لدى كل شخص طريقته الخاصة في التعامل مع الآخرين، ولا يقدر أحد على قراءة العقول، لذلك يجب أن تعبر عن نفسك ورغباتك وحدودك في علاقاتك المختلفة، ولا تنتظر أن يعرفها الآخرون من تلقاء أنفسهم. وللتعبير عن احتياجاتك على نحو فعال، حددت الطبيبة النفسية الأميركية مارشا لاينهان مبتكرة "العلاج السلوكي الجدلي" 7 خطوات في مهارة "الحصول على ما أريد" ضمن مهارات الفعالية الشخصية، التي تهدف إلى المساعدة على تطوير تواصل شخصي فعال يساعدنا في تلبية احتياجاتنا وتطوير علاقات صحية مع الآخرين.
وتستخدم هذه المهارة للتعبير عما تريد ورفض ما لا تريد، وبدل الدخول في جدال وتبادل التهم بين الطرفين وقت الخلاف، فإنها تساعدك على توضيح حقائق الموقف، وما شعرت به، وما تود أن يحدث أو لا يحدث حتى تكون في حالة أفضل، وكيف يمكن تجنب الخلاف لاحقا. وتسمى المهارة باللغة الإنجليزية "دير مان" (DEAR MAN)، ويعبر كل حرف عن خطوة من الخطوات السبع، وفي ما يلي نتعرف على المهارة وخطواتها وكيفية تطبيقها.
صف
أولا- صف الموقف للشخص الآخر، واذكر الحقائق فقط، من دون تفسير ما حدث، أو إضافة رأيك وأحكامك الشخصية، أو افتراضاتك عن الآخر، فقط أخبر الشخص عن الموقف كأنك تعرضه له. على سبيل المثال؛ إذا كان لديك موعد مع صديقك، وتأخر عن الوقت المحدد من دون الاعتذار أو الاتصال بك وإخبارك أنه سيتأخر، كيف ستعبر له عن ذلك؟ يمكنك أن تقول له "لقد اتفقنا أن نلتقي الساعة 7، وأنت وصلت الساعة 8، ولم تخبرني أنك ستتأخر".
عبّر
ثانيا- عبر عن آرائك ومشاعرك تجاه الموقف، ولا تفترض أن الشخص الآخر يعرف ما تشعر به، وتذكر أن تعبر باستخدام "أنا شعرت"، ولا تستخدم "لقد جعلتني أشعر"، وتجنب اللوم. وللتعبير عما شعرت به ضمن المثال السابق، يمكنك القول "عندما تتأخر من دون اعتذار أو اتصال أشعر بعدم الاحترام، والانزعاج، والقلق".
أكّد
ثالثا- أكد نفسك عبر طلب ما تريد أو رفض ما لا تريد بوضوح، ولا تفترض أن يعرف الآخرون ما يدور داخلك، ويمكنك استخدم عبارات مثل "أريد/لا أريد"، وتجنب استخدام "يجب عليك/لا يجب عليك".
ولتأكيد نفسك ضمن المثال المذكور، يمكنك أن تقول "كنت أود/أفضل أن تتصل بي لإخباري أنك ستتأخر عن موعدنا".
عزّز
رابعا- عزز طلبك بتوضيح الإيجابيات التي ستعود على الشخص وعلى علاقتكما إذا قدم لك ما تريد. وإذا لزم الأمر، وضح أيضا العواقب السلبية لعدم الحصول على ما تريده وتحتاجه. وحسب المثال السابق، يمكنك إخبار صديقك "سأشعر بالتقدير ولن أكون قلقا أو منزعجا إذا اتصلت بي لإخباري أنك ستتأخر، ويجعلني ذلك أحب لقاءك أكثر".
ركّز
خامسا- كن يقظا وركز على أهدافك، ولا تتشتت في طلبات أو نقاشات أخرى، ولا تترك الطرف الآخر يستدرجك لموضوع جانبي. واستمر في طلب ما تريد أو رفض ما لا تريد مرارا وتكرارا مثل "الأسطوانة المشروخة"، فقط كرر الشيء نفسه. وإذا هاجمك الشخص الآخر أو حاول تغيير الموضوع، تجاهل تعليقاته الخارجية ومحاولة تشتيت انتباهك وتهديداته لك، ولا ترد على كلامه الهجومي أو الدفاعي، فقط استمر في توضيح وجهة نظرك وطلبك. وإذا أصر على طرح نقاش آخر، يمكنك الرد بإصرار بقول "سنعود لمناقشة ذلك لاحقا، ولكن الآن نحن نناقش هذه القضية". وفي المثال السابق، إذا حاول صديقك ذكر أشياء أخرى تزعجه منك، مثل قول "أنت أيضا تقوم بالرد متأخرا على رسائلي"، أو حاول التحجج بأي أعذار، فقط كرر ما تريده، وقل "أتفهم ما تقوله، ورغم ذلك أود أن تتصل بي وتخبرني إذا كنت ستتأخر".
ثق بنفسك
سادسا- حافظ على إظهار نفسك بشكل واثق وفعال، حتى ولو لم تكن تشعر بالثقة الكافية أو تشعر ببعض الخوف. استخدم نبرة صوت ولغة جسد واثقة، وحافظ على النظر للشخص الآخر، ولا تتلعثم أو تهمس أو تحدق في الأرض أو أي شيء حولك، ولا تتراجع عن طلبك، واجعل ألفاظك مؤكدة، وتجنب استخدام كلمات مثل "ربما" أو "لست متأكدا".
تفاوض
سابعا- كن واثقا ومرنا أيضا، واستعد للتفاوض والتنازل عن جزء من طلبك إذا لم يوافق الشخص الآخر على تقديم ما تريده لك، بشرط ألا يضر هذا التنازل هدفك، أو اقترح أن تحل المشكلة بطريقة أخرى، مع البقاء يقظا لأهدافك. ويمكنك تقليل طلبك للتوصل إلى حل وسط، مثل "إذا لم تستطع الاتصال بي، يمكنك إرسال رسالة لإبلاغي أنك ستتأخر"، أو "يمكنك التأخر 10 أو 15 دقيقة، ولكن أكثر من ذلك سأود أن تخبرني أنك ستتأخر". ويمكنك أيضا رمي الكرة في ملعب الطرف الآخر واطلب منه إيجاد حلول بديلة.
مهارة داخل المهارة
إذا احتد النقاش وتصرف الطرف الآخر بشكل سلبي وغير فعال، يمكنك استخدام المهارة مرة أخرى لمعالجة الموقف الجديد. صف ما يفعله الشخص الآخر وكيف يعطل النقاش بالهجوم عليك، ثم عبر عن شعورك، وأكد كيف تريد أن تكون المحادثة، وربما طلبت منه مواصلة المناقشة في وقت لاحق، ثم عزز توكيدك وذكّر الشخص الآخر بأنك لن تغير رأيك، وتفاوض معه إذا لزم الأمر، وافعل كل هذا بثقة ووعي. وإذا كنت تواجه مشكلة مع شخص ذي سلطة عليك مثل مديرك أو شخص يصعب النقاش معه، يمكنك التدرب مسبقا على المهارة، بتحضير ما تود قوله حسب الخطوات، وتدرب عليه لتصبح أكثر ثقة في نفسك. وبينما لا تضمن المهارة تماما تحقيق أهدافك، فإنها تزيد احتمالية حصولك على ما تريد، وتساعدك على التعامل مع المواقف الاجتماعية غير المريحة بشكل فعال، ومثل أي مهارة يجب ممارستها من أجل التمكن منها.