الصداقات... هل تضيف سعادة الى حياتك؟
في زمن مواقع التواصل زاد عدد الأصدقاء وبات الهدف تجميع أكبر عدد من الصداقات أو المتابعين، وهذا يختلف عن تمضية الوقت مع أصدقاء حقيقيين مقربين والذي بدوره ينعكس على مدى رضا الإنسان عن حياته الاجتماعية.
الأصدقاء يدخلون حياة الإنسان ويخرجون منها، لكن هناك عدد محدود يستمر بالعلاقة لفترة طويلة، فهم يتغيرون بين الحين والآخر، وتلعب الظروف دورا في ذلك، ولا يمكن الاستخفاف بأثر الصداقة على شعور المرء بالسعادة والراحة والرضا. لكن، هل تعدد الصداقات يجعل حياة الشخص أكثر سعادة؟ تقول اختصاصية الطب النفسي الدكتورة جنا علي زعبلاوي إن "كلمة صديق تعطى فقط للصديق الحقيقي، أما غير الحقيقي فهو لا يندرج تحت كلمة الصداقة، قد يكون زميل عمل أو زميل دراسة أو غيرها، لكن ليس صديقا، فالصداقة مأخوذة من الصدق".
وتتابع أن "الصديق شخص تسعد وأنت تقضي وقتك معه وتعرف أن حبك له وحبه لك ليسا مشروطين، تثق به ويثق بك، تجده ويجدك وقت الحاجة، وتعذره وتسامحه ويعذرك ويسامحك على تقصيرك، يقدرك ويتفهم اختلافك ويساعدك على تطوير نفسك، ويمكنك أن تكون على طبيعتك دون تكلف أمامه، فإن لم تكن العلاقة بهذه المواصفات فهي ليست صداقة حقيقية". وتوضح الدكتورة زعبلاوي أن "الصداقة ليست بالكم بل بالنوع، إذا كانت هذه الصداقات بالصفات التي ذكرت سابقا فإن أثرها يكون إيجابيا على الشخص، وبالتالي وجودها يحسّن إنتاجيته، أما إن لم تكن صداقة حقيقية فالتقليل منها أفضل". دور الأصدقاء الحقيقيين وتقول زعبلاوي إن "وجود أصدقاء حقيقيين يؤدي إلى وجود عنصر داعم دائم يخفف صعوبة ما قد يمر به المرء ويجعله أسهل وقعا عليه، كما أن وجوده قد يكون مكان الناصح فيخفف وقع ما قد يحصل دون تلك النصيحة، إضافة إلى أن الصديق الحقيقي يشجع صديقه في جميع نواحي حياته، الاجتماعية منها والنفسية والعملية".
وتختم بأن الصداقة بين الزوجين "من أجمل ما قد يكون، وهي علاقة الصداقة الحقيقية، والمنتصر الحقيقي في العلاقة هو من يصادق زوجته وتكون بالنسبة له بئر أسراره وملجأه والسند الذي يحتاجه والداعم المستمر ومنبع الحب الذي لا ينطفئ ومصدر التقدير والتشجيع". تكوين الصداقات حاجة من جهته، يقول استشاري الاجتماع الأسري مفيد سرحان إن "تكوين الصداقات حاجة للإنسان في جميع المراحل العمرية وفي جميع الظروف وفي الرخاء والشدة وفي الغنى والفقر، وبغض النظر عن طبيعة العمل أو المستوى الاجتماعي".
ويلفت إلى أن "كثيرا من الناس يتباهون بكثرة أصدقائهم وتنوعهم وهم يشعرون بالسعادة والراحة، فأينما يذهبون لهم صداقات حتى أن بعض الأشخاص ممن تقتضي طبيعة عملهم كثرة السفر والتنقل يحرصون على تكوين صداقات في أكثر من دولة، وهم لا يشعرون بالغربة". ويذكر سرحان أن "تعدد الصداقات مفيد للإنسان، لأن الصداقة حاجة ضرورية له شريطة أن تكون صداقات حقيقية قائمة على أسس سليمة، لأن الإنسان لا يستطيع أن يعيش بلا أصدقاء، فالصديق ملاذ يلجأ إليه الإنسان وقت الشدة، وهي تحتاج إلى عطاء". الصديق لا يأتي صدفة ويؤكد الاستشاري سرحان أن الحرص على زيادة عدد الأصدقاء لا يعني التساهل في مواصفات الصديق، ويقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- إن "المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل"، ويقول أيضا "يُحشر المرء مع من أحب". ويلفت إلى أن المعارف غير الأصدقاء، فبعض الأشخاص لديهم كثير من المعارف في العمل والحي وممن يتعاملون معهم، لكن ليس بالضرورة أنهم جميعا أصدقاء. ويتابع أنه من الحكمة أن يميز الشخص من هو الصديق الحقيقي الذي يلجأ إليه، وهذا لا يعيب الآخرين أو يقلل من أهميتهم، فالصديق الذي يجلب السعادة لصديقه ويفرج عنه همومه لا يأتي بالصدفة أو لأنه مرتبط معه بعلاقة عمل أو جيرة أو قرابة فقط، بل هو نتيجة اختيار وتجربة، فلا يجوز أن تترك الصداقة للصدفة حتى لا يندم الإنسان على صداقاته بعد فوات الأوان لأن الصديق رفيق للشخص في الدنيا. كيف تؤثر الصداقات على زواجك وعملك وصحتك؟
يرى إريك باركر مؤلف كتاب "اللعب جيدا مع الآخرين.. العلم المفاجئ وراء سبب كل ما تعرفه عن العلاقات، في الأغلب خاطئ" أن الصداقات تؤثر على زواجك وعملك وحتى صحتك على النحو التالي: الصداقة العميقة مع زوجتك تزيد الرضا الزوجي: إذا كنت تريد زواجا سعيدا فإن إنشاء صداقة متينة أولا أمر بالغ الأهمية، وكتب باركر أن 70% من رضا الزوجين يرجع إلى صداقتهما، وفقا لأبحاث غالوب. وأولئك الذين يعتبرون أن زوجاتهم هن أفضل صديق لهم يحصلون على ما يقارب ضعف الرضا عن الحياة من الزواج من أولئك الذين لا يفعلون ذلك، وفقا لبحث من المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية. الصداقة مع رئيسك في العمل: هذه الصداقة تجعل العمل أكثر متعة، ويلاحظ باركر أن أولئك الذين يرون أن مديرهم "صديق مقرب" هم أكثر عرضة بمقدار 2.5 مرة للاستمتاع بعملهم. الصداقات مع زملاء العمل: هذه الصداقات لها القدرة على تغيير نظرتك للحياة، اسأل نفسك: هل لديك 3 أصدقاء في العمل؟ يقول باركر "من المرجح أن تشعر بالسعادة بنسبة 96% في حياتك". الصداقات الهادفة تساعدك على العيش لفترة أطول: كتب باركر أن الوحدة يمكن أن تكون قاتلة، ومع ذلك فإن الشريك الرومانسي ليس هو الحل دائما. ويختم باركر "قارنت دراسة أجريت عام 2006 لمريضات سرطان الثدي اللواتي لديهن 10 أصدقاء مقربين بأولئك اللاتي لم يكن لديهن هذا العدد من الأصدقاء، وكانت النتيجة أنه في المجموعة الأولى تضاعفت لدى المرأة فرصة للبقاء 4 مرات، ولكن الأكثر إثارة للدهشة أن الزوج لم يكن له أي تأثير".