعى وراء أكثر من مجرد حجم المبيعات، إذ تتطلع إلى اكتساب الخبرة فيما يتعلق بما يتطلبه النجاح في الأسواق الخارجية، وتعتبر النرويج بمثابة تجربة جدية للتنافس للانطلاق إلى السوق الأوروبي.
حوافز داعمة
وكانت مجموعة كبيرة من الحوافز التي تم طرحها أوائل التسعينيات من القرن الماضي، قد وضعت النرويج على المسار الصحيح لتصبح أول دولة تقضي على مبيعات السيارات التي تعمل بمحركات الاحتراق الداخلي. وتمكنت النرويج من جعل الطاقة المائية لإنتاج الكهرباء رخيصة، خصوصا عند مقارنتها بالغاز. أيضا لا توجد ضريبة مبيعات على السيارات الكهربائية، فضلا عن انخفاض رسوم نقلها عبر العبّارات، وإيقافها في الأماكن العامة، وقيادتها على الطرق الخاضعة للرسوم بنسبة 50%، على الأقل، مقارنة بالرسوم المفروضة على السيارات التي تعمل بالوقود الأحفوري. ووضع البرلمان النرويجي هدفا غير ملزم بأن تكون مبيعات السيارات الجديدة صفرية الانبعاثات تماما بحلول عام 2025.
وأشارت مجلة "موتور Motor" التي يصدرها اتحاد السيارات النرويجية، مؤخرا، إلى أن الاتجاه الفعلي لمبيعات السيارات التي تعمل بالبنزين والديزل يشير إلى أنه يمكن تحقيق ذلك في أقرب وقت بحلول أبريل 2022. ومن بين 17992 سيارة جديدة تم تسجيلها في النرويج في سبتمبر، كانت هناك 13946 منها أو ما نسبته 78% سيارات عديمة الانبعاثات، وهو ما يعد رقما قياسيا.
وعن تجربة قيادة السيارات الكهربائية يقول بير رور يوهانسن، الطاهي المقيم في وسط النرويج، إنه كان يمتلك سيارة تعمل بمحرك احتراق داخلي منذ حصوله على رخصة قيادته حتى مارس من العام الماضي، عندما اشترى سيارة "إم جي" الكهربائية. وقبل شرائها اعتاد إنفاق نحو ثلاثة آلاف كرونة نرويجية (350 دولارا) شهريا على الديزل، أما الآن فقد انخفضت تكلفة قيادته إلى 500 كرونة فقط.
ويبلغ سعر الإصدار الأفضل من فئة "زد إس كروس أوفر" التي قام يوهانسن بشرائها، 280 ألف كرونة تقريبا، أي 60% فقط من سعر سيارة "كيا كروس أوفر" الكورية الجنوبية من طراز "نيرو Niro"، مع مساحة أكبر للمقصورة وسقف بانورامي، وهو ما جعل الطاهي النرويجي يقول: "أنا مسرور للغاية، ولا تراودني أية شكوك: سأشتري سيارة كهربائية في المرة القادمة أيضا".
النرويج مدخل للسوق الأوروبي
وكان لدى صانعي السيارات الصينيين طموحات لبيع السيارات في أوروبا في أوائل العقد الأول من القرن الحالي، لكنها لم تنفذ ذلك بشكل كبير باستثناء شركة "جيلي"، بسبب استحواذها على شركة "فولفو كارز Volvo Cars" من شركة فورد موتور في عام 2010. وفي هذا الإطار تقول تقول كريستينا بو، الأمين العام لرابطة السيارات الكهربائية النرويجية: "كانت المرة الأخيرة التي حاولت فيها الصين بيع سيارات في أوروبا منذ سنوات عديدة مضت، وسارت الأمور حينئذٍ بشكل سيئ للغاية. أما الآن فقد فعلوا ذلك بشكل جيد حقا". وكانت "إم جي زد إس" أول سيارة كهربائية صينية يتم طرحها في السوق النرويجية خلال العام الماضي. وبحسب بو، فقد "ازداد" عدد السيارات الكهربائية الصينية منذ ذلك الحين بشكل كبير. وتقول كريستينا: "هناك اهتمام كبير بالتعلم، ويعتقد صانعو السيارات الكهربائية إنه من الذكاء اختبارها في سوق راسخة. فهنا، ليس عليهم مجابهة نوعين من المتشككين في وقت واحد: سواء كانت تلك الشكوك بشأن السيارات الصينية، أو بشأن السيارات الكهربائية".
وكانت "إكس بنغ" من بين الشركات التي حذت حذو "إم جي" بسرعة، حيث سلمت أول سيارات الدفع الرباعي الكهربائية من طراز "جي 3" إلى النرويج في ديسمبر.
منافسة "تسلا"
أما شركة "نيو"، التي كادت أن تتوقف عن العمل قبيل إنقاذها من قبل إحدى حكومات البلديات الصينية في أوائل العام الماضي، فقد عادت بشكل ملحمي من خلال طرح سيارات الدفع الرباعي الكهربائية التي نافست سيارة شركة "تسلا" من طراز "واي" (Y) بشكل مباشر. وفي 30 سبتمبر، بدأت الشركة الصينية بيع سيارتها الكهربائية بالكامل من طراز "إي إس8" (ES8) وافتتحت "نيو هاوس" (Nio House) كمركز مبيعات وناد لهواة العلامة التجارية في بوابة كارل يوهانس بين القصر الملكي النرويجي وبرلمان الأمة، والذي يعتبر شارع العرض الرئيسي في أوسلو، ويشتهر بارتفاع أسعار عقاراته. ويقول ماريوس هيلر، المدير العام لعمليات الشركة في النرويج: "هنا، سنشهد الدروس المستفادة، وسنعمل على مواءمة عمليات (نيو) وخدماتها في الدول الأوروبية الأخرى في المستقبل". وكانت الشركة قد ذكرت إنها تريد التوسع في ألمانيا بحلول أواخر عام 2022. كما تخطط شركة "بي واي دي" (BYD)، التي اجتذبت استثمارات شركة "بيركشاير هاثاوي" المملوكة لرجل الأعمال الأمريكي، وارن بافيت في عام 2008، لتصدير نحو 1500 سيارة من سياراتها الرياضية متعددة الأغراض من طراز "تانغ" (Tang) إلى النرويج هذا العام. وبحسب إيسبراند هو، مدير أعمال "بي واي دي" في أوروبا، فإن الشركة تدرس طرح إصدار أصغر من الطراز ذاته في السوق النرويجية، بالإضافة إلى تصميم أو اثنين آخرين بحلول أوائل عام 2023. وتتمتع السيارات الكهربائية بمزايا عديدة مثل كونها صديقة للبيئة لا تنبعث منها الغازات الضارة كما أنها سهلة التشغيل ولا تصدر أصواتا مزعجة. كما تساعد على تحقيق أهداف الدول بتقليل الانبعاثات الغازية كما أنها تقلل من معدلات التلوث في المدن.