رائحة المصريين القدماء.. هل تعطّرت كليوباترا بـ شانيل رقم 5 ؟
استُخدمت العطور على نطاق واسع في مصر القديمة، وكانت مهمة جدّا لدرجة أنه تواجد إله للعطور، نفرتوم، الذي كان إله الشفاء أيضاً.
الأمر هذا يجعلنا نتساءل: كيف كانت رائحة عطور المصريين القدماء؟ وهل بوسعنا إعادة صنعها؟
هذا ما سعى لاكتشافه روبرت ليتمان، أستاذ الكلاسيكيات في جامعة هاواي، ومدير تنقيب تل التيماي بمصر، عندما بدأ رحلة لإعادة تصنيع عطر شهير يحتمل أنّ كليوباترا تعطّرت به في الماضي. ومنذ عام 2009، قام ليتمان بالتنقيب في موقع تل التيماي الذي يحتضن بقايا مدينة ثمويس القديمة، التي شهدت ازدهاراً بين القرنين الخامس قبل الميلاد والثامن الميلادي.
وكانت ثمويس مركزاً رئيسياً لإنتاج العطور من القرن الثالث قبل الميلاد إلى القرن الثالث ميلادي، حيث اشتهر عطر يُدعى "مندسيان".
وقال ليتمان في مقابلة مع موقع "CNN" بالعربية، إن العطر كان بمثابة "عطر شانيل رقم 5 للعالم القديم، وكان مشهوراً في جميع أنحاء البحر الأبيض المتوسط". وعام 2014، صادف الفريق مجمعاً كبيراً للأفران ارتبط بتصنيع زجاجات العطور، واحتوت إحدى عبوات الـ"أمفورا" فيه على بقايا ما يبدو أنه عطر قديم. وذكر ليتمان: "نظرًا لكون مندسيان العطر الأكثر شيوعًا الذي تم إنتاجه في ثمويس، نظن أن البقايا التي عثرنا عليها تعود لهذا العطر، الذي لا بد أنه كان معروفًا لكليوباترا". وتُعتبر كليوباترا أشهر الملكات اللواتي حكمن مصر، وآخر الحكام البطالمة في البلاد، وقد اشتهرت براعتها السياسية، وعلاقاتها الشخصية، وقدرتها غير النهائية للتجديد كي تصبح المرأة الوحيدة في العالم القديم التي استطاعت الحكم بمفردها. واستُخدت العطور، التي كانت مهمة في مصر القديمة، كزينة جسدية، كما أنها حظيت بدور رئيسي ضمن طقوس العبادة الدينية، لا سيما خلال الاحتفالات، والأعياد.
واستمتعت كليوباترا بالعطور، وقيل إنها استخدمتها لإغواء الجنرال الروماني مارك أنتوني، بحسب ما ذكره ليتمان. ويعود الفضل بمعرفتنا لتركيبة عطر "مندسيان"، والعطور المصرية الأخرى، إلى المصادر اليونانية، والمصرية القديمة. وذكرت إحدى المصادر كيفية صنع العطر، من خلال تجفيف المكونات، وإضافتها للزيت، وخلطها لمدة 60 يومًا، ثم خلطها لأسبوع آخر بعد إضافة الصنوبر. وعند وصفه لرائحة العطر، قال ليتمان إنها "دافئة، وغنيّة، وحلوة، وتتميز بنكهة خفيفة من القرفة". وتمثّل تحدي صنع العطر في تضمن الوصفة على مكونات بأسماء يونانية، ولاتينية، ومصرية قديمة يصعب تحديد معناها. وأكدّ ليتمان قائلاً: "نأمل أن يسمح تحليلنا المختبري للبقايا بتأكيد ماهية هذه المكونات".