مئات آلاف العاجزين عن سداد قروضهم في تركيا ..رغم التهديد بعقوبات أوروبية: أنقرة تصر على احتجاز عثمان كافالا
نشر الاتحاد التركي للبنوك بياناتٍ جديدة تظهر تزايد أعداد العاجزين عن سداد قروضهم وديون بطاقات الائتمان الخاصة بهم والتي حصلوا عليها من بنوكٍ تركية في السنوات الأخيرة، حيث ازدادت أعدادهم خلال العام الماضي، ما أدى لملاحقتهم قضائياً من قبل السلطات في تركيا. وكشف الاتحاد التركي للبنوك عن ملاحقة السلطات لأكثر من مليون و700 ألف شخص على خلفية عجزهم عن سداد قروضهم الشخصية والتجارية وديون بطاقات الائتمان بعد شكاوى تقدّمت بها البنوك، وذلك خلال عام 2021 فقط، إذ بدأت ملاحقة مئات الآلاف منهم منذ مطلع شهر ديسمبر من العام الماضي بعد ملاحقة مئات آلافٍ آخرين قبل ذلك الوقت. وتعليقاً على ذلك، قال خبير اقتصادي ومالي تركي إن "أعداد العاجزين عن سداد الأقساط الشهرية لقروضهم زادت بنسب كبيرة خلال آخر عامين، وقد كانت تداعيات تفشي فيروس كورونا في العالم بما في ذلك في تركيا، السبب المباشر لذلك".
وأضاف الخبير الاقتصادي والمالي خيري كوزان أوغلو أن "البنوك التركية منذ تفشي فيروس كورونا تحمّلت التأخير في المدفوعات مقارنة بعدد العاجزين عن سداد أقساط قروضهم الشخصية حينها وكان عددهم مليونا و400 ألف مستفيد"، لكن أعدادهم ازدادت بالفعل في العام 2021. وتابع أن "معظم العائلات تحاول في الوقت الحالي سداد ديون البنوك، حيث يوجد في الوقت الراهن حوالي 2.2 مليار ليرة تركية من أصل 730 مليار ليرة هي قروض شخصية، وهذه الأرقام لا تشمل القروض العقارية وغيرها من الأموال التي حصل عليها المستفيدون منها لأغراضٍ تجارية". كما كشف أن "ديون بطاقات الائتمان تبلغ قيمتها 8.6 مليار ليرة تركية من أصل 310 مليارات، كما أن نسبة إجمالي القروض الشخصية تشكل 15.9% من الناتج المحلي، وهو رقم ضئيل مقارنة مع دول الأسواق الناشئة الأخرى". وبحسب إحصاءات اتحاد البنوك التركي، فقد اتخذت السلطات في بداية الأمر إجراءات قضائية بحق 732 ألف شخص لعجزهم عن سداد ديون بطاقات الائتمان الخاصة بهم، ومن ثم قامت بملاحقة مئات آلافٍ آخرين، ليبلغ عدد الملاحقين قضائياً نتيجة تلك الديون مليونا و704 آلاف و412 شخصاً حتى أواخر شهر ديسمبر الماضي.
وتمرّ تركيا بأزمة اقتصادية خانقة يصفها المعارضون لرئيسها رجب طيب أردوغان بـ "غير المسبوقة"، وقد تفاقمت أكثر مع تداعيات تفشي فيروس كورونا في البلاد، إذ سجّلت الليرة التركية مستوياتٍ قياسية منخفضة للمرة الأولى في تاريخها أمام العملات الأجنبية قبل أشهر، الأمر الذي أدى لارتفاع معدلات التضخم. وأرغمت الأزمة الاقتصادية الراهنة، الحكومة التركية على مراجعة سياساتها الخارجية مؤخراً بعدما توترت علاقات أنقرة في السنوات الماضية مع عددٍ من دول العالم بما في ذلك عدّة عواصم عربية وأوروبية، سعياً منها للتغلب على الأزمة المستمرة إلى الآن.
الناشط التركي موقوف منذ أكثر من أربع سنوات من دون محاكمة، في السجن، رغم تهديد مجلس أوروبا بفرض عقوبات على أنقرة
قضت محكمة في اسطنبول، بإبقاء الناشط التركي عثمان كافالا الموقوف منذ أكثر من أربع سنوات من دون محاكمة، في السجن، رغم تهديد مجلس أوروبا بفرض عقوبات على أنقرة. ورفع القضاة الجلسة للتداول لفترة وجيزة قبل النطق بالحكم، بعد جلسة سريعة، في غياب كافالا، وفق وكالة "فرانس برس".
ويواجه عثمان كافالا (64 عاما) وهو من الشخصيات البارزة في المجتمع المدني، عقوبة السجن مدى الحياة بعدما اتهمه نظام الرئيس رجب طيب أردوغان بالسعي إلى زعزعة استقرار تركيا. وبالإضافة إلى زوجة كافالا، حضر في قاعة المحكمة دبلوماسيون أوروبيون، فرنسيون وألمان خصوصا وأميركيون، ومقرر البرلمان الأوروبي لتركيا ناندو سانشيث أمور. وتواجه أنقرة تهديدا بعقوبات يفرضها مجلس أوروبا لإبقائها هذا الناشط قيد التوقيف من دون محاكمة.
ومنذ العام 2019، تدعو المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان إلى إطلاق سراحه، وفي أوائل فبراير، قدّم مجلس أوروبا التماسا جديدا أمام هذه المحكمة. وقد يؤدي عدم تنفيذ تركيا قرار المحكمة الأوروبية إلى فقدان أنقرة حقها في التصويت أو حتى طردها من هذه الهيئة التي انضمت إليها عام 1950. لكن تركيا تستنكر "الاعتداء على استقلالية الإجراءات القضائية". وقال مقرر البرلمان الأوروبي لوكالة "فرانس برس": "من الصعب فهم سبب عدم امتثال تركيا لأوامر المحكمة علما أنها طرف في هذه الهيئة، لأنها لن تفلت من العواقب".
وأشار ناندو سانشيث أمور من جانبه إلى أن "تركيا عضو مؤسس (في مجلس أوروبا)، لذلك فإن المسألة ليست مسألة تدخل أجنبي"، معتبرا أن هذا التصرف "يسيء إلى صورة البلاد". وأصبح كافالا الموقوف منذ 1539 يوما خصما لنظام رجب طيب إردوغان وأحد رموز تردي حقوق الإنسان في تركيا. وتستهدفه السلطات خصوصا لدعمه التظاهرات المناهضة للحكومة في 2013 ضد إردوغان، رئيس الوزراء آنذاك. وأخذت قضية كافالا بعدا آخر منذ دعا عشرات السفراء في الخريف إلى إطلاق سراحه ما تسبب في أزمة دبلوماسية وقد هددهم إردوغان بالطرد كإجراء انتقامي قبل أن يتراجع عن ذلك.